ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻷﻣﻴﻦ ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ ، ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﻛﺮﻣﻚ ﻭﻋﻈﻴﻢ ﻓﻀﻠﻚ ﻳﺎ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﻷﻛﺮﻣﻴﻦ . . . ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ :
ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻮﻑ ﻧﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻌﺪ ﺃﻳﺎﻡ ﻗﻼﺋﻞ ، ﻳﻮﻣﺎً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ، ﻳﻮﻣﺎً ﻣﺸﻬﻮﺩﺍً ، ﺃﻻ ﻭﻫﻮ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ، ﻭﺑﻌﺪﻩ ﺳﻴﻘﺪﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﻴﺪ ﺍﻷﺿﺤﻰ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ، ﻭﻫﻮ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺤﺞ ﺍﻷﻛﺒﺮ ، ﻭﻳﻮﻡ ﺍﻟﻨﺤﺮ ، ﻭﻟﻜﻞٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﻦ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺗﺨﺼﻪ ، ﻭﻟﻌﻠﻨﺎ ﻧﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻰ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﻢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ، ﻭﻳﺮﻳﺪ ﺗﺤﺮﻳﻬﺎ ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ، ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺒﺎﺩﺗﻪ ﻟﺮﺑﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺑﺼﻴﺮﺓ ﻭﻫﺪﻯ ﻭﻧﻮﺭ ، ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻡ ، ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺼﻴﺎﻡ ، ﻓﺄﻗﻮﻝ ﺑﺎﺩﺉ ﺫﻱ ﺑﺪﺀ ، ﻟﻠﺼﻴﺎﻡ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻭﻣﺰﺍﻳﺎ ﻛﺜﻴﺮﺓ ، ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ﻭﺗﻘﺼﻴﻬﺎ ، ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ ، ﻓﻔﻲ ﺻﻴﺎﻡ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻘﻮﻟﻪ : " ﻓﻤﻦ ﺗﻄﻮﻉ ﺧﻴﺮﺍً ﻓﻬﻮ ﺧﻴﺮ ﻟﻪ " [ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ] ، ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺟﻞ ﺷﺄﻧﻪ : " ﻭﺍﻓﻌﻠﻮﺍ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻟﻌﻠﻜﻢ ﺗﻔﻠﺤﻮﻥ " [ ﺍﻟﺤﺞ ] ﻓﻜﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺗﻘﺮﺑﺎً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﻌﺒﺪﺍً ﻟﻪ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻷﺟﺮ ﻭﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻓﻌﻄﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻣﻤﺴﻚ ﻟﻪ ، ﻭﺛﻮﺍﺑﻪ ﻻ ﺣﺪﻭﺩ ﻟﻪ ، ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻜﺜﺮ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻳﺮﺟﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺣﺪ ﺃﻣﺮﻳﻦ :
ﺍﻷﻭﻝ : ﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ :
ﻓﺼﻴﺎﻡ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ، ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﺗﻄﻮﻉ ﺑﻪ ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻪ ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ ، ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ ﻣﺤﺒﻂ ﻟﻸﻋﻤﺎﻝ ﻣﺪﺧﻞ ﻟﻠﻨﻴﺮﺍﻥ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ، ﻓﺎﻟﻌﺒﺪ ﻣﺄﻣﻮﺭ ﺑﺎﻹﺧﻼﺹ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﻭﻣﺎ ﺃﻣﺮﻭﺍ ﺇﻻ ﻟﻴﻌﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺨﻠﺼﻴﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﻨﻔﺎﺀ " [ ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﻭﻗﺪﻣﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻓﺠﻌﻠﻨﺎﻩ ﻫﺒﺎﺀً ﻣﻨﺜﻮﺭﺍً " [ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻌﺎﺟﻠﺔ ﻋﺠﻠﻨﺎ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻧﺸﺎﺀ ﻟﻤﻦ ﻧﺮﻳﺪ ﺛﻢ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻟﻪ ﺟﻬﻨﻢ ﻳﺼﻼﻫﺎ ﻣﺬﻣﻮﻣﺎً ﻣﺪﺣﻮﺭﺍً * ﻭﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﺳﻌﻰ ﻟﻬﺎ ﺳﻌﻴﻬﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﺆﻣﻦ ﻓﺄﻭﻟﺌﻚ ﻛﺎﻥ ﺳﻌﻴﻬﻢ ﻣﺸﻜﻮﺭﺍً " [ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ : " ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺯﻳﻨﺘﻬﺎ ﻧﻮﻑ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻻ ﻳﺒﺨﺴﻮﻥ * ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺇﻻ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺣﺒﻂ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺑﺎﻃﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ " [ ﻫﻮﺩ ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﺃﻧﺎ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺀ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻟﻲ ﻋﻤﻼً ﺃﺷﺮﻙ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮﻱ ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻨﻪ ﺑﺮﻱﺀ ﻭﻫﻮ ﻟﻠﺬﻱ ﺃﺷﺮﻙ " [ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ] ، ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻫﻞ ﺳﻴﻨﻔﻌﻚ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻭﺿﻌﺖ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻙ ﻭﻳﻮﻡ ﻣﺤﺸﺮﻙ . ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺣﺠﺔ ﻻ ﺭﻳﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﺳﻤﻌﺔ " [ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﺮﻗﻢ 1313 ] .
ﻓﻌﻤﻮﻣﺎً ﻓﺼﻮﻡ ﺍﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ﻟﻪ ﻣﺰﺍﻳﺎ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻤﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﺒﺎﻋﺪ ﻭﺟﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ، ﻭﻳﺤﺠﺒﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻳﺤﺎﺝ ﺻﻮﻣﻪ ﻋﻨﻪ ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﻳﺼﻮﻡ ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺑﺎﻋﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻦ ﻭﺟﻬﻪ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺧﺮﻳﻔﺎً " [ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ] ، ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﻌﺒﺪ ، ﻭﻳﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻭﻣﻜﺎﻧﺔ ﺭﻓﻴﻌﺔ ﻳﺤﻈﻰ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻪ ﻓﻤﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﺇﻻ ﻭﻳﺤﺒﻪ ﺭﺑﻪ ، ﻭﻣﻦ ﺃﺣﺒﻪ ﺭﺑﻪ ﻭﺿﻊ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻋﺒﺪﻱ ﻳﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻲ ﺑﺎﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﺣﺘﻰ ﺃﺣﺒﻪ " . ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻟﻴﺲ ﻣﻘﺎﻡ ﺫﻛﺮ ﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﻣﺰﺍﻳﺎ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻟﻐﺮﺽ ﺁﺧﺮ .
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺟﺒﺮ ﺍﻟﺨﻠﻞ ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ :
ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﻳﺨﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺧﻄﺄ ﻭﻧﻘﺺ ﻭﻣﻌﺼﻴﺔ ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﺗﻜﻤﻞ ﺍﻟﻨﺎﻗﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﻮﻡ ، ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﻜﺮﻭﻫﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻗﺪ ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﺎﺋﻢ ﺍﻟﻔﺮﻳﻀﺔ ﺗﻨﻘﺺ ﺃﺟﺮ ﺻﻮﻣﻪ ، ﻓﺸﺮﻋﺖ ﺍﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ﻟﺴﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﻭﺗﺮﻗﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﻠﻞ .
ﻓﻜﻞ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺧﻄﺎﺀ ، ﻭﺍﻟﻜﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﻭﺍﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ، ﻓﺸﺮﻉ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﻟﺠﺒﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻘﺺ ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﺗﻜﻤﻞ ﺑﻪ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ " [ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﺷﺎﻛﺮ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﺴﻨﺪ ] ، ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﺍﻷﺟﺮ ، ﻭﺗﺤﺼﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ، ﻭﻻ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻭﺍﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺒﺎﺕ ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺐ ، ﻣﺜﻞ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ . ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﺎﻡ ﻭﺃﺷﻬﺮ ﺭﻏﺐ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﻱ ﺻﻴﺎﻣﻬﺎ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﺮ ﻭﻣﺜﻮﺑﺔ ، ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﺻﻮﻡ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ . ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ :
ﻓﻀﻞ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﻪ :
ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻦ ﺫﻱ ﺍﻟﺤﺠﺔ ، ﻭﻗﺪ ﺃﺟﻤﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﻳﺎﻡ ، ﻭﻓﻀﻞ ﺻﻴﺎﻡ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ، ﺟﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ :" ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﻪ ﺃﺣﺘﺴﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻔﺮ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻌﺪﻩ " [ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ] . ﻓﺼﻮﻣﻪ ﺭﻓﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ، ﻭﺗﻜﺜﻴﺮ ﻟﻠﺤﺴﻨﺎﺕ ، ﻭﺗﻜﻔﻴﺮ ﻟﻠﺴﻴﺌﺎﺕ .
ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻜﻔﺮ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ :
ﻓﻌﻤﻮﻣﺎً ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻟﻠﺤﺎﺝ ﺃﻣﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﻓﻴﺴﺘﺤﺐ ﻟﻪ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﻫﻮ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺳﻨﺔ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﺳﻨﺔ ﺑﻌﺪﻩ . ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ، ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﺼﻐﺎﺋﺮ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ، ﻭﺗﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﺼﻐﺎﺋﺮ ﻣﺸﺮﻭﻃﺎً ﺑﺘﺮﻙ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﺇﻥ ﺗﺠﺘﻨﺒﻮﺍ ﻛﺒﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﺗﻨﻬﻮﻥ ﻋﻨﻪ ﻧﻜﻔﺮ ﻋﻨﻜﻢ ﺳﻴﺌﺎﺗﻜﻢ " [ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ] ، ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﺨﻤﺲ ﻭﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻭﺭﻣﻀﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻟﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﺟﺘﻨﺒﺖ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ " [ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ] .
ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻟﻠﺤﺎﺝ :
ﻓﻴﺴﺘﺤﺐ ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﻪ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻔﺮﻍ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻭﻻ ﻳﻨﺸﻐﻞ ﻓﻜﺮﻩ ﻭﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ﻭﺗﺠﻬﻴﺰ ﺫﻟﻚ ، ﻓﻴﺄﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺟُﻞ ﺍﻟﻮﻗﺖ ، ﻭﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ :" ﻧﻬﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻦ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺑﻌﺮﻓﺔ " [ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻭﻓﻲ ﺻﺤﺘﻪ ﻧﻈﺮ ] ، ﻭﺃﻳﻀﺎً ﻣﺜﻠﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻄﺒﺮﺍﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺎﻝ : " ﻧﻬﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻦ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺑﻌﺮﻓﺎﺕ " ، ﻭﻳﻌﻀﺪﻫﻤﺎ ﺣﺪﻳﺚ : " ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺷﻜﻮﺍ ﻓﻲ ﺻﻮﻣﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ، ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻘﺪﺡ ﻣﻦ ﻟﺒﻦ ﻓﺸﺮﺑﻪ ﺿﺤﻰ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ " [ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ] .
ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺷﻚ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺻﻮﻡ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺟﺎﺀﻩ ﻗﺪﺡ ﻟﺒﻦ ﻓﺸﺮﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺼﻢ ، ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺃﻥ ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻟﻠﺤﺎﺝ ﻣﺤﺮﻡ ، ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻠﺘﺤﺮﻳﻢ ، ﻭﻛﺮﻩ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﺁﺧﺮﻳﻦ ، ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺪﻳﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻓﻄﺎﺭ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺑﻌﺮﻓﺔ . ﺍﻧﺘﻬﻰ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﻨﺬﺭﻱ : ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺑﻌﺮﻓﺔ ، ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ : ﻟﻢ ﻳﺼﻤﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، ﻭﻻ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ، ﻭﻻ ﻋﻤﺮ ، ﻭﻻ ﻋﺜﻤﺎﻥ ، ﻭﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺻﻮﻣﻪ . ﻭﻟﻔﻈﻪ ﻋﻨﺪ ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺯﺍﻕ : " ﺣﺠﺠﺖ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻠﻢ ﻳﺼﻢ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ، ﻭﺣﺠﺠﺖ ﻣﻊ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻓﻠﻢ ﻳﺼﻤﻪ ، ﻭﺣﺠﺠﺖ ﻣﻊ ﻋﻤﺮ ﻓﻠﻢ ﻳﺼﻤﻪ ، ﻭﺣﺠﺠﺖ ﻣﻊ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻓﻠﻢ ﻳﺼﻤﻪ ، ﻭﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺻﻮﻣﻪ ، ﻭﻻ ﺁﻣﺮ ﺑﻪ ، ﻭﻻ ﺃﻧﻬﻰ ﻋﻨﻪ " [ 4/285 ] .
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻄﺎﺀ : ﻣﻦ ﺃﻓﻄﺮ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻟﻴﺘﻘﻮﻯ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻣﺜﻞ ﺍﺟﺮ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ . [ ﻣﺼﻨﻒ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ 4/284 ] .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ : ﻭﻣﻤﻦ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺤﺒﺎﺏ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﻟﻤﻦ ﺑﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻣﺎﻟﻚ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ، ﻭﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ ﻭﻋﺜﻤﺎﻥ ﻭﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ ، ﻭﻗﺎﻝ : ﻫﻮ ﺃﻋﺪﻝ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻋﻨﺪﻱ .
ﺻﻮﻡ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﻟﻤﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻀﺎﺀ :
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﺑﺎﻟﺼﻮﻡ ﻗﺒﻞ ﻗﻀﺎﺀ ﺭﻣﻀﺎﻥ .
ﻓﺬﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﺑﺎﻟﺼﻮﻡ ﻗﺒﻞ ﻗﻀﺎﺀ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻛﺮﺍﻫﺔ ، ﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻻ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ، ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ : ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﻟﻜﺮﻩ ، ﻷﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺄﺧﻴﺮﺍ ﻟﻠﻮﺍﺟﺐ ﻋﻦ ﻭﻗﺘﻪ ﺍﻟﻀﻴﻖ .
ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻮﺍﺯ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﺔ ، ﻟﻨﺎ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺪﺳﻮﻗﻰ : ﻳﻜﺮﻩ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﺑﺎﻟﺼﻮﻡ ﻟﻤﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﻮﻡ ﻭﺍﺟﺐ ، ﻛﺎﻟﻤﻨﺬﻭﺭ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ .ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺻﻮﻡ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻏﻴﺮ ﻣﺆﻛﺪ ، ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﻣﺆﻛﺪﺍً ، ﻛﻌﺎﺷﻮﺭﺍﺀ ﻭﺗﺎﺳﻊ ﺫﻱ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ .
ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﺑﺎﻟﺼﻮﻡ ﻗﺒﻞ ﻗﻀﺎﺀ ﺭﻣﻀﺎﻥ ، ﻭﻋﺪﻡ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻭﻟﻮ ﺍﺗﺴﻊ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ، ﻭﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺎﻟﻔﺮﺽ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻀﻴﻪ ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻧﺬﺭ ﺻﺎﻣﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﺃﻳﻀﺎ، ﻟﻤﺎ ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ (( ﻣﻦ ﺻﺎﻡ ﺗﻄﻮﻋﺎً ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺷﻲﺀ ﻟﻢ ﻳﻘﻀﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻮﻣﻪ )) [ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ] ، ﻭﻗﻴﺎﺳﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺞ . ﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﺟﻮﺍﺯ ﺃﻥ ﻳﺤﺞ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻩ ﺃﻭ ﺗﻄﻮﻋﺎً ﻗﺒﻞ ﺣﺞ ﺍﻟﻔﺮﻳﻀﺔ . [ ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ 28 / 100 ] .
ﻭﻫﺬﺍ ﺳﺆﺍﻝ ﻭﺭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻹﻓﺘﺎﺀ :
ﻫﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻠﺸﺨﺺ ﺃﻥ ﻳﺸﺮﻙ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻭ ﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﺣﺪ ، ﻓﻤﺜﻼً ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻀﺎﺀ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﺟﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻮﻡ ﻭﻗﻔﺔ ﻋﺮﻓﺔ ، ﻓﻬﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻨﻮﻱ ﺻﻴﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻧﻴﺘﻪ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﻧﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﻨﺎﻓﻠﺔ ؟
ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ : ﻻ ﺣﺮﺝ ﺃﻥ ﻳﺼﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﻳﺠﺰﺋﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺤﺺ ﻟﻪ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻀﻞ ﺻﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ، ﻟﻌﺪﻡ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ . ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻘﻀﻲ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ، ﻟﻴﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﻓﻀﻴﻠﺘﻴﻦ ، ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ، ﻭﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ . [ 10/397 – 398 ] .
ﻓﺄﻗﻮﻝ : ﻣﻦ ﺻﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺑﻘﺼﺪ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﺼﻴﺎﻣﻪ ﺻﺤﻴﺢ ، ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﻪ ﺃﻻ ﻳﺆﺧﺮ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻮﺍﺋﺐ ﺍﻟﺪﻫﺮ ، ﻓﻨﻔﺲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﻣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺃﺟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻡ ، ﻓﻠﻴﺒﺎﺩﺭ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ، ﻷﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺣﻖ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ، ﻻ ﺗﺒﺮﺃ ﺑﻪ ﺫﻣﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ، ﻓﺎﻷﺣﻮﻁ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺒﺎﺩﺭ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﺛﻢ ﻳﺘﻄﻮﻉ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﺷﺎﺀ ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﺍﻗﻀﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺃﺣﻖ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎﺀ " [ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﻴﺢ ] ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : " ﻓﺪﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺣﻖ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ " [ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ، ﺍﻧﻈﺮ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﺸﺮﺡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ 7/266 ] .
ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻭﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ :
ﺇﺫﺍ ﻭﺍﻓﻖ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﺃﻭ ﻳﻮﻡ ﻋﺎﺷﻮﺭﺍﺀ ﻳﻮﻡ ﺟﻤﻌﺔ ﺟﺎﺯ ﺇﻓﺮﺍﺩﻩ ﺑﺎﻟﺼﻮﻡ ، ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻋﻦ ﺇﻓﺮﺍﺩ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﺑﺪﻭﻥ ﺳﺒﺐ ﻭﻟﻜﻮﻧﻪ ﻳﻮﻡ ﺟﻤﻌﺔ ، ﺃﻱ ﺗﻌﻈﻴﻤﺎً ﻟﻪ ﺃﻭ ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ﺫﻟﻚ ، ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺻﺎﻣﻪ ﻷﻣﺮ ﺁﺧﺮ ﺭﻏﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﺣﺚ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻤﻤﻨﻮﻉ ، ﺑﻞ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻭﻟﻮ ﺃﻓﺮﺩﻩ ﺑﺎﻟﺼﻮﻡ ، ﻭﻟﻮ ﺻﺎﻡ ﻳﻮﻣﺎً ﻗﺒﻠﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻴﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ ﻛﺎﻥ ﺃﻓﻀﻞ ، ﻋﻤﻼً ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺜﻴﻦ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ، ﺃﻣﺎ ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﺑﻌﺪﻩ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻌﺪﻩ ﻳﻮﻡ ﻋﻴﺪ ﺍﻟﻨﺤﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﺤﺮﻡ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺣﺠﺎﺟﺎً ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻡ ﻏﻴﺮ ﺣﺠﺎﺝ ﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻣﻴﻦ : ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﻭﻳﻮﻡ ﺍﻟﻨﺤﺮ " [ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ] ، ﻭﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪ ﻣﻮﻟﻰ ﺍﺑﻦ ﺍﻷﺯﻫﺮ ﻗﺎﻝ : " ﺷﻬﺪﺕ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻣﻊ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ، ﻓﺠﺎﺀ ﻓﺼﻠﻰ ، ﺛﻢ ﺍﻧﺼﺮﻑ ﻓﺨﻄﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﻓﻘﺎﻝ : ﺇﻥ ﻫﺬﻳﻦ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﻧﻬﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻦ ﺻﻴﺎﻣﻬﻤﺎ ؟ ﻳﻮﻡ ﻓﻄﺮﻛﻢ ﻣﻦ ﺻﻴﺎﻣﻜﻢ ، ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻳﻮﻡ ﺗﺄﻛﻠﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻧﺴﻜﻜﻢ " [ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ] ، ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ ﻭﺗﺤﺮﻳﻤﻪ .
ﻭﻗﺪ ﺃﺟﻤﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻳﻢ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻣﻲ ﺍﻟﻌﻴﺪﻳﻦ ، ﻧﻘﻞ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﻓﻘﺎﻝ : " ﻭﺃﺟﻤﻌﻮﺍ ﺃﻥ ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻔﻄﺮ ، ﻭﻳﻮﻡ ﺍﻟﻨﺤﺮ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ : [ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﺹ72 ] . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮﺓ : " ﻭﺃﺟﻤﻌﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻌﻴﺪﻳﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﺻﻮﻣﻬﻤﺎ ، ﻭﺃﻧﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﺰﺋﺎﻥ ﺇﻥ ﺻﺎﻣﻬﻤﺎ ﻻ ﻋﻦ ﻓﺮﺽ ﻭﻻ ﻧﺬﺭ ﻭﻻ ﻗﻀﺎﺀ ﻭﻻ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻭﻻ ﺗﻄﻮﻉ " [ ﺍﻹﻓﺼﺎﺡ 3/174 ] . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ : ﺃﺟﻤﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻣﻲ ﺍﻟﻌﻴﺪﻳﻦ ﻣﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ ، ﻣﺤﺮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﻭﺍﻟﻨﺬﺭ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ، ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ .
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺻﻴﺎﻡ ﺍﻟﺘﻄﻮﻉ ﻛﺎﻻﺛﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﺨﻤﻴﺲ ﺃﻭ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺒﻴﺾ ﺇﺫﺍ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻖ ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺫﻱ ﺍﻟﺤﺠﺔ ، ﻟﺤﺪﻳﺚ ﻧﺒﻴﺸﺔ ﺍﻟﻬﺬﻟﻲ ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻖ ﺃﻳﺎﻡ ﺃﻛﻞ ﻭﺷﺮﺏ ﻭﺫﻛﺮ ﻟﻠﻪ " [ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﻏﻴﺮﻩ ] ، ﻭﻟﻢ ﻳﺮﺧﺺ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻣﻬﺎ ﺇﻻ ﻟﻠﺤﺎﺝ ﺍﻟﻤﺘﻤﺘﻊ ﻭﺍﻟﻘﺎﺭﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻬﺪﻱ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺼﻮﻡ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻳﺎﻡ ، ﺛﻼﺛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺞ ﻭﺳﺒﻌﺔ ﺇﺫﺍ ﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ ، ﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ : " ﻟﻢ ﻳﺮﺧﺺ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻖ ﺃﻥ ﻳﺼﻤﻦ ﺇﻻ ﻟﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﻬﺪﻱ " [ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ] ﻭﻗﻮﻟﻬﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺮﺧﺺ ﺍﻟﻘﻮﻝ : ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺍﻷﻣﺮ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﺮﺧﻴﺺ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻭﺻﻼﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ :
ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﻗﺪ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻜﻢ ﻫﺬﺍ ﻋﻴﺪﺍﻥ ، ﻓﻤﻦ ﺷﺎﺀ ﺃﺟﺰﺃﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ، ﻭﺇﻧﺎ ﻣﺠﻤِّﻌﻮﻥ " ، ﻓﺎﻟﺴﻨﺔ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻭﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻣﻌﺎً ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ، ﻷﻧﻪ ﻳﻮﻡ ﺟﻤﻌﺔ ﻓﺎﻷﻓﻀﻞ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﺼﻼﺗﻴﻦ ﺟﻤﻴﻌﺎً ، ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﺿﺤﺎً ﺟﻠﻴﺎً ﻭﻇﺎﻫﺮﺍً ﺑﻴﻨﺎً ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : " ﻭﺇﻧﺎ ﻣﺠﻤِّﻌﻮﻥ " ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﺼﻼﺗﻴﻦ ، ﻷﻥ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﻴﺪ ، ﻓﺮﺽ ﻛﻔﺎﻳﺔ ، ﻭﻗﻴﻞ ﻓﺮﺽ ﻋﻴﻦ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻣﺮ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﻟﺨﺪﻭﺭ ﻭﺍﻟﺤﻴﺾ ﺑﺤﻀﻮﺭ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻭﺃﻥ ﻳﺠﺘﻨﺒﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﻰ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ، ﻟﻜﻦ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻓﺮﺽ ﻛﻔﺎﻳﺔ ، ﻟﻜﻦ ﺃﻗﻮﻝ : ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺟﻮ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﺨﺸﻰ ﻋﻘﺎﺑﻪ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﻁ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻌﻴﺮﺓ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺭﻣﺰ ﻭﺷﻌﺎﺭ ﻣﻦ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ، ﻓﻬﺐ ﺃﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﺤﻀﺮ ﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﺽ ﻋﻴﻦ ، ﻭﺳﺄﻟﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻦ ﻋﺪﻡ ﺣﻀﻮﺭﻙ ﻟﻬﺎ ، ﻓﻴﺎ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻭﻳﺎ ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﺣﺎﻓﻈﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ، ﻭﺍﻫﺘﻤﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﻭﻋﻈﻤﻮﻫﺎ ﺑﺘﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﺎ .
ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺍﻓﻖ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻳﻮﻡ ﺟﻤﻌﺔ ، ﻓﺎﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺣﻀﺮ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﺃﺟﺰﺃﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﺘﺴﻘﻂ ﻋﻨﻪ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ، ﻭﻳﺼﻠﻴﻬﺎ ﻇﻬﺮﺍً ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ، ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻓﺎﺗﺘﻪ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻟﻌﺬﺭ ﻣﻦ ﻣﺮﺽ ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺟﻮﺑﺎً ﺃﻥ ﻳﺼﻠﻲ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﺘﺠﺐ ﻓﻲ ﺣﻘﻪ ﺍﻟﺼﻼﺗﻴﻦ ، ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﻴﺪ ، ﻭﺻﻼﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ . ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻘﻮﻡ ﺇﻻ ﺑﻪ .
ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻔﻀﻠﻪ ﻭﻣﻨﻪ ﻭﻛﺮﻣﻪ ﺃﻥ ﻳﻮﻓﻘﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ، ﻭﺃﻥ ﻳﻔﻘﻬﻨﺎ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻨﺎ ، ﻭﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻌﻨﺎ ، ﻭﺃﻥ ﻳﺰﻳﺪﻧﺎ ﻋﻠﻤﺎً ، ﻭﺃﻥ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻫﺪﺍﺓ ﻣﻬﺘﺪﻳﻦ ﻏﻴﺮ ﺿﺎﻟﻴﻦ ﻭﻻ ﻣﻀﻠﻴﻦ ، ﺇﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺧﻴﺮ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻭﺧﻴﺮ ﻣﺄﻣﻮﻝ ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ، ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ، ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ .
ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ ﻋﺮﻓﺔ