موضوع: كنّتُ صغيراً على القهوة 29/11/2012, 1:37 pm
كنّتُ صغيراً على القهوة . .
كنّتُ صغيراً على القهوة لكنْ ذاتَ مرةْ ذقتُ فنجانَ أبي قلتُ: أبي هذه القهوةُ مُرًةْ يا أبي باللهِ سُكًرْ قال دعها لستَ مجبرْ قال جدي باسماً: مازال طفلاً وأخي الأصغرُ يرمى غمزةً نحوي ويسخرْ وأنا من خجلي أصبحتُ أصغرْ *** كان فنجانُ أبي في المنتصفْ رفع الفنجان َ هوناً وارتشفْ رشفةً أولى.. وأخرى في شغفْ ثم قال : يا بنيَ هذه القهوةُ تُدعى العربية قد ورثناها من التاريخ ِ سمراءَ نقية فتعلّمْ كيف تصبرْ كلَّ مرة يا بنيَ قهوةُ الأجدادِ حُرَّة أيُّ طعمٍ ٍ يتبقى عندما لا تصبحُ القهوةُ مُرَّة..!
***
هكذا الابتلاءات مرّة ، ولكن المؤمِن الحَق مَن يتكيف معها .. ألسنا نرى أن القهوة مرّة ؟ ومع هذه المرارة إلا أنّ الكثير يحبونها ! بل إنهم ليصِل بعضهم درجة الإدمان !! وبعضهم يستهويه شربها مع شيءٍ حالي ، برغم أنّ الحلا لا يحتاج لمرارة القهوة .. ولكن هكذا صارت الهواية ..
ألا ترون أن بعضهم يقول ( القهوة تعدّل المزاج ) ؟ فالبلاء كذلك يعدّل الإنسان ويصقل شخصيته ويهذّب حِدة طبعه .. ووالله ، مهما رأى الإنسان مُرَّ البلاء فإنّ رحمةَ الله أوسع .. وإنه ما اختار لعبده هذا الأمر إلا لصلاحِ أمره .
ألسنا نرى تفاوتًا في حُب القهوة المرة ؟ بين محبٍ وعاشقٍ ومدمن وكاره ! فالبلاء كذلك يختلِف تقبّل الناس له .. بين راضٍ محبٍ للرحمن ، وبين صابرٍ محبٍ للرحمن ، وبين ساخطٍ غير راضٍ عن ربه .
أوَليست القهوة العربية يُكره معها وضع السكر لأن حلاوته تُفسِد الطعم ؟ فكذلك البلاء .. يُكره معه ، ارتكاب معصية يتلذذ بها صاحبها ، ولكنه يُفسِد على نفسه ما في البلاء مِن جزاء .
أليست القهوة مهما كثرت كميتها وتضاعف .. لابدَّ لها أن تنتهي ؟ فالبلاء كذلك لا بدّ أن ينتهي .. وهذي سنّـة الرحمن وتدبيره .
وأخيرًا / أليس المسلم يحمد الله إذا شرِب القهوة برغم مرارتها ؟ فكذلك فليفعل إذا ذاق مرارة البلاء .. ولربما مرارةٌ تأتي ، يعقبها الله بأيام سرور