في الخارج تعم الفوضى والضجة... الناس مجتمعون... ينادون ويصرخون ويجهزون انفسهم للعرض الجديد.. ولكــن!! عكس ذلك كان في الداخل.. كانت الصالة هادئة كأنما ضرب على آذانها الموت.. إلا من صوت ضعيف يكاد يسمع بصعوبة.. هناك.. وعلى خشبة المسرح كانت تجلس فتاة لا تتجاوز التاسعة عشر من عمرها كانت الصالة معتمة.. والخشبة تمتلك فوقها ملاكاً يبكي.. من شدة الخوف ربما او من شدة الحزن..ولربما كان من شدة الفرح... =>قبل عدة ساعات من الآن... كانت الصالة تعج بالابطال الذين يقومون بالبروفات قبل العرض.. ولكن الفتاة كانت مرتبكة.. وتم تنبيهها من قبل المدرب عدة مرات.. كانت مشتتة الذهن لسبب ما..
نعود للأجواء الهادئة فوق الخشبة.. الفتاة تغمض عينيها وتبكي.. كانت تذكر تلك الآلام.. ولكن لمَ الآن يا راقصتنا.؟ لمَ تذكرين الآمك قبل العرض بأقل من ساعة؟؟ ربما هو شدة التوتر جعلتها تتذكر فشلها السابق.. تتذكر ما عانت من حزن عندما فشلت في رقصتها الأولى للباليه امام جمهور كبير... ألم طالما حملته في داخلها.. طالما تعبت من حمله فهو عبء كبير عليها... جرح في داخلها ارادت ان تشفى منه منذ زمن.. ولـــكن!!... أكان ذاك الجرح هو ذاك الفشل؟ ام ان هناك سر اخر ؟ فالفشل لا يعلم الا الاصرار والثبات.. اذا لمَ البكاء؟ ولم الجرح العميق يؤثر بها هكذا... في وسط احزانها ..وهي جالسة ع خشبة المسرح بين دموعها... احست بأحد يربت على كتفها ويقول لها : اشتقت اليكِ.. لم تصدق انها سمعت صوت احد... بدأت تقول لنفسها..:ربما اهذي..انا اتخيل انه عاد.. ولكن..تكرر الصوت مرة اخرى وبات يقول..: غاليتي اشتقت لرؤية رقصة الباليه التي احبها... اشتقت لرؤيتكِ تتمايلين على المسرح وتخطفين كل الأنظار بروعة ادائك.. تكررت تلك الكلمات كثيراً.. اجهشت بالبكاء لأنها مشتاقة لرؤيته ايضاً... لرؤية ابتسامته.. لتقوم برقصتها وهو ينظر اليها ويصفق لها بقوة وحماس.. بدأت تصرخ.. أرجــــــــوك.. لقد اشتقت اليك... كفى تعذيباً..لا استطيع التحمل... عد اليّ أرجــــــــــــوك... ملأ صوتها ارجاء المسرح... صوت ملئ بالدموع والشوق والحزن لألم الفراق.. وقف خياله بجانبها ورد بصوت يقول..: أنا معكِ دائماً يا حبيبتي... حتى وان كنت غير موجود بالواقع... فأنا موجود هـــنا... وبات يشير الى قلبها... فقدانكِ لي يجب ان يكون دافع لكِ... لأنكِ تعرفين اني اعشق رقص الباليه.. وبالذات عندما اراكِ فوق الخشبة برشاقتكِ الرائعة وعروضكِ المميزة.. انهضي... هـــــــــيا!!!! فنهضت وهي تشعر بوجوده حولها..في قلبها ...بالخارج...في كل مكان... احست به يمسك يداها...ويحاول جعلها تقف.. نهضت معه ووقفت... وقال لها..هيا اذهبي الى حلمكِ...ارتدي ثياب العرض.. المستقبل امامكِ يا ملاكي..هيا فأنا بجانبكِ الى الأبد... انا معكِ بقلبي وعقلي وروحي وكل ما املك... وسأكون هنا معكِ اين ما كنتِ.. وقفت وابتسمت واحست كأنما يد ساحر تحركها ... ذهبت لغرفة تبديل الملابس.. جهزت نفسها,, دقت اجراس الصالة لدخول المشاهدين.. دخل الجميع واستعدوا لأروع العروض التي ستقام في العالم... لأنها اروع فتاة عرفتها البشرية.. ملكة الاحساس..سيدة الجمال...عاشقة الإخلاص... لأنه فقط وبكل فخر..ذاك العرض..هو ... لـــهــــا... وبالفعل قدمت الفتاة اروع عرض شهده التاريخ.. لأنه كان دافعا من حبيب ذهب.. رحل عن الدنيا.. ومات بين يديها... كان خياله جالسا بين صفوف المتفرجين.. وكان يشاهد ملاكه وهو يتحرك ويتمايل على المسرح.. ويحقق حلم حياته الذي بناه واياه سوياً... غادر القاعة مبتسما...وقال... كــــم أحـــــبــــك...
||~
وحدها راقصة الباليه من تجيد الرقص على جروح الاخرين ،، بأطراف اناملها تتناغم على دقات موسيقية تحرك اطرافها وتضغط بشدة على جروحنا .. أتمنى لو اكون راقصة بالية متقنه لـ اقهر احزاني واعدائي بالرقص على جروحهم