توجّهت الطفلة ذات السادسة إلى غرفة نومها، وتناولت حصالة نقودها، ثم أفرغتها على الأرض، وأخذت تعد بعناية ما جمعته من نقود خلال الأسابيع الماضية، ثم همست فى سرها: «إنها بالتأكيد كافية، ولا مجال لأى خطأ». ثم تسللت إلى الصيدلية التى لا تبعد كثيرا عن منزلها.
كان الصيدلى مشغولاً بالحديث إلى شخص بجانبه، فحاولت لفت نظره. سألها بضيق: ماذا تريدين أيتها الطفلة؟ إننى أتحدث مع شقيقى القادم من شيكاغو، الذى لم أره منذ زمن طويل. فأجابته بحدة: شقيقى الصغير مريض جدا وبحاجة لدواء اسمه «معجزة»، وأريد أن أشترى له هذا الدواء!.
أجابها الصيدلى بشىء من الدهشة: عفواً، ماذا قلتِ؟!
فاستأنفت كلامها قائلة بكل جدية: شقيقى الصغير يشكو من مشكلة فى غاية السوء، يقول والدى إن هناك ورماً فى رأسه، لا تنقذه منه سوى «معجزة»، هل فهمتنى؟؟؟.. فكم هو ثمن «معجزة»؟.. أرجوك أفدنى حالاً!
أجابها الصيدلى مغيرا لهجته إلى أسلوب أكثر نعومة: أنا آسف، فأنا لا أبيع «معجزة» فى صيدليتى!
أجابته الطفلة ملحَّة: اسمعنى جيداً، فأنا معى ما يكفى من النقود لشراء الدواء، فقط قل لى كم هو الثمن!
كان شقيق الصيدلى يصغى للحديث، فتقدم من الطفلة سائلا: ما هو نوع الـ«معجزة» التى يحتاجها شقيقك؟
أجابته الفتاة بعينين مغرورقتين: لا أدرى، ولكن كل ما أعرفه أن شقيقى بحاجة إلى عملية جراحية، ولكن أبى أجابنى، بأنه لا يملك نقوداً تغطى هذه العملية، لذا قررت أن أستخدم نقودى!
سألها شقيق الصيدلى مبدياً اهتمامه: كم لديك من النقود يا صغيرة؟
فأجابته مزهوة: دولار واحد وأحد عشر سنتا.
أجابها مبتسماً: يا لها من مصادفة، هذا هو المبلغ المطلوب بالضبط ثمنا لـ«المعجزة»، ثم تناول منها المبلغ بيد وباليد الأخرى أمسك بيدها الصغيرة، طالبا منها أن تقوده إلى دارها ليقابل والديها.
لقد كان ذلك الرجل هو الدكتور كارلتون أرمسترونج، جراح الأعصاب المعروف. وقد قام الدكتور بإجراء العملية للطفل مجاناً، وكانت عملية ناجحة تعافى بعدها أندرو تماما.
بعد بضعة أيام، جلس الوالدان يتحدثان وقد غمرتهما السعادة، وقالت الوالدة فى سياق الحديث: حقا إنها معجزة!
ثم تساءلت: ترى كم تكلفت هذه العملية؟
رسمت الطفلة على شفتيها ابتسامة عريضة، فهى تعلم وحدها أن «معجزة» تكلفت بالضبط دولاراً واحداً وأحد عشر سنتاً.
عندما يكون حب الآخرين صادقاً ونابعاً من القلب. عندها فقط ستكون المعجزة.. ولن تكلف الكثير». :sfsdfsdf:
للدكــتور ايمــن الجنــدى