مـا أصدق السيف! إن لم ينضه الكذب | وأكـذب السيف إن لم يصدق الغضب |
بـيض الـصفائح أهـدى حين تحملها | أيـد إذا غـلبت يـعلو بـها الـغلب |
وأقـبح الـنصر... نصر الأقوياء بلا | فهم.. سوى فهم كم باعوا... وكم كسبوا |
أدهـى مـن الـجهل علم يطمئن إلى | أنـصاف ناس طغوا بالعلم واغتصبوا |
قـالوا: هـم الـبشر الأرقى وما أكلوا | شـيئاً.. كـما أكلوا الإنسان أو شربوا |
مـاذا جـرى... يـا أبا تمام تسألني؟ | عفواً سأروي.. ولا تسأل.. وما السبب |
يـدمي الـسؤال حـياءً حـين نـسأله | كـيف احتفت بالعدى (حيفا) أو النقب) |
مـن ذا يـلبي؟ أمـا إصـرار معتصم؟ | كلا وأخزى من (الأفشين) مـا صلبوا |
الـيوم عـادت عـلوج (الروم) فاتحة | ومـوطنُ الـعَرَبِ الـمسلوب والسلب |
مـاذا فـعلنا؟ غـضبنا كـالرجال ولم | نـصدُق.. وقـد صدق التنجيم والكتب |
فـأطفأت شـهب (الـميراج) أنـجمنا | وشـمسنا... وتـحدى نـارها الحطب |
وقـاتـلت دونـنا الأبـواق صـامدة | أمـا الـرجال فـماتوا... ثَمّ أو هربوا |
حـكامنا إن تـصدوا لـلحمى اقتحموا | وإن تـصدى لـه الـمستعمر انسحبوا |
هـم يـفرشون لـجيش الغزو أعينهم | ويـدعـون وثـوبـاً قـبل أن يـثبوا |
الـحاكمون و»واشـنطن« حـكومتهم | والـلامعون.. ومـا شـعّوا ولا غربوا |
الـقـاتلون نـبوغ الـشعب تـرضيةً | لـلـمعتدين ومــا أجـدتهم الـقُرَب |
لـهم شموخ (المثنى) ظـاهراً ولهم | هـوىً إلـى »بـابك الخرمي« ينتسب |
مـاذا تـرى يـا (أبا تمام) هل كذبت | أحـسابنا؟ أو تـناسى عـرقه الذهب؟ |
عـروبة الـيوم أخـرى لا يـنم على | وجـودها اسـم ولا لـون.ولا لـقب |
تـسـعون ألـفاً (لـعمورية) اتـقدوا | ولـلـمنجم قـالـوا: إنـنـا الـشهب |
قـبل: انتظار قطاف الكرم ما انتظروا | نـضج الـعناقيد لـكن قـبلها التهبوا |
والـيوم تـسعون مـليوناً ومـا بلغوا | نـضجاً وقـد عصر الزيتون والعنب |
تـنسى الـرؤوس العوالي نار نخوتها | إذا امـتـطاها إلـى أسـياده الـذئب |
(حـبيب) وافـيت من صنعاء يحملني | نـسر وخـلف ضلوعي يلهث العرب |
مـاذا أحـدث عـن صـنعاء يا أبتي؟ | مـليحة عـاشقاها: الـسل والـجرب |
مـاتت بصندوق »وضـاح«بلا ثمن | ولـم يمت في حشاها العشق والطرب |
كـانت تـراقب صبح البعث فانبعثت | فـي الـحلم ثـم ارتمت تغفو وترتقب |
لـكنها رغـم بـخل الغيث ما برحت | حبلى وفي بطنها (قحطان) أو(كرب) |
وفـي أسـى مـقلتيها يـغتلي (يمن) | ثـان كـحلم الـصبا... ينأى ويقترب |
»حـبيب« تسأل عن حالي وكيف أنا؟ | شـبابة فـي شـفاه الـريح تـنتحب |
كـانت بـلادك (رحلاً)، ظهر (ناجية) | أمـا بـلادي فـلا ظـهر ولا غـبب |
أرعـيت كـل جـديب لـحم راحـلة | كـانت رعـته ومـاء الروض ينسكب |
ورحـت مـن سـفر مضن إلى سفر | أضـنى لأن طـريق الـراحة التعب |
لـكن أنـا راحـل فـي غـير ما سفر | رحلي دمي... وطريقي الجمر والحطب |
إذا امـتـطيت ركـاباً لـلنوى فـأنا | فـي داخـلي... أمتطي ناري واغترب |
قـبري ومـأساة مـيلادي عـلى كتفي | وحـولي الـعدم الـمنفوخ والـصخب |
»حـبيب« هـذا صـداك اليوم أنشده | لـكن لـماذا تـرى وجـهي وتكتئب؟ |
مـاذا؟ أتعجب من شيبي على صغري؟ | إنـي ولـدت عجوزاً.. كيف تعتجب؟ |
والـيوم أذوي وطـيش الـفن يعزفني | والأربـعـون عـلى خـدّي تـلتهب |
كـذا إذا ابـيض إيـناع الـحياة على | وجـه الأديـب أضـاء الفكر والأدب |
وأنـت مـن شبت قبل الأربعين على | نـار (الـحماسة) تـجلوها وتـنتخب |
وتـجتدي كـل لـص مـترف هـبة | وأنـت تـعطيه شـعراً فـوق ما يهب |
شـرّقت غـرّبت من (والٍ) إلى (ملك) | يـحثك الـفقر... أو يـقتادك الـطلب |
طوفت حتى وصلت (الموصل) انطفأت | فـيك الأمـاني ولـم يـشبع لها أرب |
لـكـن مـوت الـمجيد الـفذ يـبدأه | ولادة مـن صـباها تـرضع الـحقب |
»حـبيب« مـازال فـي عينيك أسئلة | تـبدو... وتـنسى حـكاياها فـتنتقب |
ومـاتـزال بـحـلقي ألـف مـبكيةٍ | مـن رهبة البوح تستحيي وتضطرب |
يـكـفيك أن عـدانـا أهـدروا دمـنا | ونـحن مـن دمـنا نـحسو ونـحتلب |
سـحائب الـغزو تـشوينا وتـحجبنا | يـوماً سـتحبل مـن إرعادنا السحب؟ |
ألا تـرى يـا »أبـا تـمام« بـارقنا | (إن الـسماء تـرجى حـين تحتجب) |