جماليات البشر
تقول العرب في أبلغ مثل :
" سعة الأخلاق كنوز الأرزاق ", وكم يطيب الوقت وتزهر اللحظات وتحلو الحياة في ناظرينا كلما عشنا موقفاً لاح فيه الخلق الرفيع والروعة تكمن إن دوّنت مَوَاطن الجمال لتعتاد عليها ولتطلق عليها تسمية « جماليات البشر» تتلمذ عليها حتى تعتادها وتمتزج في كيانك وتغدو عطراً يجيء ويذهب بك
يقول أبو تمام:
فلم أجد الأخلاق إلاّ تخلقا
ولم أجد الأفضال إلاّ تفضلا
وهنا بعضٌ من جميل مواقف لأرقى البشر خلقاً, أذكرها هنا ليس للاستحسان والاستئناس أو الدعاية.. بل لنخطو حذوها ونحيا بجمالها:
1- ثابت القيم الساعي لرسوخها قولاً أو كتابة بلا جدال أو عتاب.. هدوءه الجميل هو الأبلغ تأثيراً, تجده مهما قوبل بالصد أو السدود والإقصاء يستخدم البدائل الممكنة بلا ضجة أو خنوع.. ( قوة حق)
2- إذا سئل عن خصمه أو أُخبر عن سيئ أساء إليه، أغلق السؤال والحديث بتهذيب جم وألمح بأنه سامح وأجمع بالدعاء له وللسائل ولذاته، سائراً على هدي الآية الكريمة:
{ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} .. (سمو غاية)
3- إذا لحظ الحزين وسمع أنين الشاكي سرح بحديث إلى واقع حوله لآخر هو أشد ألماً ووجعاً، وطيلة حديثه يذكِّر بالشواهد والأثر ليخفف عنه وبذات الوقت هو يبصره دون مصادرة للمشاعر أو إسفاف بالعقول.. (موضع حكمة)
4- من يحتفي بالقريب والغريب والصغير والكبير حفاوة متقاربة لا يتلوّن ولا يتبدّل، يخطو على خطى سيد الخلق ذا ثبات لا يخشى لومة لائم أو ما يشيع بأنه من غير المناسب وهو الخطأ بعينه !
(حضور حقيقي)
5-إذا أسديت له معروفاً حفظه ولم ينتظر حاجة لك ليردّها أو يقضيها عنك بل لبى لك أمراً يعلم أنّ فيه مطلباً لك وقد اجتهد في معرفة ذلك دون سؤالك مباشرة! (إنسان لا يُنسى)
6-يحسن الظن جهراً ويذكر صاحبه وفي ذلك يروى أنّ تابعياً قال لصاحبه إنّ قلبي لا يرتاح لفلان، فردّ عليه ولا أنا، ولكن ما يُدريك لعل الله طمس على قلوبنا فأصبحنا لا نحب الصالحين! (نجاة مضاعفة)
7- يستقبل يدك بالدعاء ويودعها بالدعاء وإذا ذكر أحدهم بحضرته ولو بالقليل دعا له بالكثير حتى ظننت أنه يعرفه وهو حتى لا يعرف اسمه. (بديع طهر)
8-إذا أخطأ أحدهم القول أعانه بهمس على تصويبه دون ضجّة، لأنه يدرك حكمة الحكيم الذي قال: تعثُّر الفم أصعب من تعثُّر القدم. (ناصح مغيّر)
9- البشارات فنها ودربها لا يأتي إليك إلاّ بخبر ذي نفع ويستنهض همّتك لفعله أو العون لتمامه أو الحديث به يرى الغنائم ويشاركك بها. (يَسِر ومُبارك)
إنّ في أخلاق البشر لعبر ودروس كثر ومن رام طيب الحياة وراحة الخاطر ارتقى بخلقه يتتلمذ من هذا وذاك جميل الفعال حتى يكون منهم..
أبصر «جماليات البشر» من حولك..
دَوِّنها وامض في أثرها.