قصيدة العراق
أبشرْ عراقُ ففي الغيوب وعودُ
وكأنها بشراكَ جاء العيدُ
تومي ليومٍ أنت فيه مظفر
ويحفُّه وهو الجليل سعود
والنصر أعظم ما يكون جلالةً
إن جاء وهو العفُّ والمحمود
ما لوثته شناءةٌ أو غدرةٌ
فذووهُ غُرٌّ أروعون وصيد
ولرُبَّ نصرٍ كان محضَ هزيمةٍ
وهزيمةٍ هي سؤددٌ وخلود
• • • •
أبشرْ عراقُ فإن مجدك راجعٌ
نضراً عليهِ من الجلالِ برود
والمجد أنت وأنت عنوانٌ له
ما لاح صبحٌ أو شدا غرّيد
وهفا الفراتُ لدجلةٍ وتلاقيا
صبّاً يلاقي الصبَّ وهو عميد
وتذكرتْ بغدادُ[1] سابقَ عزها
والسعدُ فيها طارفٌ وتليد
وخليفة الرحمن فيها سيد
يومي فتضطربُ الدنى وتميد
في راحتيه مراحمٌ وملاحمٌ
وأزمّة الدنيا إليه تعود
نقفور[2] إن غضب الخليفةُ راجفٌ
وكأنه في خوفه موؤود
واللحدُ من تُرْبٍ ولكنْ لحدُه
الصِّلُّ والأصفادُ والسَّفُّود
أوهامه غولٌ وملء فؤاده
جيش الرشيدِ يقودهُ صنديد
إن يدنُ منه مكبراً ومهللاً
فجيوشه قبل اللقاءِ تبيد
لا تعجبنَّ فَمُلْكُ هارونَ الدنى
والناسُ حتى الكارهون شهودُ
قل للغمامة[3] إن مررتِ بداره
شرقاً وغرباً والمآل بعيد
لن تخرجي عن داره وقراره
وله خراجُكِ والعصاةُ عبيد
• • • •
هارونُ في بغدادَ سيدةِ الدنى
القاصدُ الأفضالَ والمقصود
حسدته حتى الشمسُ في عليائها
جلَّ الحسودُ الشمسُ والمحسود
إني لأبصر في العراق أخاً له
سيعيد فيه مجده ويزيد
أنا لست أعرف ما اسمه لكنه
في نبعتيه سيد ورشيد
العبقرية فيه من عمرٍ أتتْ
ومن الإمام فداؤه المعهود
هادٍ ومهديٌّ يسيرُ به التقى
واليُمْنُ فَهْوَ الفارس المنشود
هو نخلةٌ وَهْوَ الفراتُ ودجلةٌ
والسيفُ يظفرُ والشجاعُ يذود
هو قادمٌ إني لأسمع خطوه
تسعى به بعد البروق رعود
في سيفه وجَنانه ولسانه
آيُ الكتاب الزهرُ والتمجيد
وعنايةُ الرحمن جل جلاله
تهديه فَهْوَ مبارك وسديد
سيكون مجدك يا عراق بظله
يمتد لا أفقٌ له وحدود
يأوي إليه العلم يزكو غرسه
ومغامرٌ ومجاهدٌ وشريد
يلقى النصارى واليهود أمانهم
فيه وبيضٌ قد أتوه وسود
والمسلمون حماتُهم ورعاتُهم
ولهم بذاك جدارةٌ وعهود
لم يعرف التاريخ أحفظ منهم
لعهوده والغاشيات حشود
• • • •
يا لائمي إن العراق بمجهتي
شوقٌ قديمٌ جمرُه وجديد
سكن العراقُ ملامحي وجوانحي
وجوارحي وأنا بذاك سعيد
وإذا نطقتُ فلهجتي من صنعه
وبيانيَ المنثورُ والمنضود
حتى وُصِفْتُ فقيل من أبنائه
وعدا عليّ وفي دمشقَ جَحود[4]
فضُربت ضرب الغارمين وتهمتي
أني العراقي اللاجئُ المطرود
وأنا الفخور بوصفهم لا ضربهم
فالوصف يحلو والضِرابُ يؤود
• • • •
إن العراقَ حضارةٌ وريادةٌ
وصهيل خيلٍ قد عدت وبنود
هو روضةٌ للطيبين حفيّةٌ
لكنّه للمعتدين لُحود
ما مرَّ خطبٌ أو عرتْهُ شدةٌ
إلا حلفتُ بأنه سيعود
وهو المظفّرُ رايةً ومكانةً
يعلو ويقتحم الدنى ويرود
إن السيادةَ فيه بعض خصالهِ
وبها أصوغُ قصيدتي وأشيد
• • • •
قلْ للعراقِ إذا أتيتَ عرينَه
واستقبلتك فوارسٌ وأسود
النصر أنت تصونه أخلاقه
جلّتْ ويعليه الهدى والجود
ستظل شمسَ الصيف في عليائها
والغيثَ يهمي والهُمامَ يقود
قسَماً ستظفر في غدٍ أو بعدَه
ظفراً جُذاهُ العدلُ والتوحيد
فيه نرى مجدَ الخلافةِ، والورى
خلفَ الخليفة رُكّعٌ وسجود