الفرزدق هو همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي وكنيته أبو فراس . وهو من
سلالة مضر بن نزار . شاعر من النبلاء و عظيم الأثر في اللغة وسمي الفرزدق
لضخامة وتجهم وجهه.
ولقبه الفرزدق ، ومعناها الرغيف ، لقب بذلك لجهامة كانت في وجهه ، وقيل لقبح
ودمامة ، إذ كان وجهه كالرغيف المحروق .
نشأة الفرزدق
الفرزدق شاعر أموي مشهور ، ولد في كاظمة في الكويت "حاليا" عام 38ه الموافق
سنة 658 م . نشأ في البصرة و نبغ في الشعر منذ صغره .
منزلة الفرزدق
الفرزدق من شعراء الطبقة الأولى من الأمويين ، ومن نبلاء قومه وسادتهم ، يقال أنه
لم يكن يجلس لوجبة وحده أبدا ، وكان يجير من استجار بقبر أبيه ، وجده صعصعة كان
محيي الموؤودات وهن البنات التي كانت تدفن قبل الإسلام في الجاهلية . وكان الفرزدق
كثير الهجاء ، إذ أنَّه اشتهر بالنقائض التي بينه وبين جرير الشاعر . حيث تبادل
الهجاء هو وجرير طيلة نصف قرن حتى توفي جرير سنة 732 م.
تنقل بين الأمراء والولاة يمدحهم ثم يهجوهم ثم يمدحهم .
الفرزدق وجرير وآل البيت
نظم في معظم فنون الشعر المعروفة في عصره وكان يكثر الفخر يليه في ذلك الهجاء ثم
المديح . مدح الخلفاء الأمويين بالشام ، ولكنه لم يدم عندهم لتشيعه لآل البيت. كان
معاصرا لالأخطل ولجرير الشاعرأيضا ، وكانت بينهما صداقة حميمة ، إلا أن النقائض
بينهما أوهمت البعض أن بينهم تحاسدا وكرها ، وانشعب الناس في أمرهما شعبتين لكل
شاعر منهما فريق ، ولجرير في الفرزدق رثاء جميل .
كانت للفرزدق مواقف محمودة في الذود عن آل البيت ، وكان ينشد بين أيدي الخلفاء
قاعدا . يقول أهل اللغة:
لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث العربية
كان مقدما في الشعراء ، وصريحا جريء ، يتجلى ذلك عندما يعود له الفضل في أحياء
الكثير من الكلمات العربية التي اندثرت. من قوله:
إذا مت فابكيني بما أنا أهله *** فكل جميل قلته فيّ يصدق
وكم قائل مات الفرزدق والندى*** وقائلة مات الندى والفرزدق
قدم هشام بن عبد الملك للحج برفقة حاشيته وقد كان معهم الشاعر العربي الفرزدق
وكان البيت الحرام مكتظاً بالحجيج في تلك السنه ولم يفسح له المجال للطواف فجلب له
متكأ ينتظر دوره وعندما قدم الامام زين العابدين علي بن الحسين بن ابي طالب عليهم
السلام انشقت له صفوف الناس حتى ادرك الحجر الاسود فثارت حفيظة هشام واغاضه
ما فعلته الحجيج للامام ع فسئله أحد مرافقيه فقال هشام بن عبد الملك لا اعرف!؟
فأجابه الشاعر العربي الفرزدق هذه القصيدة وهي اروع ماقاله الفرزدق:
هذا الذي تعرف البطحاء وطئته*** والبيت يعرفه والحلُّ والحرمُ
هذا بن خير عباد الله كُـلُّهمُ*** هذا التقي النقي الطاهرُ العلمُ
هذا بن فاطمةٍ انْ كنت جاهله*** بجده انبياء الله قد ختموا
وليس قولك منْ هذا؟بضائره ***العرب تعرف من انكرت والعجمُ
كلتا يديه غياثٌ عـمَّ نفعهما*** يستوكفان ولا يعروهما عـَدمُ
سهل الخليقة لاتخشى بوادره*** يزينه اثنان حِسنُ الخلقِ والشيمُ
حـمّال اثقال اقوام ٍ اذا امتدحوا*** حلو الشمائل تحلو عنده نعمُ
ما قال لاقط ْ الا في تشهده ***لولا التشهّد كانت لاءه نـعمُ
عـمَّ البرية بالاحسان فانقشعت ***عنها الغياهب والاملاق والعدمُ
اذا رأته قريش قال قائلها ***الى مكارم هذا ينتهي الكرمُ
يُغضي حياءً ويغضي من مهابته*** فلا يكلـُّم الا حين يبتســمُ
بكفـّهِ خيزرانُ ريحها عبق ***من كـف اروع في عرنينه شممُ
يكاد يمسكه عرفان راحته*** ركن الحطيم اذا ما جاء يستلمُ
الله شرّفه قدمـاً وعظـّمـه جرى*** بذاك له في لوحة القلمُ
ايُّ الخلائق ليست في رقابهمُ ***لأوّليـّه هذا اوله نِـعمُ
من يشكرِ الله يشكر اوّليـّه ذا*** فالدين من بيت هذا ناله الاممُ
ينمي إلى ذروة الدين التي قصرت ***عنها الاكف وعن احراكها القدمُ
من جده دان فضل الانبياء له*** وفضل امته دانت له الاممُ
مشتقة من رسول الله نبعته*** طابت مغارسه والخيم والشـيمُ
ينشق نور الدجى عن نور غرته*** كالشمس تنجاب عن اشراقها الظلمُ
من معشرٍ حبهم دينٌ وبغضهمٌ*** كفرٌ وقربهم منجى ومعتصـمُ
مقـدّمٌ بعد ذكر الله ذكرهمُ ***في كِلّ بدءٍ ومختوم به الكـلمُ
إن عـدَّ اهل التقى كانوا ائمتهم ***او قيل من خير اهل الارض قيل همُ
لا يستطيع جوادُ بعد جودهم ***ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث اذا ما ازمة ازمت*** والاسد اسدُ الشرى والبأس محتدم
لاينقص العسر بسطاً من اكفّهم ***سيّان ذلك إن اثروا وان عدموا
يستدفع الشرُّ والبلوى بحبّهم ***ويستربُّ به والاحسان والنعـمُ
وأيضا له قصائد في الحذر ومنها:
وأطلس عسال وما كان صاحبا *** دعوت بناري موهنا فأتناي
فلما دنا قلت ادن دونك إني ***وإياك في زادي لمشتركان
كان جد الفرزدق يشتري المؤودات في الجاهلية ثم أسلم أبوه بعد ظهور الإسلام . تربى
الفرزدق في البادية فاستمد منها فصاحته و طلاقة لسانه.
توفي في بادية البصرة وقد قارب المئة ، وتوفي سنة 110 هـ الموافق 728 م .