كيف نرد على أهل البدع الذين يستدلون على بدعهم بحديث: "من سنَّ في الإسلام سنة حسنة.
نرد على هؤلاء فنقول: إن الذي قال: "من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها"، هو الذي قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار"، وعلى هذا يكون قوله: "من سنَّ في الإسلام سنة حسنة" مُنزلاً على سبب هذا الحديث، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على الصدقة للقوم الذين جاؤوا من مُضر في حاجة وفاقة، فجاء رجل بصُرَّةٍ من فضة فوضعها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"، وإذا عرفنا سبب الحديث وتنزل المعنى عليه تبين أن المراد بسن السنة سن العمل بها، وليس سنَّ التشريع لأن التشريع لا يكون إلا لله ورسوله.
وأن معنى الحديث من سنَّ سنة أي ابتدأ العمل بها واقتدى الناس به فيها، كان له أجرها وأجر من عمل بها، هذا هو معنى الحديث المتعين، أو يحمل على أن المراد: "من سنَّ سنة حسنة" من فعل وسيلة يتوصل بها إلى العبادة واقتدى الناس به فيها، كتأليف الكتب، وتبويب العلم، وبناء المدارس، وما أشبه هذا مما يكون وسيلة لأمر مطلوب شرعاً.
فإذا ابتدأ الإنسان هذه الوسيلة المؤدية للمطلوب الشرعي وهي لم ينه عنها بعينها، كان داخلاً في هذا الحديث.
ولو كان معنى الحديث أن الإنسان له أن يشرع ما شاء، لكان الدين الإسلامي لم يكمل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكان لكل أمة شرعة ومنهاج، وإذا ظن هذا الذي فعل هذه البدعة أنها حسنة فظنه خاطئ لأن هذا الظن يكذبه قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "كل بدعة ضلالة".