السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لما أثنى الله عز وجل على إسماعيل قال
:
( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا )
فهل تريد أن تكون عند ربّك مرضيّـاً ؟
إن رضا الله عز وجل مطلوب مُدرَك
ورضا الناس مطلوب لا يُدرك
قال سهل بن أبي سهل الحنفي – شيخ الشافعية بخراسان - : إذا كان رضا الخلق معسوراً لا يُدرك ، كان رضا الله ميسوراً لا يُترك ، إنا نحتاج إلى إخوان العشرة لوقت العُسرة .
فالخلق إن قصّرت في حقّهم غضبوا
وإن أسأت لم يغفروا
وإن زللت لم ينسوا !
قال ابن حزم رحمه الله : وأنا أعلمك أن بعض من خالصني المودة ، وأصفاني إياها غاية الصفاء في حال الشدة والرخاء ، والسعة والضيق ، والغضب والرضا تغير عليّ أقبح تغير بعد اثني عشر عاماً متّصلة في غاية الصفاء ، ولسبب لطيف جداً ما قَدّرت قط أنه يُؤثر مثله في أحد من الناس ، وما صلح لي بعدها ، ولقد أهمني ذلك سنين كثيرة هماً شديداً . اهـ .
إن اجتهدت في طلب رضاهم عدّوك طيّباً مسكينا !
أو ظنّوك تريد منهم مصلحة لنفسك !
وإن أرادوا منك شيئا لم يعذروك
وإن طلبوا منك حاجة وجب عليك تلبيتها
وإلا كنت الذي لا نفع فيه !
قال ابن القيم رحمه الله :
غالب الخلق إنما يريدون قضاء حاجاتهم منك ، وإن أضرّ ذلك بدينك ودنياك ، فهم إنما غرضهم قضاء حوائجهم ولو بمضرّتك ، والرب تبارك وتعالى إنما يريدك لك ، ويريد الإحسان إليك لك لا لمنفعته ، ويريد دفع الضرر عنك ، فكيف تعلق أملك ورجاءك وخوفك بغيره ؟ اهـ .
أمّـا ربك سبحانه وتعالى فيُريد منك أيسر من هذا
يُريدك لك – كما قاله العالم الرباني –
يُريدك لنفسك .. لنفعك .. لحاجاتك
يُريد منك - حتى يرضى عنك - أن تعبده ولا تشرك به شيئا
يقول الله لأهون أهل النار عذابا : لو أنّ لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم . فيقول : فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم ؛ أن لا تشرك بي ، فأبيت إلا الشرك . رواه البخاري ومسلم .
يُريد منك كلمات معدودات في كل يوم فيرضى عنك
قال رسول الله : من قال إذا أصبح وإذا أمسى :
رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا ؛ إلا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة .
رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي في الكبرى .
وأهون من ذلك أن تشرب شربة من الماء فتحمد ربّك عليها
أو تأكل أكلة فتحمد الله عليها فيرضى عنك ملك الملوك وديّان يوم الدّين
قال رسول الله :
إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها .
رواه مسلم .
ثم تأمل الخصال التي ذكرها الله عز وجل في صفات إسماعيل عليه الصلاة والسلام
فأول صفة ذكرها أنه صادق الوعد ، يفي بوعده مع ربّه ومع الناس .
وتأمل كيف قدّم هذه الصِّفة على إقامة الصلاة والزكاة والأمر بهما ؟
كما قدّم الله عز وجل في صفات المؤمنين الإعراض عن اللغو على إقامة الزكاة وعلى حفظ الفروج
( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ )
الآيات .
مما يدلّ على أهمية هذه المعاني الجميلة والأخلاق الفاضلة في شريعة الإسلام .
فاطلب رضا من إذا رضي أثابك وأرضاك