أعجبتني همة ذلك الشيخ الفاضل الذي يجتهد ويبذل كل وسعه وهو يعلم أطفال الحي سورة الفاتحة، ويقضي معظم يومه وهو يرددها على مسامع الصبية الصغار ليرددوها بدورهم فتثبت في عقولهم فلا ينساها أحدهم فالحفظ في الصغر كالنقش على الحجر، وحين تسأل ذلك الشيخ عن سر اهتمامه في تعليم سورة الفاتحة بالذات فيأتيك الرد المفاجئ إني أعلمهم الفاتحة لأنها أم القرآن ولا تصح صلاة العبد إلا بها وأريد أن يكتب لي أجري في كل ركعة يركعها هذا الصبي حين يكبر ويصلي.
يا الله ما أعظمه من طموح وما أزكاها من همة وما أروعها من رؤية، أن تُعَلِّم وتنتظر أجر ما علَّمته، وتصنع جيلا ترجو أن يكونوا مفاتيح للخير، وهنا دعوة للتأمل فيما رواه الطبراني بسند صحيح عن سهل بن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (عند الله خزائن الخير والشر مفاتيحها الرجال فطوبى لمن جعله مفتاحا للخير ومغلاقا للشر وويل لمن جعله مفتاحأ للشر ومغلاقا للخير).
تأمل في عبارة " مفاتيحها الرجال" وللمفاتيح أسنان وتعرجات تصنعها الحياة وتؤثر فيها الحوادث والأيام، ولك أنت أيها المعلم دورك البارز في صياغة هذه المفاتيح، وأنت من يحدد الوجهة الأساس في لبنة هذا التلميذ فإما أن يكون لك دور في صناعة مفتاح الخير وإما أن تكون عكس ذلك وبالتالي فإن المجتمع هو من سيجني ثمار صناعتك أيها المعلم...