احبتي في الله تمر بنا السنين تلوالاخرى نعيش فيها اجمل الايام
بحلوها ومرها من طفولة بريئة جميلة الى فترة شباب ملئ
بالحيوية والهمة العالية والطموح ثم تأتي فترة الشيخوخة لتكون
مرحلة جني الثمار لكل مازرعناه في شبابنا . جني ثمار التربية
للأبناء , وثمار ماقدمناه للاخرين لتكون المفاجاة من البعض الا
من رحم الله الجحود والتذمر , يتذمر الابناء والاهل من كبير
السن سواء رجلا كان اوامراة ليفوز بلقب (المخرف , المخرفة )
وعذرا على هذه الكلمة . ان تدني القدرات العقلية والبدنية لمريض
الخرف تجعله في حاجة دائمة لمن يعتني بشؤونه ويقوم على
حاجاته اليومية حتى البسيطة منها وهذه الرعاية تحتاج إلى
معرفة وتدريب إلى حد ما للتعرف عن قرب على كيفية التعامل مع
المريض بطريقة صحية وفهم المرض وأعراضه والتغيرات التي
تظهر ربما بشكل يومي على تصرفات المريض وقدراته وتزيد
حاجة المريض إلى الرعاية والاعتماد على الآخرين كلما تقدم به
المرض مع الوقت. ولكن ماهو الخرف ؟ الخرف هو تدهور
مستمر في وظائف الدماغ ينتج عنه اضطراب في القدرات
الإدراكية مثل: الذاكرة والاهتداء والتفكير السليم والحكمة. لذلك
يفقد كثير من الذين يعانون من الخرف قدرتهم على الاهتمام
بأنفسهم، ويصبحون بحاجة لرعاية تمريضية كاملة. ومن
أكثرأسباب الخرف شيوعاً هو مرض الزهايمر.
\\ للاسف الشديد فان كثير من هؤلاء ضاق بهم ابنائهم وذويهم
فزجوا بهم الى دور رعاية المسنين او المستشفيات في حين ان
هناك من الاخيار والخيرات مازالوا يتفانون في خدمتهم
ورعايتهم والصبرعليهم وقد اصبح من الضروري ان تكون هناك
دورات تدريبية لكيفية التعامل مع كبار السن المصابين بمرض
الخرف او الزهايمر حيث انها من اصعب المراحل ولها
تأثيرات نفسية كثيرة فكبير السن يصبح شديد التاثر لاي كلمة او
فعل خاصة وان في داخله يشعر ان دوره قد انتهى وصلاحيته قد
انتهت وانه غير مرغوب ممن حوله وانه يشكل عبء عليهم
احاسيس كثيرة يشعر بها كبار السن وديننا الحنيف بشموليته لم
يهمل هؤلاء الكباروفي مقدمتهم الوالدين حيث قال جل وعلا في
حقهم (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا أياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن
عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما
وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب
ارحمهما كما ربياني صغيرا)( الآيتان 23 و 24 من سورة الإسراء ).
وتبين هذه الايات النهي عن التأفيف وهو أول مراحل التضجر
والأمر بالقول الكريم وخفض جناح الذل (وهو أروع تشبيه)
وطلب الرحمة من الله تعالى. والملاحظ أن الوالدين عندما يبلغان
مرحلة الكبر وتزداد أعباؤهما على الفرد تتوافر أرضية التضجر
والبرم أحياناً، وهنا ينبري القرآن الكريم للإنذار والنهي ليؤكد
عنصر الاحترام المتواصل والرحمة والذل أمام الوالدين المسنين،
وقدقال عليه الصلاة والسلام مبيننا حق كبار السن ( ما أكرم
شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه)، وقوله
عليه الصلاة والسلام :
(البركة مع أكابركم)،
وروي عنه (صلى الله عليه وسلم) قوله : (ان الله تعالى جواد
يحب الجواد ومعالي الأمور ويكره سفسافها، وإن من عظم جلال
الله إكرام ثلاثة : ذي الشيبة في الإسلام، والإمام العادل، وحامل
القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه).
تعود الذاكرة الى الوراء حين كان كبار السن في ريعان قوتهم
وشبابهم وبالاخص الوالدين كيف كانوا يحتملون منا اشد
المتاعب والمشاكل , كيف كانوا يطعموننا ويبدلون ما اتسخ من
ثيابنا ويسهرون على راحتنا ويسعدون لسعدنا ويغتمون لهمنا ,
كيف كانوا يحتملون منا الفاظا وكلمات
كثيرا ماكانت غير لائقة ويوجهوننا ويعلمونا بكل رحابة صدر ثم
اليوم البعض منا يغضب ويثور ان سمع منهم كلمة لاتعجبه ,
يرون نظرات الملل والضجر ويتمزق قلبهم ولسان حالهم يقول
(سنرحل عنكم يوما فأحسنوا الينا ) ختاما احبتي لا تتركوني من صالح
دعآئكم