كان ياما كان في قديم الزمان
كان في زمن من الأزمان حطاب فقير يعيش مع ولده هنسل وابنته غريتل .. ماتت زوجته إثر مرض أصابها .. وبعد ذلك بفترة بسيطة قرر الحطاب أن يتزوج .. لأنه أحس بمرارة الوحدة والغربة
فقرر ذلك ليجد من يؤنسه .. كما أنه اعتقد بأن هذا الزواج سيأمن إحساس الأمومة لأبنائه
لكن للأسف الشديد أساء الاختيار .. فقد شده المظهر الخارجي وانتقى زوجة قاسية ..لا تعرف الرحمة طريقا إلى قلبها المتحجر
عشِقـَت المال لدرجة الجنون .. فكانت تستكثر على هذين الطفلين لقمة العيش
لم يعلم الأب أن زوجته الجميلة تحمل الحقد والضغينة في قلبها .. فقد كان مفتونا بأدبها المصطنع و أسلوبها اللبق .. ولم يلحظ ما تخفيه من كره ومكائد
وفي أحد الليالي خططت زوجة الأب بمكر .. فذهبت إلى زوجها بابتسامة ساحرة وقالت:
ما رأيك يا زوجي العزيز .. أن أذهب غدا لقطاف التوت .. فنحن بحاجة لبعض التوت
أجابها الزوج: لكِ ما تريدين عزيزتي
قالت: و هل سأذهب وحدي؟
قال: لا .. خذي معك الصغيرين علهما ينفعانك في شيء
تغلغلت الفرحة في أعماقها لكنها بدهاء أخفتها .. ونامت على أمل تحقيق مرادها
في الصباح الباكر استيقظت زوجة الأب و سارعت بإيقاظ الأبناء
وبغضون ثوان كانوا في وسط الغابة
أمرت هنسل وغريتل أن يذهبا للبحث عن التوت
بحثا طويـــلا .. حتى وجدا بعض حبات التوت .. فأسرعا فرحين لتلك البقعة التي كانت فيها زوجة الأب
ولكن بكل أسف لم يجدا أحد هناك
بكيت غريتل من شدة الخوف .. أما هنسل فرغم خوفه إلا أنه تمالك نفسه وابتسم لأخته مخففا عنها
و وعدها بأنه سيجد طريقا للعودة
شعرت غريتل بالفخر بهذا الأخ الشجاع .. ساروا بلا هدى لمسافات طويلة
حتى أنهكهم الجوع والعطش
فلمح هنسل بيتا كبيرا أوحى له شكله بأنه يتكون من الحلويات والسكريات والشوكولاه
اقترب وتذوق قطعة من هذا البيت المريب
فسمع أخته تنادي : هنسل .. انظر إنها نوافير من العصير .. أسرع
استعجب مما يرى .. و أخبرها أن المنزل مصنوع من الحلويات كذلك
فركضت للمنزل و أخذت بالتهام الأعمدة والورود .. وانجرف هنسل معها بما تفعل
وفجأة سمعا صوت إمرأة كبيرة يقول : ناق نوق نيق مين ياكل حباتي؟
سألت غريتل أخاها عن الصوت فأجاب : لربما صوت الريح
وعاد الصوت المرعب : ناق نووووق نيييييق ميييين ياكل حباتي!!!
تشبثت غريتل بقميص أخيها مذعورة .. وبهذه اللحظة خرجت إمرأة مسنة تلبس رداءً أسود .. والخصل الرمادية تحايط وجهها المخيف المليء بالتجاعيد .. وقد كان أنفها معقوف كبير .. وبيدها عصاه خشبية ترتكز عليها
قالت بصوتها الحاد المتهدج : مرحبا يا أولاد .. ما الذي تفعلونه هنا في الغابة ؟ هل أتيتم وحدكم؟
فأجابت غريتل: نعم نحن وحدنا هنا و..
فسارع هنسل بضربها ضربة خفيفة لتسكت .. فهذه إمرأة غريبة مريبة كيف لهم أن يثقوا بها
العجوز: تفضلا يبدو عليكما التعب والعطش والجوع
أسرعت غريتل خلف العجوز بينما بقي هنسل واقفا لبرهة مرتابا .. ثم تبعهما
قدمت تلك العجوز بعض العصير للصغيرين .. وما هي إلا لحظات حتى غطا في سبات عميق
كانت تلك العجوز تضمر الشر لهما .. وقد وضعت بعضا من المخدر في الكأسين
فلم يحذرا من الغريبة حين حادثتهم ودخلا بيتها << نصايح أمي لووول ^_^
فتح هنسل عينيه بكسل وتثاقل .. وفوجئ حين وجد نفسه في قفص واخته غريتل ليست معه
حاول فتح القفص لكن دون جدوى .. ثم بدأ بالصراخ طالبا النجدة
فجاءت تلك العجوز مهددة إياه إن لم يسكت فستقتل أخته
جعلت العجوز من غريتل خادمة تكنس وتغسل وتطبخ
وقد كانت تطبخ كل يوم دجاجة كاملة لأخيها هنسل حسب أوامر العجوز الشمطاء
ولضعف بصر العجوز كانت تطلب من هنسل أن يمد إصبعه من بين القضبان لترى إن زاد وزنه أم لا
فهي تنوي أن تأكله
ولكن بذكائه وحكمته احتفظ بعظمة من الدجاجة ويمدها لها كلما طلبت منه أن يمد إصبعه .. وبقيت تطعمه كل يوم ظنا منها أنه لا يزال نحيفا
إلا أن ضاق بها الصبر وقررت طهوه نحيفا .. فطلبت من غريتل أن تجهز قدرا كبيرا يسع لطهو إنسان وتملأه بالماء المغلي وبعض الخضار والبهار والملح
وضعت غريتل المكونات في القدر و تظاهرت بعدم معرفتها بنضوج المكونات الموجودة
غضبت العجوز وقالت لها : ألا تعلمين أن نظري ضعيف؟ كيف لي أن أتأكد من نضوج المواد
غريتل ( بذكاء) : لما لا تحاولين معرفة ذلك عن طريق الشم .. فأنتي أمهر مني .. ولن يكون الطبق لذيذا ما لم يتم حسب الأصول
العجوز( بفرح) : يا لك من فتاة ذكية .. هيا ابتعدي دعيني أشم ما في القدر
اقتربت العجوز من القدر.. فمدت غريتل يدها بخفة لجيب العجوز وسحبت مفاتيح القفص .. ثم سارعت بدفع العجوز لداخل القدر
فدوى صراخ العجوز : سأريك .. آآآه .. لااااااااااااااااااااااااا
وما كان من غريتل إلا أن هرولت مسرعة لأخيها السجين و أخرجته
أمسكا بيدي بعضهما البعض وهربا إلى النهر
فوجدا بجعة بيضاء كبيرة طلبا منها أن تحملها إلى أبيهما منشدين : (( يا بجعة جميلة نحن هنسل وغريتل .. نهر نرى .. ولا جسر نرى .. فاحملينا على جناحيك الأبيضين ))
وما هي إلا لحظات حتى صارا على عتبات بيتهما
دقا الباب .. ففتح الباب رجل أعمى هزيل .. قد ملأ الشيب رأسه
بكى هنسل حين عرف أنه والده .. قبل رأسه ويديه وسأله: أبي ما الذي جرى لك ؟
وكانت غريتل مذهولة تعجز عن الكلام
قال الأب: من؟ هنسل؟ غريتل؟ كيف عدتما؟ .. قد بكيت فراقكما حتى عميت .. ولم أذق طعما للنوم أو الراحة مذ فارقتماني
أجهشت غريتل بالبكاء و ارتمت على حضن أبيها متسائلة: أبي .. أين زوجتك؟
فأجابها: لقد طلقتها حين علمت بفعلتها البشعة الشنيعة .. ولم أعد أريد مؤنسا لوحدتي سواكما
وهكذا عاش الأبناء في كنف والدهما يرعيانه .. و اشتغل هنسل حطابا ليتحمل مسؤولية البيت عن والده .. أما غريتل فقد أضفت حنان الأمومة على البيت وعوضا والدهما عن كل ما فقد ...
