كنت أقف على شرفة غرفتي و أنا أنظر للسماء الملبدة بالغيوم الداكنة مخفية خلفها الشمس التي كانت تسطع قبل قليل , أغمضت عيناي و تنهدت بكل أريحية , جيد لن اخرج معها الليلة , هه لقد كان الحظ معي هذه المرة , فتحت عيناي لأنظر للسماء مرة أخرى , تمتمت بخفة : و كأن تلك الغيوم تصف حياتي باختصار , أحسست بشيء سائل على جبيني , مسحته بكفي و رفعت رأسي للسماء , كما توقعت إنها تمطر , توجهت للداخل و أغلقت الشرفة جيداً و أسدلت الستارة الزرقاء كذلك , نظرت لغرفتي بتمعن كانت غرفة بسيطة جداً تحتوي سرير أبيض شبه مهترئ و خزانة ملابس ذات بابين و مرآه محطمه جزئياً , هه هذه عادتي كلما غضبت أفرغت غضبي بتكسير الأشياء , و تلك المرآه نالت نصيبها من التكسير , التفت لتلك الطاولة الصغيرة التي تقع بجانبي السرير , اتجهت نحوها بهدوء و أنا أرى الصورة التي بداخل الإطار الخشبي , جثوت على إحدى ركبتي , أمسكت بالإطار و لازالت عيني على تلك الصورة , فتى يبلغ العاشرة من العمر ذا شعر اسود كسواد الليل و عينان كلون البحر يبتسم بكل مرح و هو يقف أمام تلك الشابة التي تحمل نفس الشعر الاسود القصير لكنها ذات عينان بنيتان , ابتسمت بألم و أنا انظر لهذه الجميلة في الصورة , أعدت الصورة لمكانها و ألقيت نفسي على السرير لأغط في نوم عميق .
***
أحسست بضوء خافت على عيناي , فتحتهما بهدوء لأرى أشعة الشمس تخترق الستائر , نظرت للساعة السوداء المعلقة على الحائط , تنهدت بضيق .. لقد تأخرت مرة أخرى , وقفت بتثاقل و اتجهت نحو الحمام – أكرمكم الله - , مضت ربع ساعه قبل أن أخرج , ثم توجهت لخزانتي لأُخرِج منها بنطالاَ أسود و قميص أبيض , ارتديتها و ألقيت نظره على المرآة لأرى شكلي النهائي , الشعر الأسود و العينان الزرقاء , نفس الملامح الوسيمة .. لكن بصراحة لقد أصبحت أوسم هه ..!
حملت حقيبتي البنية و خرجت من الغرفة , نظرت لصالة الجلوس و الفوضى تعمها , حسنا علي إحضار خادمة تنظف هذه الفوضى , اتجهت ناحية الباب لأخرج متجها للمكان الأكثر كئابة بالنسبة لي !
****
: راي سميث متأخر كالعادة !
نظرت لذاك الأحمق بكل برود , أبغضه جدا .. إنه يتسلط علي لمجرد أنه معلم .. ياللحماقته , حركت شفتاي لتنطق بتهكم : و ماذا في ذلك يا مارت براوند !
رمى علي نظراته المليئة بالحقد و الكراهية و هو يشد على قبضة يده كي لا تفلت أعصابه : لا أظن أني أذنت لك بنطق اسمي بلا لقب يسبقه .
ابتسمت بسخرية و أنا أراه يكاد ينفجر غيظا , و أظن أن ابتسامتي كمن وضع النار على الغاز ليشتعل .. ضرب الطاولة بيده بقوة و انفجر غاضبا و هو يصرخ : راي سميث اخرج , ولا تحضر لي أي حصة على الإطلاق .. لا أتحمل رؤية وجهك بعد اليوم .. هيا للخارج !!!
ألقيت عليه نظرات باردة و التفت متوجها للخارج و أنا أقول ببرود : لك هذا سيد براوند ..!
خرجت لأتجول في ممرات هذه المدرسة الكئيبة .. في الحقيقة أشعر بالسعادة فقط لأني أغضبت مارت الأحمق .. أنه سريع الغضب مهما حاول تمالك أعصابه .. إثارة غضبه شي مسلي و ممتع بالنسبة لي .. حسنا هو يستحق ما يحدث له .. فهو من بدأ بالتسلط علي .. آآآه ذاك اليوم لا أستطيع نسيانه أبدا .. قطع حبل أفكاري
صوت أنثوي جميل متردد و مرتبك : اا .. عذرا !
فتاة ذات شعر أشقر جميل يصل لرقبتها .. و عيناها الفيروزيتان , يا إلهي عيناها جميلتان .. تمتلك بشرة بيضاء صافية .. و خديها المحمرة .. جمالها خلاب !
أجبتها و أنا أنظر لعيناها الجذابة و بصوت بارد : ماذا هناك ..؟
أنزلت رأسها بخفة لتتناثر خصلات شعرها على وجهها الجميل و نطقت بارتباك تام : كـ .. ـنت أبحث عن غرفة المدير .
هه يبدو أنها من النوع الذي ينجذب بسرعة .. جيد شخص آخر لأستمتع به
ابتسمت لها بجاذبية مما جعل خديها تحمران أكثر .. أمسكت يدها بجرأة و أنا أستمتع بالنظر لردات فعلها .. اتسع بؤبؤ عينها من الصدمة .. قلت و مازالت ابتسامتي تزين ثغري : سأوصلك للمكتب إن أردتِ يا صغيرتي !
اقتربت مني حتى أصبحت ببيننا بضع سنتيمترات , كانت تصل لصدري , هي ليست قصيرة لكني أتميز بطولي .. حسنا لم أعتقد أن تكون بهذه الجرأة لتقترب لهذا الحد .. أنزلت رأسها لولهة من ثم رفعته و هي تنظر لي بشراسة .. يا إلهي أين تلك الملاك البريء الذي قبل قليل .. نظراتها الشرسة أربكتني حقا .. و كأنها تحولت لشيطان .. وضعت يداها على صدري .. لم استوعب فعلتها .. لكن ليست إلا ثواني حتى تراجعتُ للخلف بشكل لا إرادي .. نظرت إليها بصدمة و مازالت تلك النظرات على عينيها .. نطقت أحرفها باحتقار : أيها الحقير , لا تظن يوما أني سأكون تسليةً لك فقط لأنك وسيم ! , صدقني إن فكرت هكذا مرة أخرى ستندم أشد الندم , أيها الأحمق ! .
اتسعت عيناي بدهشة .. أحاول استيعاب الموقف .. يا إلهي راي يالحماقتك .. كيف تضع نفسك في هذا الموقف الغبي .. اعتدلت بوقفتي و نظرت إليها بكل جمود
و أنا أحاول لممت شي كسر بداخلي قلت ببرود : إن كنتِ تريدين مكتب المدير فاتبعيني .. سمعت همسها : يا له من متعجرف .!
