يقول الإمام العلاَّمةُ ابن القيم رحمه الله في كتابه الجواب الكافي :
" وإذا جُمع مع الدعاء حضورُ القلب وجَمعِيَّتُه بكليَّتِه على المطلوب، وصادف وقتاً من أوقات الإجابة الستة، وهو الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبة، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تُقضى الصلاة من ذلك اليوم، وآخر ساعة بعد العصر، وصادف خشوعاً في القلب وانكساراً بين يدي الربِّ، وذُلاًّ له، وتضرُّعاً ورِقَّةً، واستقبل الداعي القبلةَ، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثمَّ ثنَّى بالصلاة على محمد عبده ورسوله، ثمَّ قدَّم بين يدي حاجته التوبةَ والاستغفار، ثمَّ دخل على الله، وألحَّ عليه في المسألة، وتَملَّقه ودعاه رغبة ورهبة، وتوسَّل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدَّم بين يدي دعائه صدقةً، فإنَّ هذا الدعاءَ لا يكاد يُردُّ أبداً، ولا سيما صادف الأدعيةَ التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّها مظنَّةُ الإجابةِ، أو أنَّها متضمِّنَةٌ للاسم الأعظم ". اهـ كلامه رحمه الله.
وهو كلامٌ عظيم النفع، مشتملٌ على ذِكر جملة من الشروط المهمَّة والآداب العظيمةِ التي لا يكاد يُرَدُّ الدعاء حال توفرها، ويُمكن تلخيص هذه الآداب في الأمور التالية:
الأول: حضورُ القلب وجَمعِيَّتُه بكليَّته على المطلوب.
الثاني : تحرِّي أوقات الإجابة.
الثالث: أن يكون عن خشوع في القلب وتذلُّل وتضرُّع ورِقَّةٍ وانكسارٍ بين يدي الله عزَّ وجلَّ.
الرابع: أن يستقبل الداعي القبلةَ.
الخامس: أن يكون على طهارة.
السادس: أن يرفع يديه إلى الله عزَّ وجلَّ عند الدعاء.
السابع: أن يبدأ دعاءَه بحمد الله وحسن الثناء عليه، ثمَّ يُثَنِّي بالصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
الثامن : أن يقدِّم بين يدي حاجته وطلبه التوبةَ والاستغفارَ.
التاسع : أن يُلحَّ على الله ويتملَّقه ويُكثر من مناجاته.
العاشر : أن يجمع في دعائه بين الرغبة والرهبة.
الحادي عشر: أن يتوسَّل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العظيمة وتوحيده.
نقلا من كتاب : فقه الأدعية والأذكار / عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
ألِظُّوا بـيَا ذا الجَلاَلِ والإكْرامِ
يقول سبحانه وتعالى في سورة الرحمن : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27).
ويقول : تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78).
{ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ } أي: ذو العظمة والكبرياء والمجدالذي يعظم ويبجل ويجل لأجله ، والإكرام الذي هو سعة الفضل والجود.تفسير ابن سعدي
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ألِظُّوا بـ " يَا ذا الجَلاَلِ والإكْرامِ ".
ألِظُّوا: يقال ألظ بالشيء يلظ إلظاظا إذا لزمه وثابر عليه كذا في النهاية
ومعناه : الزَمُوا هذِهِ الدَّعْوَةَ وأكْثِرُوا مِنْهَا وداوموا عليها.