إن أجمل ما يتعلق به عامل لله ،
وأسمى غاية يتجه إليها عارف لمولاه ، هي أن يحبه الله ، وكلنا بلا استثناء ؛ نتمنى ونشتاق ، ونريد أن يكرمنا الله فيحبنا ، ويكشف لنا في أنفسنا أو في غيرنا الدليل على محبته ، وكلنا نطمع أن ندخل في قول الله
{فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} المائدة54
فحبُّه سابق ، وحبُّنا لاحق ، ولولا حبُّه لنا ما أحببناه ، ولولا إعانته لنا ، ما عبدناه ، ولولا توفيقه لنا ما سلكنا طريق الهداة ، ولذلك طلب منا أن نقول في كل ركعة من ركعات الصلاة
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} الفاتحة5
فإذا لم يوفق الله ويعين ، فماذا يفعل العبد في طاعته وعبادته لربِّ العالمين وقد عبد إبليس الله اثنين وسبعين ألف سنة ، حتى قيل أنه ليس في السماء موضع أربعة أصابع إلا ولإبليس فيه سجدة لله ولكنه في لحظة اعتقد أن هذه العبادة من نفسه ، وبجهده ، ونسى عون ربه ، وحول ربّه ، وقوة ربه ؛ فكان جزاؤه
{اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ} الأعراف18
ونحن جميعاً نريد أن ندخل في محبة الله ، وأهل محبة الله ، يتولاهم الله بولايته ، ويمدهم بإمداد عنايته ، ويجعلهم دوماً تحت رعايته ، لأن الله آلى على نفسه أن يكون هو حسبهم ، وهو كفيلهم ، وهو وكيلهم ، إذن
كيف يحبك الله؟ هذا هو السؤال؟
والإجابة نقرأها في أحاديث الله القدسية ، التي أعلمنا بها خير البرية صلى الله عليه وسلم ، ما المنهج الذي يوصل العبد إلى أن يحبه الله؟ وقد قال في شأن ذلك الحب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
{وَإِذَا أَحَبَّ الله عَبْدَاً لَمْ يَضُرَّهُ ذَنْبٌ}[1]
لماذا ؟لأن الله سيحفظه من الذنب ، والعصمة للأنبياء ، والحفظ للأولياء ، والزلل والضلال والعياذ بالله للأشقياء ، والله تولى الإجابة بذاته ليعرف البسيطة كلها الطريق إلى محبة الله ، فقال عز شأنه في الحديث القدسي الصحيح الوارد في الروايات الكثيرة في
صحيحي البخاري ومسلم {وَمَا تَقَرَّبَ إِلَـيَّ عَبْدِي بشىءٍ أَحَبَّ إلـيَّ مِـمَّا افْتَرَضْتُ علـيهِ ، ومَا يَزَالُ يَتَقَرَّبُ إِلَـيَّ بالنوافلِ حَتَّـى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كنتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، ويَدَهُ الَّتِـي يَبْطُشُ بِهَا ، ورِجْلَهُ الَّتِـي يَـمْشِي بِهَا ، وَلَئِنْ سَأَلَنِـي عَبْدِي أَعْطَيْتُهُ ، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِـي لأُعِيذَنَّهُ} الحديث طويل ، وقائله هو رب العزة عز شأنه
هذا الحديث يوضح منهج الصالحين ، السابقين ، والمعاصرين ، واللاحقين ، الذي ساروا عليه حتى نالوا محبة ربِّ العالمين ، وفيه المنهج الكامل بعد التوضيح والبيان ، فأحب ما يتقرَّب العبد به إلى ربه ، هو الفرائض المفترضات ، لذلك فإن
سيدنا عبد الله بن مسعود قال يا رسول الله
{أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا}[2]
{1} الْقشيري في الرسالةَ وابنُ النَّجَّارِ عن أَنَسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ ، وأوله {التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ ، وإذا..}
{2} رواه مسلم ، و تمامه {قَالَ قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «بِرُّ الْوَالِدَيْنِ» قَالَ قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله» فَمَا تَرَكْتُ أَسْتَزِيدُهُ إِلاَّ إِرْعَاءً عَلَيْهِ} [url=http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%DF%ED%DD %ED%CD%C8%DF %c7%e1%e1%e5&id=5&cat=2]http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...%E5&id=5&cat=2[/url]
منقول من كتاب {كيف يحبك الله}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً