شاب يتجول في أحياء المدينة و معه كاميرته ويلتقط الصور من مدينة لأخرى ومن جبل إلى وادي ومن نهر إلى بحر وقضى على هذه الحال سنوات مع كاميرته لم تهرب من عدسته فراشة ولا طير ولا حيوان وكان النصيب الأكبر للشجر وكانت متعته عندما ينهي تحضير الصور في غرفته الصغيرة وهكذا كان يعرف كل شبر من المدن التي زارها . وذات مرة وهو يأخذ صورة لفراشة تتطير بين أزهار في جزيرة بشوارع المدينة وفجأة يحدث ما لم يكن متوقعاً تخرج سيارة عن السيطرة وتندفع نحوه بسرعة جنونية فتصدم به وتقذفه أمتار عديدة ويسقط على الأرض ويصطدم رأسه بحجر الرصيف ويصاب بجروح وكسور ويسعف إلى المشفى ويعالج من أصابته لكن حدث ما لم يكن متوقعاً لقد شفيت كل الجروح لكنه فقد بصره ومصدر رزقه . كيف له أن يمارس مهنته وهوايته لقد فقد بصره ورفيقة عمره ودربه كاميرته الغالية التي كان يتحدث معها عن همومه ولم تفارق يوماً صدره فكانت تشاركه فراشه فقرر أن يتابع هوايته معتمداً على ذاكرته. بعد أن خرج من المشفى كان يقضي معظم وقته في الحديقة والساحات التي بنى معها أفضل صداقة فهي لم تتخل عنه بل أحتضنته بحب وشوق .وكان يلتقط الصور كعادته وذات مرة كانت أحدى القنوات تجري حوارات مع الناس فمرت بالصدفة عليه وكان يتابعهم بأهتمام مما دفع بالمذيعة التقرب منه والحديث معه فتكتشف أنه أعمى بعد حوار قصير وأستغربت كيف يقوم بالتصوير فقال لها أنه يعتمد على السمع ويوجه الكاميرا وهنا أبتكر أسلوب تصويرجديد وطلبت منه معرفة قصته كاملة فأخبرها بكل شيئ . وطلبت منه ان يأخذها لمنزله لمشاهدة ما نفذه خلال عمله من قبل الحادث وبعده . فتم تحديد الموعد وأجرت المذيعة حلقة خاصة به وذهبت للمنزل ودهشت بما قام به وبعد أن أعلنت الحلقة على الناس أعجب بها الكثير فكان له صديقة في الأذاعة عندما علمت بما جرى معه أسرعت وقابلته في اليوم التالي وطلبت منه أن يعمل في الأذاعة في برنامج حوار مع المستمعين على الهواء (ساعة على الهوى) لأنه لم يكن فقط مبدع في التصوير بل كان مبدع في الحوار وسريع البديهة بعد أصرار صديقته مع أدارة الأذاعة وافقت على تجربة فخرج على الهواء ليقوم بتجربة بالحوار مع الناس لقد أذهل الجميع بحوار ومعرفته بكل مواقع المدينة بل البلد بشكل دقيق أذهل كل من أتصل معه .وهكذا أعتمدت الأذاعة برنامجه بشكل دوري ويومان في الأسبوع أيام العطل الأسبوعية أي السبت والأحد . أخبركم فقط بحوار له مع أحدهم في برنامجه (ساعة على الهوى). (ساعة على الهوى) يرن الهاتف : المذيع: يقول هنا برنامج (ساعة على الهوى) المتحدث : أنا سيمون المذيع: أين أنت الآن يا سيمون ؟ سيمون : أنا في المقهى الفلانية وأحتسي فنجان قهوة المذيع: أين أنت جالس داخل المقهى أم خارجها سيمون: خارجها لأن الطقس جميل المذيع:أنت على الطرف الأيمن من المقهى أم الشمالي؟ سيمون :الأيمن لماذا؟ المذيع: أختيار رائع لأنك تشرف على منظر جميل هل تصفه لي؟ سيمون: أرى مجموعة فتيات وبعض الناس يتناولون مرطبات وسيارات في الطريق المذيع : ألم تر شيئاً آخر ؟ سيمون : هناك أزهار وأشجار في المنطقة وأطفال يسيرون مع أهلهم المذيع : ألم تشاهد ما يلفت النظر هناك ؟ سيمون : لا مثل ماذا ؟ المذيع: ألم تر فراشة تطير من زهرة إلى أخرى . ألم تر كيف العشب يعانق ساق الوردة ألم تر تناسق الألوان بين الأزهار والخضرة ألم تر تنافس الأعشاب في التسلق للقمة ألم تر الحب بين الزهرة والعشب والشجرة تغمر الجميع بحبها . سيمون : كم أنت رائع لقد فتحت عيني على أمور لم أكن أشاهدها من قبل شكراً لك المذيع : هناك الكثير من الحب في الحياة لكن نحن لا نراه ولا نشعر به لأننا نتجاهله. من هنا كانت الاتصالات تزداد يوماً بعد يوم عليه لمعرفة المزيد مما حولهم. لذا قررت أدارة الأذاعة أن تخصص له يومان لبرنامجه المباشر . هل نحن ندرك ونشعر بكل ما يحيط بنا ؟؟؟؟؟؟