السلام عليكم و رحمة الله
عندما يدفع القدر بالقدر
في البداية أقول للواهمين الذين لا يهمهم في ما يطرح من مواضيع إلا العناوين رويدهم ، لا ينصبوا مشارحهم لتسلخوننا من دائرة الإيمان
سوى لوهم في الفهم أو إلتباس في العنوان.
نعم يمضي المسلم حياته فارا من قدر إلى قدر ،من الشر إلى الخير
من السوء و القبح إلى الحسن و الجمال غير هياب بلا وجل أو تردد آخذا بالأسباب و المسببات، و قد إمتلأت الجوانح منه ثقة بما كتب الله له و ما قدره عليه مطمئنا أن أمره بيد الله خالقه، فالناس لا يملكون له ضراً ولا نفعاً ولو إجتمع على ذلك من في الأرض جميعا.
الإيمان بالقدر غدى رداء البعض يسترون به فاحش أقوالهم و أفعالهم
ينسبون له فشلهم و فقرهم وسوء حالهم، يركنون إلى الدعة و الخمول
زاعمين بهتانا و زورا أن ما حل بهم و ما هم فيه قدر مكتوب.
ألم تسمعوا بالبعض يتحجج بالأقدار لفعل المعاصي ، لقد تحجج من قبلهم بمثل ما إحتجوا به فنالوا العقوبة مرتين ، لقد أُتي بسارق إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- فسأله عمر: لم سرقت؟ فقال: قدّر الله ذلك . فقال عمر - رضي الله عنه -: إضربوه ثلاثين سوطا، ثم إقطعوا يده فقيل له: ولمَ؟ فقال: يقطع لسرقته، ويُضرب لكذبه على الله.
إن الله هيأ الأسباب والمسببات ، وجعل دفع قدر بقدر من سننه في خلقه
فيدفع قدر الجهل بطلب العلم ، و يدفع قدر الفقر بالسعي في الرزق الحلال، و يدفع قدر الجوع بقدر الغذاء ، والداء بالدواء ، وكل من الدافع والمدفوع قدر الله ،وحينما ذهب عمر - رضي الله عنه- إلى الشام وعلم قبل دخولها أن هناك طاعونًا شاور أصحابه في الرجوع واستقر الرأي على العودة بمن معه بعدًا بهم عن مواطن الخطر ، فقال أبو عبيدة- رضي الله عنه- : أنفر من قدر الله يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله . أرأيت لو كان لك واديان أحدهما مخصب والآخر مجدب، أليس إن رعيت المخصب رعيته بقدر الله ؟
وكان علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- يخوض المعارك وهو يقول :
أي يوميّ من الموت أفرّ؟ ** يـوم لا يقـدّر أو يوم قُدِّر ؟
يـوم لا يُقـدّر لا أحْذَره ** ومن المقدور لا ينجي الحـذر
الإيمان بالقدر ينبغي أن يدفع المسلم إلى المغامرة و إقتحام الحياة ، أي نعم مغامرة المؤمنين و هم في الحقيقة يسيرون في هذه الحياة سيرا طبيعيا ملتمسين أسباب الخير والعمل كما أراده الله.
فالبدار البدار ندفع قدر بقدر شعارنا قول الله تعالى في سورة التوبة الآية -51- :
( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون