أيام مضت، وشهور انقضت، ودار التاريخ دورته،
فأقبلت الأيام المباركة تبشِّر بقدوم شهر القرآن،
وبين يدي هذا القدوم يهلُّ علينا شهر شعبان، مذكرًا جميع المسلمين بما يحمله لهم من خير،
والمسلم يعلم أن شهر شعبان ما هو إلا واحد من شهور السنة
﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾ (التوبة: من الآية 36)؛
ولكن المسلم يشعر أن لشهر شعبان مذاقاً خاصاً فيفرح بقدومه ويستبشر به خيراً،
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57)
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)﴾ (يونس)،
ومن هنا كانت تلك الوقفات التربوية مع هذا الشهر الكريم:
1- التهيئة الإيمانية التعبدية:
- التوبة الصادقة أولاً، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي وترك المنكرات،
والإقبال على الله، وفتح صفحة جديدة بيضاء نقية.
- الإكثار من الدعاء "اللهم بلغنا رمضان"؛
فهو من أقوى صور الإعانة على التهيئة الإيمانية والروحية.
- الإكثار من الصوم في شعبان؛ تربيةً للنفس واستعدادًا للقدوم المبارك،
ويفضَّل أن يكون الصوم على إحدى صورتين:
إما صوم النصف الأول من شعبان كاملاً،
وإما صوم الإثنين والخميس من كل أسبوع مع صوم الأيام البيض.
- العيش في رحاب القرآن الكريم،
والتهيئة لتحقيق المعايشة الكاملة في رمضان؛
وذلك من خلال تجاوز حد التلاوة في شعبان لأكثر من جزء في اليوم والليلة،
مع وجود جلسات تدبُّر ومعايشة القرآن.
- تذوَّق حلاوة قيام الليل من الآن بقيام ركعتين كل ليلة بعد صلاة العشاء،
وتذوَّق حلاوة التهجد والمناجاة في وقت السحَر بصلاة ركعتين قبل الفجر مرةً واحدةً في الأسبوع على الأقل.
- تذوَّق حلاوة الذكر، وارتع في "رياض الجنة" على الأرض،
ولا تنسَ المأثورات صباحًا ومساءً، وأذكار اليوم والليلة، وذكر الله على كل حال.
- مراجعة ما تم حِفْظُه من القرآن الكريم؛ استعدادًا للصلاة في رمضان،
سواءٌ إمامًا أو منفردًا، والاستماع إلى شرائط قراءات صلاة التراويح،
مع دعاء ختم القرآن.
2- التهيئة الدعوية:
- إعداد وتجهيز بعض الخواطر والدروس والمحاضرات والخطب الرمضانية
والمواعظ والرقائق الإيمانية والتربوية للقيام بواجب الدعوة إلى الله خلال الشهر الكريم.
- حضور مجالس العلم والدروس المسجدية المقامة حاليًّا؛
استعدادًا لرمضان والمشاركة فيها، حضورًا وإلقاءً.
- العمل على تهيئة الآخرين من خلال مكان الوجود-
سواءٌ في العمل أو في الدراسة- بكلمات قصيرة ترغِّبهم بها في طاعة الله.
- الإعداد والتجهيز لعمل مسابقة حفظ القرآن في مكان الوجود.
3- التهيئة الأسرية:
- تهيئة مَن في البيت من زوجة وأولاد لهذا الشهر الكريم،
وكيفية الاستعداد لهذا الضيف الكريم، ووضع برنامج لذلك.
- عقد لقاء إيماني مع الأسرة يكون يوميًّا بقدر المستطاع.
4- تهيئة العزيمة بالعزم على :- فتح صفحة جديدة مع الله.
- جعل أيام رمضان غير أيامنا العادية.
- عمارة بيوت الله، وشهود الصلوات كلها في جماعة،
وإحياء ما مات من سنن العبادات، مثل
(المكث في المسجد بعد الفجر حتى شروق الشمس،
المبادرة إلى الصفوف الأولى وقبل الأذان بنية الاعتكاف..
- نظافة الصوم مما يمكن أن يلحق به من اللغو والرفث.
- سلامة الصدر.
- العمل الصالح في رمضان، واستحضار أكثر من نية من الآن،
ومن تلك النيات:
(نية التوبة إلى الله، نية فتح صفحة جديدة مع الله،
نية تصحيح السلوك وتقويم الأخلاق،
نية الصوم الخالص لله،
نية ختم القرآن أكثر من مرة،
نية قيام الليل والتهجد،
نية الإكثار من النوافل،
نية طلب العلم،
نية نشر الدعوة بين الناس،
نية السعي إلى قضاء حوائج الناس،
نية العمل لدين الله ونصرته،
نية العمرة، نية الجهاد بالمال.
5- التهيئة الجهادية:
وهي تحقيق معنى "مجاهدًا لنفسه"؛ وذلك من خلال:
- منع النفس من بعض ما ترغب فيه من ترف العيش،
والزهد في الدنيا وما عند الناس،
وعدم التورط في الكماليات من مأكل ومشرب وملبس،
كما يفعل العامة عند قدوم رمضان.
- التدريب على جهاد اللسان فلا يرفث،
وجهاد البطن فلا يستذل،
وجهاد الشهوة فلا تتحكم،
وجهاد النفس فلا تطغى،
وجهاد الشيطان فلا يمرح،
ويُرجع في ذلك إلى كتيب (رمضان جهاد حتى النصر) لـ"خالد أبو شادي".
- حَمْلُ النفس على أن تعيش حياة المجاهدين،
وتدريبها على قوة التحمُّل والصبر على المشاقِّ،
من خلال التربية الجهادية المعهودة.
- ورد محاسبة يومي على بنود التهيئة الرمضانية.