الحضارة الإتروسكانيةالحضارة الإتروسكانية هي الاسم الحديث لحضارة عاشت في إيطاليا القديمة في منطقة توسكانا الحالية تقريباً وأطلق عليهم الرومان القدماء اسم إتروسكي أو توسكي.[1] اسمهم الروماني هو أصل تسمية توسكانا (معقلهم) وإتروريا (كامل منطقتهم).
سماهم الإغريق تيرينيوي والتي اشتقت اللاتينية منها اسم "ماري تيرينوم" "البحر التيراني".[2] استخدم الأتروسكان تسمية راسينا والتي أدغمت لتصبح راسنا.[3]
تميزت الحضارة بلغتها الخاصة وبدأت في وقت غير معروف في ما قبل التاريخ وما قبل تأسيس روما حتى استوعبت بالكامل في الجمهورية الرومانية. خلال أقصى اتساعها وذلك خلال فترة تأسيس روما والمملكة الرومانية ازدهرت في ثلاث مدن كونفدرالية: إتروريا في وادي بو عند جبال الألب الشرقية ولاتيوم وكامبانيا.[4] كانت روما ضمن الأراضي الخاضعة للسيطرة الأترورية. هناك أدلة كثيرة على أن روما خضعت في بداياتها للأتروسكان حتى طرد الرومان فيي في 396 ق.م.
تطورت الثقافة الأترورية في إيطاليا بعد حوالي 800 ق.م تقريباً على أنقاض الثقافة الفيلانوفية من العصر الحديدي. تنحت هذه الأخيرة في القرن السابع الميلادي لثقافة تأثرت بالتجار اليونانيين والجيران اليونان في ماجنا غراسيا، وهي الحضارة الهيلينية في جنوب إيطاليا. بعد عام 500 قبل الميلاد انتقل القرار السياسي لإيطاليا إلى يدي الأتروريين.
الأصل والتاريخ
أصول الإتروسكان فقدت قبل التاريخ، علماء التاريخ لم يجدوا صناعة أدبية أو نصوص مقروءة من ديانة أو فلسفة، ولذلك أكثر ما عرف عن هذه الحضارة استيق من ما وجد بالقبور والأضرحة. النظرية الرئيسية التي تبحث أصلهم تقول بأنهم هم السكان الأصليون، من ثقافة الفيلانوفيين أو من الشرق القريب، وكان توسعهم مركزا إلى الشمال وراء جبال الأبنين وحتى كامبانيا، ووجد أن كثير من القرى والبلدان الصغيرة خلال القرن السادس قبل الميلاد أختفت بسبب الجيران القويين الإتروسكانيين، وكان من المؤكد أن البنية السياسية للثقافة الإتروسكانية كانت أكثر ارستوقراطية من مدن ماجنا غراسيا Magna Graecia في الجنوب الإيطالي. كانت التجارة والتنقيب عن المعادن خاصة الحديد والنحاس قد أدت إلى غنى الإتروسكانيين الذي أدى إلى توسعهم وتأثيرهم الكبير في شبه الجزيرة الإيطالية وعلى غرب المياه الدافئة (البحر الأبيض المتوسط), وهنا اصطدمت طموحاتهم واهتماماتهم مع الحضارة الإغريقية، خاصة في القرن السادس قبل الميلاد، عندما بدأت المستعمرات الإيطالية تتوسع حتى فرنسا وإسبانيا إلى جزيرة كورسيكا، وبذلك نشأ بينهم وبين القرطاجيين حلف بسبب أن الأخيرين أيضا مصالحهم واهتماماتهم مصطدمة بالمصالح الاغريقية.
حوالي عام 540 قبل الميلاد، وقعت معركة ألاليا التي أدت إلى توزيع القوى في غرب البحر المتوسط، مع أن المعركة لم تحسم لأي من الطرفين والذين كانوا الإتروسكانيين والقرطاجيين المتحالفين من طرف والمستعمرات والمستوطنات الإغريقية من طرف اخر، لكن توسعت حدود القرطاجيين على حساب الإغريق، في النصف الأول من القرن الخامس قبل الميلاد بدأ انحسار حدود الإتروسكانيين، فقد هزُمت استروريا على يد مدن الجنوب الإيطالي ماجنا كريشا بقيادة سيراكيوز وبعد سنوات قليلة عام 474 قبل الميلاد هزم الإتروسكانيين على يد طاغية سيراكيوز هيرو Hiero I of syracuse في معركة كاماي Cumea، وتوسعت حدود اتروريا حتى مدن لاتيوم وأضعفت كامبانيا واحتلت من قبل الرومان وغيرهم من الشعوب المشاركة مع الرومان، وبدأت روما بتطويق المدن الإتروسكانية واحتلالها حتى انتهت دولتهم، واحتلت روما أيضا اتروريا في القرن الثالت قبل الميلاد.