الحـــــوت الظـــــالم
يروى أنه في قديم الزمان كان هناك حوت كبير .. كبير جداً
وكان يتغذى على الأسماك بكل أنواعها .. كان يفتح فمه الكبير ويبتلع
كل ما يصادفه من أسماك .. صغير وكبير .. حي وميت .. وديع وشرس
جميل وقبيح ..لم يكن يفرق بين أحد .. كان من الطبيعي أن يتغذى الحوت على الأسماك
ولكن هذا الحوت كان يكره الأسماك ويقتلها متعمداً حتى لو كان غير جائع
ويكون الحوت مسروراً كلما قتل أكبر عدد ممكن من الأسماك. وكانت الأسماك تتمنى دائما أن تتخلص منه ..
وذات يوم جاءت سمكة ذكية صغيرة
وجلست على أذن الحوت وقالت له: السلام عليك أيها الحوت الكبير فرد الحوت: ما هذا ؟ من أنت ؟ قالت السمكة: أنا سمكة صغيرة .. صغيرة جداً .. ولكن عندي لك فكرة قال الحوت: ما هذه الفكرة ..قوليها بسرعة وإلا أكلتك على الفور خافت السمكة
ولكنها كانت مصممة على أن تمضي في خطتها قالت
السمكة: أيها الحوت الكبير .. إنك دائماً تأكل الأسماك .. ولا بد أنك مللت طعمها وتريد شيئاً جديداً قال الحوت: وهل لديك طعام آخر لي ؟ فردت السمكة: هل جربت طعم الإنسان ؟
إنه شهي ولذيذ .. بل إنه أشهى طعام في الكون أحس الحوت بلعابه يسيل وقال للسمكة: الإنسان ؟ وأين أجد هذا الإنسان ؟ فأجابت السمكة: اصعد إلى سطح البحر وستجد
جسماً بني اللون يسمونه القارب .. اقترب منه .. وافتح فمك عن آخره ، وابتلع القارب بما فيه .
كان جاسم فتى صيّاداً من فتيان قرية السعادة التي تقع على شاطئ البحر
وكل أهلها صيادون .. وكان ينوي الحصول عل صيد وفير هذا اليوم
فابتعد بقاربه .. ولكنه وجد نفسه فجأة أمام حوت كبير .. فتح الحوت فمه وابتلعه مع القارب .
ووجد جاسم نفسه داخل الحوت مع قاربه .. وجد هناك أشياء كثيرة غريبة
فكر جاسم في طريقة للخروج .. فما كان منه إلا أن قام
وأخذ يضرب ويرفس أحشاء الحوت .. أحس الحوت بألم في بطنه .. فنادى الحوت: ماذا تفعل أيّها الإنسان ؟ فرد جاسم : إنني أتمرن قال الحوت بانزعاج : بالله عليك توقف عن ذلك .. إنك تؤلمني قال جاسم: لن أتوقف إلا إذا سمحت لي بالخروج. غضب الحوت وقال : لن أدعك تخرج .. وسأتحمل ضرباتك .. قرر الحوت أن يتحمل
ضربات جاسم .. وأحس جاسم بذلك .. فما كان منه إلا أن جمع
بعض الأخشاب من قاربه .. وأشعل فيها النار وعندها أحس الحوت بالألم الشديد .. فنادى : أيها الإنسان .. ماذا تفعل ؟ قال جاسم : الجو بارد وأريد أن أتدفأ
فأشعلت بعض الحطب فقال الحوت: أطفئها .. إنك تحرقني فأجاب جاسم : لن أطفئها إلا إذا سمحت
لي بالخروج كانت السمكة الصغيرة لا تزال جالسة على أذن الحوت .. فقالت السمكة بسرعة : أيها الحوت .. يبدو أن هذا الإنسان غير عادي .. ولا بد أن تسمح له بالخروج
فكر الحوت قليلاً .. لكن ازدياد الألم جعله يحسم أمره .. فنادى
أيها الإنسان لقد سمحت لك بالخروج .. سأفتح فمي كله وعليك أن تهرب بسرعة.
فرد عليه جاسم : لا أيها الحوت .. لقد تحطم قاربي في أحشائك .. وعليك أن تضعني على الشاطئ فقال الحوت بغضب: إن هذه فرصتك الأخيرة إما أن تخرج الآن وإلا فلن أسمح لك بعد ذلك قال جاسم ببرود وصبر: افعل ما تشاء .. أما أنا فسأستمر في تدفئة نفسي بالنار .. اشتد الألم على الحوت .. وأصبح لا يطاق .. وهنا سمع السمكة الصغيرة تهمس
له في أذنه: عليك أن ترمي هذا الإنسان على الشاطئ
وإلا سبب لك الأذى .. انطلق الحوت إلى الشاطئ حيث قرية الصيادين ..
كان الصيادون مجتمعين على الشاطئ ينتظرون عودة جاسم الذي تأخر
وبينما هم كذلك إذ رأوا حوتاً ضخماً يقترب منهم
اقترب الحوت من الشاطئ .. لكنه توقف عندما رأى الصيادين عليه .. تردد قليلاً .. ثم قال : أيها الإنسان .. لقد اقتربنا من الشاطئ .. هيا أخرج فصاح جاسم : لن أخرج إلا على الشاطئ .. عليك أن تقترب أكثر. انطلق الحوت إلى الشاطئ .. ومن شدة الألم لم يهتم بالصيادين المجتمعين
ولكنه ما إن وصل إلى الشاطئ حتى انطلقت الحراب من كل مكان وهجم عليه الصيادون
اضطرب الحوت ولم يدر ماذا يفعل .. حاول أن يتراجع ويهرب
ولكن جاسم سارع بأخذ صاري قاربه وأخذ يمزق أحشاء الحوت ..
لم تمض لحظات إلا وكان الحوت جثة هامدة .. أخذ الصيادون يحتفلون بانتصارهم على الحوت
واشتد فرحهم عندما رأوا جاسم يخرج سالماً من بطن الحوت .. ولكن الفرحة لم تكن على الشاطئ فحسب
بل كانت أيضاً في البحر .. حيث الأسماك مع السمكة الصغيرة أخذوا يحتفلون بانتصارهم على الحوت الكبير ..
وهذه عاقبة الظلم والطمع!
|