كان القاربُ يتهادى مختالاً فوق البحر الواسع وما لبث أنْ شمخ بأنفه
وقال: ما أعظمني قارباً
أمتطي البحرَ الكبير فينقلني حيثما أريد ولا يعصي لي أمرا
قال البحر: يسعدني أنْ تعترفَ بفضلي
ليس لك أيّ فضلٍ لأنكَ مسخَّرٌ لحملي
أتقضي عمرَكَ على ظهري وتنكرُ الآن فضلي
اخفضْ صوتكَ وأنتَ تحادثُ مَنْ فوقك
أتزعمُ أنكَ فوقي ولم يرفعْكَ غيري
ما رفعني إلاّ منزلتي وقدري
قال البحر غاضباً: إنك لمعجبٌ بنفسكَ وما يكون لأحدٍ أنْ يتكبّرَ على ظهري
قال القارب: سأظلُّ على ظهركَ شئْتَ أم أبيت
هاج البحرُ وثار فصار موجُهُ كالجبال وقذفَ القاربَ المغرور
فانطرح على اليابسة مكسورَ الأضلاعِ فاقدَ الإحساسِ
وحينما صحا من إغمائه حاول أن يتحرّكَ فلم يجدْ قدرة
أعادَ المِحاولةَ ولكنْ دون فائدة
شعر أنّ حياته قد انتهتْ وأصبح هيكلاً من أخشاب
قال نادماً: لقد أهلكني الجحودُ والغرور
ونظر إلى البحر الأزرق والأمواج الراكضة فعاودَهُ الشوقُ والحنين
وقال مجزونآ: ما اعضمكة ايها البحر