الفصــــــ الرابع ـــــــل
في حانة راقية و مشهورة ؛ كما هو ظاهر لأن الكثير من الناس كانوا فيها ، و قد كانت مزدحمة جداً
توقفت أمام الحانة سيارة ليموزين بيضاء و فاخرة . خرج منها شابٌ يبدو في أوساط العقد الثاني من
عمره ، و قد كان ذو شعر بني فاتح و عينان عسليتان ناعستان ، و قد كان يرتدي بذلة رسمية سوداء
و ربطة عنق حمراء مخططة ، و وهو يضع كفيه في جيبا بنطاله الجانبيين .
كان مظهره وسيماً جداً ، ما جعل كل النساء الموجودات في الحانة و قريباً منها ينظرن إليه و يتعلقن به
، كما أن بعضهن بدأن بالكلام عنه و عن مدى وسامته الفائقة .
لكن لم يكن هو وحده ، فلقد خرج من نفس سيارة الليموزين بعده شابٌ يبدو في نفس عمر الشاب الذي قبله
، و قد كان هذا الثاني يرتدي بذلة بيضاء اللون ، و قد كان هذا الأخير يضع كفيه في جيبا بنطاله الجانبيين .
و كأي شاب وسيم آخر ، توجهت انظار النساء و الفتيات الموجودات نحو هذا الوسيم ، و بدأن بالتحدث عنه
بالطبع .
جلس هذان الوسيمان على طاولة فخمة ، و بعيدة عن الزاوية بثلاث طاولات . و بدأ ذو البذلة السوداء
ينظر إلى كل اجزاء الحانة ، و يتفحصها بناظريه ، و قد اشمئز من منظر النساء العاهرات مع هؤلاء
الرجال الثملين و السكارى ، المفرطين في شرب الكحول ، بينما كان ذو البذلة البيضاء شارد الذهن ، حتى
ارجعه سؤال صاحب البذلة السوداء له :
- مارتن ، ذكرني من جديد ما الذي جعلنا نوافق على هذه الحانة !؟
عندما عاد الشخص الآخر ، الذي لم يكن سوى مارتن ستارك ، أجاب على سؤال صديقه بسخرية :
- كيفن ، كيفن ، كيفن ، هل نسيت أنك انت من قال (( أي مكان تختاره يا سيد إدوارد )) ؟
أطلق هذا الـ كيفن كروكر آهة إنزعاج سمعها مارتن و ابتسم ساخراً منه .
- هل تريدان شيئاً سيديّ ؟
سألت تلك النادلة المثيرة ، التي جاءت لأخذ طلبات كيفن و مارتن .
ردَّ عليها مارتن لكل أدب و هدوء :
- لا ، شكراً .
فوجهت النادلة نظرها إلى كيفن وسألته هو من جديد ، فأنزعج هو الآخر من غباء
هذه النادلة - كما ظن - لذلك قال و هو يكاد ينفجر من الغضب :
- ألم تسمعيه ؟ قال " لا " ، أم أنكِ لا تفهمين ؟ ها ؟
تراجعت النادلة خوطتين للوراء و علامات الخوف بادية على وجهها .
في الوقت الذي أخذ فيه مارتن بالنظر إلى هذه النادلة ، و في وجهها
على نحوٍ خاص ، و عرف أنه رآها من قبل ، لكن لا يعرف أين .
عندما رأى كيفن أن النادلة لم تتحرك ، وقف و ألتصق بها تقريباً
بحيث لم يبقى بينه و بينها سوى قرابة الخطوة الواحدة .
و أخذ كيفن ينظر في وجه النادلة مطولاً ، ثم عاد لكرسيه و قبض
يده اليسرى ، و وضع كوعه على الطاولة، و وضع خدّه الأيسر عليها ،
ثم رفع رأسه و نظر إلى النادلة الواقفة ، و ابتسم ابتسامةً ساخرة ،
لم ترى النادلة أسوأ منها يوماً ، ثم قال يخاطب النادلة و مارتن يتسمع :
- ليزا ستورم ، من كان ليصدق !
أخيراً عرف مارتن أين رأى هذه النادلة من قبل ، لقد قابلها في المدرسة
، بالطبع ، إنها ليزا ، الفناة التي سافر الدها و تركها لكي تتعذب هنا .
شعرت ليزا بالإحراج نوعاً ما ، لذلك توجهت إلى الطاولة الكبيرة حيث
يتم سكب الكحول و خلطها للزبائن ، لكنها لم تجلس - فهذا وقت العمل -
لقد ناداها شخصٌ كانت طاولته بجانب طاولة مارتن و كيفن .
و عندما جاءت ليزا إلى هذا الرجل لتأخذ طلبه ، نظر إلى جسدها ذي القوام
الممشوق ، و طلب منها كأسين من " الشمبانيا " ، و عندما عادت
ليزا و معها الكأسين له و لصديقه الجالس معه - و الذي كان يتكلم
في الهاتف - نظر هذا الرجل مرة أخرى إلى جسد ليزا و اعجب به .
رأى مارتن نظرات ذاك الرجل لـ ليزا ، و لكنه عندما نظر إلى وجهها
رأى أن الأمر اعجبها ، و لكنه كان مخطئاً ، لكن ليزا و للأسف - فقط -
اعتادت أن يرى الرجال جسدها ، فهذا عملها في النهاية .
لم ترى ليزا نظرات مارتن لها ، تلك النظرات التي تنطق بالشفقة و الحسرة
على حال ليزا ، و لقد أراد مارتن في تلك اللحظة بالذات أن ياخذها
و يبعدها عن هذا المكان ، و لكن ياللأسف ، لا يمكنه فعل شيء .
سمعت ليزا صوت رجل يناديها من خلفها ، فنظرت إلى مصدر
الصوت ، فلم يكن ذلك غير رئيسها في العمل .
عندما توجهت ليزا إلى عند رئيسها ذاك ، عاتبها و صرخ في
وجهها ، و قد كان مارتن يسمع كلامه لها ، لأنهما كانا قربين
منه قليلاً .
في الوقت الذي كانت فيه ليزا ، تترجى دموعها بأن لا تنزل .
***
انزعج مارتن من هذا الجو الخانق بالنسبة له ، فقال لـ كيفن :
- أنا سأخرج - و اكمل و هو يقف - اعقد الصفقة لوحدك .
***
مَلّت تلك الفتاة كثيراً من جلوسها في سيارة الليموزين ، لذلك
خرجت منها ، و وقفت بجانب السيارة الفخمة تلك ، و معها
حقيبة يدها الصغيرة ذات اللون الذهبي ، و التي كانت تلمع .
و ظهر فستانها الذهبي الذي يصل حتى فخديها ، و الذي
كان بنفس لون الحقيبة ، و قد كان لامعاً ايضاً يبرز جمال
هذه الفتاة ..
لكن ما شدَّ انتباه هذا الجميلة ، كان مارتن ، عندما خرج من
الحانة و هو يضع كفيه في جيبي بنطاله ، و قد كان وجهه
مليئاً بعلامات الحزن و الخيبة و الأسى .
و لم تتمالك هذه الفتاة نفسها ، فلحقت مارتن حتى وصل إلى النهر
و اتكأ على السور الذي يحمي الناس من السقوط فيه .
عندما وقفت هذه الحسناء بجانب مارتن ، و نادته بإسمه و لم يجبها .
ضربته بخفة على على ظهره ......
فكاد يهوي و يسقط في النهر ....
____________________________________________
و انتهي الفصل الرابع
مع تمنساتي بأن يعجبكم و ينال رضاكم .
الأسئلة
1- ما رأيكم في اسلوبي ؟
2- تقيمكم من 10 للفصل الرابع ؟
3- هل تريدون أن أكمل أم لا ؟