Aуα_Ƈнαη كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 5297 عُمّرـيً * : : 23 تقييمــيً % : : 59035 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 325 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 30/06/2011
| موضوع: الغضب 5/5/2015, 12:47 pm | |
| الحلقة الأولي
دخل عليها وهي تتأهب للخروج .. كانت تقف أمام المرأة تنسق طرحتها السفلية الصغيرة ذات اللون الأحمر الغامق تمهيدا لتغطي نصفها بطرحة سوداء عريضة لتخفي أغلب اللون الأحمر ولا تترك سوي حواف صغيرة علي الجبهة وعلي طرفي الحجاب الأنيق ، الذي تفننت في تنسيقه مع ملابسها المكونة من بنطلون متوسط الاتساع أسود من قماش لامع ، وجاكيت جلدي أحمر بقصة جميلة وأحزمة متداخلة لها توكات نحاسية اللون براقة .. كانت أنيقة بطبعها ، وإن كانت أناقتها من النوع البسيط الذي تجيده كل الفتيات والنسوة اللائي أتين من طبقتها المتوسطة .. أما هو فقد كان من طبقة مختلفة تماما .. رجل ثري ، وإن لم يكن ثراءه أبا عن جد ، بل صنعه بنفسه من عمله وكده وتعبه في الأشغال الهندسية ، وصفقات المقاولات الصغيرة والمتوسطة ، التي انتهت إلي صفقات كبيرة في الآونة الأخيرة .. في حفلات زملائه رجال الأعمال ، التي يحضرها مجاملة ومراعاة للظروف المواتية لعقد صفقاته الانتهازية ، أعتاد علي النسوة البراقات ، بثيابهن الأنيقة اللامعة وشعورهن المرسلة ، التي تفنن المصففون في تسريحاتها وتزيينها ، وقطع مجوهراتهن التي تخطف الأبصار وتغشي العيون .. كان يكره هذا الجو ويعرف كم هو زائف مصطنع .. لذلك أحبها هي وتمني أن تكون زوجته وقد كان .. للأسف ! كاتبة شابة صنعت لها اسما ببضع أعمال نشرتها عبر دور نشر شبابية رخيصة التكلفة ، لكنها لفتت إليها الأنظار بجودة خيالها ودقة وصفها ولغتها السردية العالية ، وبرقة المشاعر التي تحتويها مهما كان نوعها .. كانت تنوع في كتاباتها وتكتب ألوانا مختلفة من الأدب ، لذلك حظيت بقراء كثيرين ومن عشاق كل الألوان القصصية تقريبا .. وصفحتها علي موقع التواصل الاجتماعي كانت منبرها .. ومن خلال هذا المنبر الصامت ، الذي يعبر فيه الناس عن أنفسهم ومشاعرهم بالكتابة والكلمة والحرف والصورة والتعليق ، عرفها وسمع صوتها .. تعارفا تعارفاً عاديا .. قرأ لها قصة قصيرة علي صفحتها فأعجبته ، دخلا معلقا مهنئا فشكرته .. لقي منها أسلوبا مختلفا عما كان يجده من كاتبات في ازدهارها عادة .. الأنفة والغرور والأنوف المرفوعة والتظاهر بالاشمئزاز من جنس أدم .. كان يعرف تلك النوعية جيدا ويحفظ أساليبها ويكرهها من صميم قلبه .. أصلا هو كان يكره النساء كلهن فلم تزده تلك الفئة سوي تشبثا برأيه وإصرارا علي وجهة نظره السلبية في الجنس المؤنث بأكمله ! ولا لوم .. فلقد مر بتجربة مريرة مع أنثي لم تكن أمه ولا زوجته ولا حبيبته ولا أخته ولا معشوقته ولا خطيبته .. لم يكن لها أن تكون أي واحدة من هؤلاء رغم أنها ، قانونا وعرفا ، كان من المفترض أن تؤدي أحد هذه الأدوار .. لكنها اختارت لنفسها دورا آخر مختلفا تماما .. مخلفة وراءها جرحا عميقا ونفسا مهشمة مدمرة بالكامل .. كبيت من زجاج داسته أقدام ثور غليظة ! ... كانت تستعد للخروج إذن وليس بوسعه أن يمسكها .. في الحقيقة لم يعد بإمكانه أن يفرض عليها شيئا ولا أن يطلب منها شيئا بعد تلك الليلة المشئومة .. صار وضعهما غريبا بعد أن شاهدت ما شاهدت بعينيها .. لم تبكي أو تنهره أو تصرخ أو تسبه .. فقط أغلقت بابها في وجهه وقالت له : أنت وشأنك ! لم تحمل طفلهما عائدة إلي بيت أبيها ، وتفضحه أمام أهلها وتطلب الطلاق الجميل .. كان بوسعها أن تفعل كل ذلك وما كان أحد ليلومها ، خاصة لو أطلعته علي لقطة من أحد تلك المقاطع المصورة المشئومة ، لكنها لم تفعل بل اختارت السراح الجميل .. إنهما باقيان في نفس البيت ولا زال عقد الزواج بينهما سليما لم يمزق .. لكنهما لم يعودا متزوجين بمنتهي البساطة ! اتخذت لنفسها غرفة وفراشا مستقلين ، ونقلت حاجياتها إلي غرفة مجاورة ومعها مهد طفلها ، الذي كان ينام بالقرب منهما في غرفتهما المشتركة ، لكنها ظلت تجلس معه علي نفس المائدة .. تجلس في ركن وتضع طفلها علي حجرها ، تأكل صامتة أو تداعب الصبي الصغير وتطعمه ، تنشغل بشيء أو تتظاهر بالانشغال به .. يحدثها فتتظاهر بأنها لم تسمع ، يحاول دفع مقعده ليقترب من مجلسها فتضع الصبي ، كحائط صد وجدار نازي ، بينهما علي مقعد في منتصف الطريق .. يمد يده ليحاول لمس يدها فتدفع طبقا ليحول بينه وبين ما يبغي .. جلسة تبدو عادية ، وحتى الخدم التي يتولون خدمتهما علي المائدة ، لم يلاحظوا شيئا .. لا شيء يحدث هنا ليلاحظه أحد ! زوجين وطفلهما علي المائدة يأكلون .. هي مرة واحدة في اليوم يجتمعان فيها علي مائدة الإفطار بينما يتغدي هو في مكتبه ، أطعمة جاهزة سريعة ، وتتناول هي غدائها في البيت أثناء غيابه أو في الخارج مع أحدي صديقاتها الكاتبات .. صارت تخرج كثيرا بعد ما وقع بينهما ما وقع .. هذا هو التغير الثاني الذي حدث بعد تلك الليلة .. تخرج كثيرا ولا تستأذنه قبل خروجها مثلما كانت تفعل سابقا ! كانت تستأذنه في كل خطوة تخطوها فيما سبق .. حتى وإن كان مشغولا في مكتبه كانت تطلبه علي هاتفه النقال لتبلغه أن لديها ندوة يعقدها أحد المؤلفين أو المؤلفات من أصدقائها ، وتطلب إذنه للخروج ، وفورا كان يوافق .. لم يقل لها لا أبدا ولا هي قالتها له في ثلاثة أعوام زواج قصيرة جميلة ! فما الذي حدث لهما الآن يا ربي ؟! أما الآن فهو لا يعرف إنها تعتزم الخروج ، إن كان في البيت ساعتها ، إلا وهو يراها تستعد لمغادرة البيت أو عندما يراها مغادرة فعلا .. وحتى إن سألها عن وجهتها فلم تكن ترد إلا بجملة واحدة مقتضبة لا تزد عن كلمتين : " عندي ندوة ! " كلمتين وأبدا لم تزدهما إلي ثلاثة .. إنها تعتبر كل حرف تتفضل عليه به هدرا وخسارة وحراما في جتته ، لذلك تختصر حواراتها معه إلي أقل قدر ممكن من الكلمات .. كلمتين لا يستحق سواهما تقولهما بديلا عن كلمتين أخريين كان يجب أن تقالا له .. لكنها لن تقلهما فقط من أجل " عبد الرحمن " الصغير وليس من أجله ولا من أجلها ! رآها ترتدي ثيابها فعرف أنها ذاهبة إلي ندوة كالعادة .. إنها لا تذهب سوي إلي ندوات ثقافية ومناقشات كتب وحفلات توقيع .. فحياتها محصورة بين الأوراق والأقلام .. في فترة كان هو بين الأوراق والأقلام جزأ من حياتها ، وربما أكثر الأجزاء أهمية ، لكن ما فعله جعله يتبخر من حياتها ، كقلم أنكسر وسكب حبره علي الأرض ، مراقا كدم قتيل يأبي أن يجف ، عادت الصفحة بيضاء لا مكان فيها سوي لكتابتها وقصصها ورواياتها .. أما ولدها فهو حياتها ذاتها وليس جزأ منها مثلما كان أبوه ! أبوه ؟! وما كان ينبغي له أن يكون أبا .. وما كان يجب أن تجعل منه أبا وتمنحه ولدا ! إنه لا يستحق سوي ما كان يعيشه سابقا .. وحيدا منبوذا ، رغم ماله ورجولته الظاهرية وشكله المعقول جدا ، .. كان شبيها بكلب لولو ظريف جميل لكنه حامل لطاعون .. لذلك يهرب منه المقتنون ويبيعه ملاكه بثمن بخس ! بيع بثمن بخس مرات عدة واشترته هي دافعة فيه كل ما كان لديها حينئذ .. فأنتهي الحال بأن وقع عليها بخسارة فادحة !
| |
|