تريخ القدس Hitskin_logo Hitskin.com

هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداكالرجوع الى صفحة بيانات التصميم

*ღ منتديات احلى بنات للبنات فقط ღ*
*ღ منتديات احلى بنات للبنات فقط ღ*
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

*ღ منتديات احلى بنات للبنات فقط ღ*

.
 
الرئيسيةس .و .جبحـثالأعضاءالتسجيلدخول

 

 تريخ القدس

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Harriet
كبار الشخصيات VIP
كبار الشخصيات VIP
Harriet


مسآهمـآتــيً $ : : 5493
عُمّرـيً * : : 21
تقييمــيً % : : 222435
سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 963
أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 02/05/2015

تريخ القدس Empty
مُساهمةموضوع: تريخ القدس   تريخ القدس Empty12/5/2015, 9:53 pm

مدينة الإنسان
لم يكن هبوط آدم وحواء من الجنة عقوبة بقدر ما كان إمضاءً لسنة إلهية قضت بأن يعيش الإنسان رحلة حياته الأولى في دارٍ يُبنَى العيشُ فيها على ثنائية الراحة والتعب.
وقد التمس الإنسان لنفسه فيما علّمه الله تعالى وألهمه ـ أسبابًا تجلب له الراحة، وتدفع عنه التعب والنصب، وكان اتخاذ البيوت والمنازل واحدًا من أبرز هذه الوسائل وأهمها.
في البدء كانت البيوت متناثرة متباعدة، تعتمد على ما يتوافر في الأرض وعليها من موادَّ، فهذا بيت من شَعْر، وذاك منزل من حَجَر... وسكن الإنسان الكهوف ـ كبيوت جاهزة ـ في بعض مراحل حياته فوق الأرض.
ومع استمرار مسيرة الزمن دنت البيوت من البيوت، وتقاربت حيطانها، وكثرت أعدادها وأصبح الناس يرون كل مجموعة من البيوت وحدة واحدة. وعلى أكتاف هذه الوحدات قامت فكرة القرى والمدن. ومشى الإنسان على الأرض زمنًا، يبعثر في أنحائها القرى والمدن: على مجاري الأنهار، وفي الأودية والبقاع التي تَخْصُب فيها الزراعة، وحيث تَنْصَدِعُ الأرض فتُنبت الحب والثمار، وحيث ينشط مرور التجّار..
ويا لها من رحلة طويلة وعجيبة، حملت فيها الأرض أثقالاً وأثقالاً فوق ظهرها؛ مدنًا وقرىً، لكن هل تستوي المدن جميعًا، فتقف على درجة واحدة من عراقة التاريخ، وتلبس ثياب الطهر وأزياء القداسة.
لقد تفاوتت مقامات المدن ودرجاتها، حتى علا بعضها في الذُّرَى حيث لا يُلحق، واكتفى بعضها الآخر بطرف من المجد، وبقي الكثير مغمورًا في إطاره المحلي لا يتعداه.. ومن النجوم البازغة في سماء المدن مكة والمدينة والقدس، وكذلك دمشق وبغداد وطيبة وروما وقرطبة، وغيرها...
وإذا كان لكل مدينة موضعها وموقعها الجغرافي الخاص بها، فإن لكل واحدة منها أيضًا شخصيتها التي تميزها.. والقدس، أو بيت المقدس، أو أورشليم، أو إيلياء ـ هي إحدى الأمهات الكبرى للمدن التي شيدها الإنسان فوق ظهر الأرض، بل هي زهرة مدائن الدنيا.
القدس زهرة المدائن:
كانت الأرض واسعة لا يتصارع عليها الناس، بِكْرًا تَبُوحُ لهم كل يوم بِسِرٍّ كبيرٍ من أسرارها، فهنا نهر كبير يجري، وهناك وادٍ خصيب جواد بالخضرة والخير، وهناك آبار غزيرة فياضة بالماء .. هكذا بدا المشهد في المراحل المبكرة لحياة البشر فوق الأرض.
وقد سعى الإنسان منذ القدم وراء هذا الخير الذي نشرته يد القدرة الإلهية الخالقة في الأرض، وهناك أقام الإنسان مدنه ومنازله وقراه.
وقد جعل الله تعالى الناس شعوبًا وقبائل، وكان من نصيب اليَبُوسِيِّين ـ وهم سامِيُّون عرب ـ تشييدُ البناء الأول لمدينة مِن أعظم مدن الدنيا والتاريخ، وذلك قبل الميلاد بثلاثين قرنًا، حيث لم يكن النبي الكريم إبراهيمُ ـ عليه السلام ـ قد ظهر فوق صفحة التاريخ داعيًا إلى التوحيد، منتقلاً به من العراق وما بين النهرين، ومتنقلاً به بين الشام ومصر والحجاز.
ولم يكن بناء اليبوسيين لزهرة المدائن أو مدينة بيت المقدس سوى البناء الأول لها، وعلى مدى التاريخ جددت المدينة ثوبها ثماني عشرة مرة، فهدمت أو دمرت ثم أعيد بناؤها في كل هذه المرات، حتى استقرت على هيْأتِها في العهد العثماني، ودخلت عليها زيادات أخرى كبيرة مع الاحتلال الإسرائيلي للتقليل من شأن القدس القديمة ومسخ طابعها الخاص.
القدس بين البناء والهدم:
اختار الله ـ تعالى ـ لمكة أن تكون في المركز الحقيقي للكرة الأرضية، لكنها ظهرت كوديعة في قلب الصحراء الأمين، بعيدًا عن مواطن الاحتكاك، وأماكن الصراع بين الأمم، تأمينًا للأداء المطمئن لمناسك الطاعة في هذا المكان المختار المقدس.
أما بيت المقدس، فهي جوهرة ألقيت في قلب العالم المَوَّارِ بالحركة، حيث تتلاقى أطراف أمم شتى، وتطل عيون كثيرة طامعة في السيطرة على هذه البقاع.. وكأن القدس تبعث الحيوية في حياة البشر بهذا الموقع وتلك المكانة التي لها، فتتلاطم فيها أمواج البشر: المسالمة طلبا للقرب، والمحاربة طمعا في السيطرة وبسط السلطان.
والقدس مدينة ذات أرقام قياسية كثيرة، حققتْها منذ جلست في موضعها من بلاد الشام وأرض فلسطين، فقد هُدمت، أو دمرت، وأعيد بناؤها ثماني عشرة مرة، ودخلها الفاتحون ـ من شتى الأمم ـ سبعا وثلاثين مرة، كما نالت منزلة رفيعة عند المسلمين، ولدى اليهود والنصارى.
وعلى يد اليبوسيين الكنعانيين كان البناء الأول "لأورسالم" التي سميت عند المسلمين بيت المقدس، وتتابعت فيما جاء بعد ذلك من التاريخ أمم عديدة سيطرت على المدينة المباركة فجاء المصريون القدماء، والعبرانيّون من بني إسرائيل، وتبعهم البابليون الذين كانوا عُتَاةً جبارين، وجاء الفرس على أثرهم، ثم اجتاحت جيوش الإسكندر المقدونيّ المنطقة بأسرها حتى سيطروا عليها. وخلف على بيت المقدس بعد زوال دولة الإسكندر وخلفائه ـ الرومانُ، الذين بقيت المدينة في أيديهم، حتى فتحها المسلمون، وبقيت في أيدي المسلمين منذ ذلك الزمن (العام السادس عشر للهجرة)، وإن تعرضت للاحتلال ثلاث مرات: من الصليبيين في نهاية القرن الخامس الهجري، ومن البريطانيين ثم اليهود في القرن العشرين الميلادي.
اليبوسيون يبنون بيت المقدس:
كما لم يكن هنالك بشر يوم خلق الله ـ تعالى ـ الأرض، لم يكن هنالك ـ أيضًا ـ يهودي ولا إسرائيلي يوم بني اليبوسيّون بيت المقدس، فقبل الميلاد بثلاثين قرنًا (أي: في العصر البرونزي) اختارت الأقدار الموقع والبُنَاةَ الذين شيدوا مدينة القدس لأول مرة فيما هو معروف لنا من التاريخ.
ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، أو خمسة آلاف عام من اليوم، تفصل بيننا وبين تلك العقول العربية القديمة التي راحت تختار للمدينة المقدسة موقعَها، وتخطط لمبانيها.. وتلك العضلات التي راحت تنفِّذ خِطط البناء، واضعة حجرًا فوق حجر، وواصلة جدارًا بجدار، حتى استتمّ بناء المدينة الصغيرة، وبَدَتْ كأنها طفل وديع يتطلع من فوق هضبة عالية إلى الدنيا من حوله.
إن المعلومات التي نعرفها عن اليبوسيّين؛ أولِ من بنى مدينة بيت المقدس ـ قليلةٌ، وإن كان من المؤكد أنهم فرع من الكنعانيين العرب الذين هاجروا من الجنوب، وبالتحديد من شبه الجزيرة العربية، إلى هذه الأنحاء ذات الموقع المتميز والمتفوقة في ثرواتها قياسًا بصحراء الجزيرة العربية القاسية... وكانت لغة اليبوسيين الأصليةُ كنعانيةً، ثم انضمت إليها  فيما يُعتقَد  لغةُ البابليّين عند سيطرتهم على القدس.
وقد اختار اليبوسِيّون شمال بلاد فلسطين ليَقْطُنُوا فيها، بينما اختار أبناءُ عمومتِهم الفينيقيّون سُكْنَى الشواطئ الجنوبية لفلسطين.
ولم يكن العقل البشري حينئذ معطلاً عن التفكير وحُسن التدبير، برغم البعد الزمني الكبير بيننا وبين اليبوسيين؛ فهم حين فكروا في تشييد عاصمة لهم اختاروا موضعًا حصينًا مرتفعًا عما حوله من الأرض، وبَنَوْا لها حصنا؛ حتى تبقى في مأمن من الأعداء، واختاروا لها أيضًا موقعا استراتيجيًا حيويا؛ حتى ينتفعوا بمميزاته التجارية وخيراته الطبيعية، فبنيت المدينة مع مجموعة من المدن الكنعانية على طريق المياه بين الشمال والجنوب على مرتفع الضهور قرب عين ماء جيحون أو نبع العذراء  في موقع حيوي. وحفر اليبوسيون نَفَقَـًا تحت الجبل لنقل مياه النبع إلى داخل الحصن.
وكان ذلك في عهد الملك الكنعاني "سالم"، الذي عُرف بملك السلام، وعُرفت مدينته باسم "يبوس".. 
وجاء الملك اليبوسي "ملكي صادق" في القرن الحادي والعشرين قبل الميلاد تقريبا، فزاد في مباني المدينة، وشيد على المرتفع الجنوبي المعروف اليوم بـ "جبل صهيون" قلعة للدفاع عن القدس، التي صار اسمها حينئذ أوروسالم أو أورشاليم كما نطقها العبريون بعد ذلك بزمن طويل.
 
وفي مدن فلسطين القديمة أرشدت الحفائر إلى أن البيوت كانت صغيرة متراصَّةً، تتكون من طابق واحد، وهي إما من الطين أو الحجر العادي، وعادة تكون في سفح تل، أو عبارة عن كهوف في سفح التل. أما في داخل المدينة، فالشوارع ضيقة جدًا وملتوية، ولا توجد بها ميادين وعند مدخلها "السوق" حيث تقام المحكمة، وتعقد العقود، وتعلن التشريعات.
وفي هذا الزمن البعيد، كانت للقدس أهمية تجارية خاصة؛ لربْطِها بين البحر والصحراء، وَوَصْلِهَا حبرونَ (الخليل) ببيت إيل من أعمال رام الله، وتستمر الطريق من بيت إيل نحو شكيم (نابلس) من ناحية، ونحو أريحا ووادي الأردنّ من ناحية أخرى.
علاقة المصريين القدماء بالقدس:
فوق أرض مصر قامت واحدة من أقدم الحضارات البشرية، في الوقت الذي كانت فيه بقاع كثيرة من الأرض لم يسكنها الإنسان بعد.. وقد كان المصري القديم في وقت القوة يمد ذراع سيطرته إلى البلاد المجاورة له، لتصبح تابعة للتاج المصري.. ومن هذه البلاد: أرض الشام، وبلاد ما بين النهرين، والأناضول، وغيرها..
وفي القرنين العشرين والتاسع عشر قبل الميلاد سعى فراعنة الأسرة الثانية عشرة إلى بسط سلطانهم في اتجاه سوريا، ووصلوا بسيطرتهم السياسية والاقتصادية إلى أرض كنعان، وإن لم تصبح إقليمًا مصريًا. وانصبّ الاهتمام المصري على المدن القائمة في أرض كنعان؛ لأهميتها التجارية والعسكرية، والتي لم يكن للقدس منها حظ وفير حينئذ، إلا أنها نَمَتْ بعد ذلك بقليل حتى أصبح الملكُ سيزوستريس الثالث في القرن التاسع عشر قبل الميلاد يَعُدّ مَلِكَها عدوًا له يستوجب اللعنات في الطقوس الدينية.
وانشغل المصريون بشئون بلادهم الداخلية عن التدخل في بلاد كنعان زمنًا حتى جاء القرن الخامس عشر قبل الميلاد فدخل الفراعنة في صراع مع إمبراطورية الحيثِيّين في الأناضول، والملوك الشماليين في بلاد ما وراء النهر، فأصبحوا في حاجة ماسّة إلى تأمين خضوع أرض كنعان لسلطانهم، حتى يعبروا إلى أعدائهم في أمان، فنجح تحتمس الثالث في القيام بمهمة الإخضاع، الذي شمل القدس أيضًا، وإن تمتع الملوك في المنطقة بنوع من الاستقلال الواضح.
وفي القرن الرابع عشر قبل الميلاد ، جلس على عرش مصر الملك أمينوفيس الثالث وابنه أمينوفيس الرابع أو إخناتون، فأرسل أديهبا والي القدس إلى الفرعون يطلب الغوث والنجدة ضد قبائل وعشائر نزحت من الصحراء إلى فلسطين، وراحت تهدد الأمن، وتسبب الكثير من الفوضى والاضطراب، وهذه القبائل هم العبريّون من بني إسرائيل.
وقد عاد المصريون إلى بيت المقدس، وسيطروا عليها مرة أخرى بعد وفاة النبي سليمان ـ عليه السلام ـ وانقسام مملكته في القرن العاشر قبل الميلاد، وكانت السيطرة المصرية هذه المرة على يد الفرعون شيشناق من الأسرة الثانية والعشرين.
وإذا كانت القدس ومصر قد دخلتا بعد ذلك ـ ضمن المنطقة ـ تحت سلطة أجنبية واحدة عدة مرات، على يد اليونانيين والفرس والبطالمة والرومان ـ فإن الفتح الإسلامي لمصر، لم يتيسر إلا بعد فراغ عمرو بن العاص من أمر بيت المقدس، حيث حاصرها طويلاً، حتى صَالَحَ عمرُ بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أهلَها. وأدخل الفتح المبارك مصر والقدس تحت سلطان المسلمين، فصنعوا لهما هوية واحدة، وبقى الرباط بين البلدين علامة من علامات التاريخ في المنطقة إلى الآن.
الخليل إبراهيم في القدس:
فيما بين النهرين، وقبل الميلاد بعشرين قرنًا تقريبا، ظهرت شخصية من أمهات الشخصيات الإنسانية، وهو سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام ـ فوجد قومَه يعبدون البشر والحجر والكواكب والنجوم، من دون الله ـ تعالى ـ فحنف ومال عن تلك الخرافات، وراح يجادل قومه ويحاججهم ، فوجد قلوبًا مملوءة بالهَوَى وتقليد الآباء، وعقولاً مغلقة على ما سبق، وإن كان خرافةً لا يستسيغها عاقل.. وأكثر من ذلك وجدهم يردّون على حججه القاطعة بالأذى ومحاولة الإفناء الجسدي، فهاجر إلى ربه.
ومن هذه اللحظة ساح الخليل إبراهيم في أرض الله، وغرس في كل بلد دخله مَعْلَمةً للتوحيد، أو ترك أثرًا يجعل لعبادة الله احترامًا في نفوس الخلق، فدخل مصر، وملأ نفس ملكها احترامًا وهيبة له، ودخل مكة، وترك بها ذرية مؤمنة وبيتا يمثل معلما للتوحيد، ودخل أورشليم بيت المقدس وبلاد الشام، وبنى المسجد الأقصى ـ فيما يقال ـ وترك هناك ذريته من ولد إسحاق ويعقوب، الذين بقي لهم ذكر في التاريخ، وكثرت ذريتهم: (.. فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة.. ).
لقد ترك إبراهيم ذريته وسط العرب في موطنَيْن من الأرض، فترك بِكْره إسماعيل بين الجُرْهُميين العرب في مكة، وترك ولده الثاني إسحاق بين أظهر العرب الكنعانيين، فنما زرع إسماعيل، وكثرت ذريته، حتى صار أبا لهؤلاء المستعربين في الجزيرة العربية، وجاء من هذا النسل الكريم خاتم النبيين محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي كان يرجع برسالته إلى حنيفية إبراهيم ـ عليه السلام.
كما نما زرع إسحاق، وكثر أبناء ولده يعقوب، الذي انحدر من نسله بنو إسرائيل، وخرج من ذريته أنبياء كثيرون أقاموا في القدس وما حولها.
يعقوب وبنوه:
"إسرائيل" ويعقوب علمان على شخصية واحدة، كُتبت في سجلات النبيين، ووُصف بأنه "الكريم ابن الكريم ابن الكريم..".. بدأ رحلة حياته في أرض الشام، مستكملا مسيرة أبويه إبراهيم وإسحاق هناك.. ورُزق يعقوب باثني عشر ابنا، وكان متوقعا أن يستمر تناسلهم وتكاثرهم في بيت المقدس وما حولها، لكن القحط والجدب في هذا الموطن حينئذ، وشغْلَ يوسف بن يعقوب ـ عليهما السلام ـ منصبا كبيرا في بلد خصيب هو مصر ـ دفعت ببيت يعقوب إلى الهجرة.
هاجروا إلى موطن جديد، وفي ركبهم نبي، وينتظرهم في مصر نبي، فليس المهم لديهم أن تكون الإقامة هنا أو هناك، ما دامت حرية العبادة مكفولة، وما دامت ضروريات الحياة متوافرة.
هاجروا إلى مصر، ومرت عليهم فيها أربعة قرون، بقوا خلالها فصيلا مميزًا من البشر، ولم تشأ الأقدار الإلهية أن يذوبوا وسط سكان الشام من العرب، ولا وسط المصريين الحاميّين، حتى خرج بهم موسى ـ عليه السلام ـ من مصر، وأراد أن يرجع بهم إلى بيت المقدس قبل الميلاد باثني عشر قرنًا، إلى الأرض التي بارك الله حولها، ليخطوَ تلك الخطوات المباركة التي خطاها من قبل في المدينة المقدسة الخليل إبراهيم ـ عليه السلام ـ لكنهم عصوا الله ورسوله.
النبي موسى والأرض المقدسة:
(يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين).. هكذا حكى القرآن نداء موسى ـ عليه السلام ـ لقومه من بني إسرائيل بدخول بيت المقدس وما حولها، بعد أن نجاهم الله من فرعون وقومه ـ في القرن الرابع عشر قبل الميلاد تقريبا.
ولم يفهم بنو إسرائيل أن مهمة الناس تجاه رسولهم، بعد الإيمان به عن قناعة وطواعية، هي طاعة أمره، ولو شق على النفس، وصعب على الإمكانات المتاحة، فراحوا يخاطبون رسولهم الكريم موسى بما يخالف أدب الخطاب مع العظماء الذين اصطفاهم الله، فقالوا: (يا موسى إن فيها قومًا جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون).
فخافوا وجبنوا عن مواجهة قومٍ لمجرد أنهم يفوقونهم في ضخامة الجسد وقوة البنية، ولم يعلموا أن النصر لا تقف خلفه هذه الأسباب وحدها، فالعقيدة الراسخة، والهمة العالية، والحرص على إرضاء الله ـ تعالى ـ كل هذه قوى دافعةٌ تَسقط تحت أقدامها الفروقُ والمميزات الأخرى.
 
لقد تربّت هذه الأنفس على العبودية والذل حينما سخرهم الفراعنة للخدمة والأعمال الدنِيّة، وأبَى بنو إسرائيل ـ عندما أتيحت لهم الفرصة ـ أن يطلّقوا هذه العبودية، وذاك الجبن، واكتفوا بأن تتدخل اليد الإلهية لإنقاذهم من فرعون، أما هم فلن يفعلوا شيئا، ولو من أجل دخول الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم!! فقالوا: لنبيهم: (إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون).
وبهذه المعصية حُرِم بنو إسرائيل في هذا الجيل من تملك بيت المقدس، فشكاهم موسى إلى ربه (رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافْرُقْ بيننا وبين القوم الفاسقين)، فكتب الله عليهم التيه في أرض سيناء أربعين سنة، لم تنقطع فيها نعم الله عنهم، حتى ظهر جيل آخر أقرب إلى الله ـ تعالى ـ فقادهم يوشع بن نون تلميذ النبي موسى ـ عليه السلام ـ أول القرن الثالث عشر قبل الميلاد تقريبا ـ فدخلوا بلاد الشام، واستولوا على أريحا شرقي القدس، دون أن تتم لهم السيطرة الكاملة على الأرض المقدّسة، فقد تأجل ذلك إلى القرن العاشر قبل الميلاد، ليتحقق على يد داود ـ عليه السلام.
القدس عاصمةً لمملكة داود:
في عيون أهل الدنيا تعلو منزلة الملوك كل منزلة، وفي عيون طلاب الآخرة يرتفع مقام الأنبياء فوق كل مقام، وهذا داود ـ عليه السلام ـ قد جمع الله له الملك والنبوة معًا، فسجله التاريخ كواحد من الشخصيات العظيمة بالمقياسين الديني والدنيوي.
بزغ نجم داود في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، في وقت صراع بني إسرائيل مع الملك جالوت المسيطر على بيت المقدس، حيث طلب بنو إسرائيل من أحد أنبيائهم أن يختار منهم ملكا يقودهم لدخول بيت المقدس، فرضُوا بعد جدال لم يكن هناك ما يدعو إليه ـ بطالوت الذي اختاره لهم نبيهم بأمر الله ـ تعالى.
وقاد طالوت جموع بني إسرائيل الكثيفة لقتال عدوهم، ونفوس الإسرائيليين موزعة، ما بين طامع في نصر دين الله ـ تعالى ـ وطامع في تحقيق نصر لا يدفع له ثمنًا.. وفي الطريق تساقط من جنود طالوت كثير من أتباعه أمام الاختبارات، فخالفوا قائدهم، وجبنوا لِمَا رأوا من قوة جنود جالوت، فتقدم طالوت بنحو ثلثمائة من المؤمنين ثبتوا معه، وبرزوا لعدوهم في إيمان وشجاعة، وتضرعوا إلى ربهم أن يلبسهم الصبر ويرزقهم ثبات الأقدام والنصرَ على العدو، فمكن الله هؤلاء المؤمنين من رقاب عدوهم فغلبوهم، وطلع نجم داود حينما تقدم من جالوت الملك نفسه، فأرداه قتيلاً، وحسم المعركة لصالح العصبة المؤمنة سنة ألف وتسع وأربعين قبل الميلاد تقريبا.
من يومها أصبح داود عند بني إسرائيل ـ مؤمنهم وكافرهم ـ رمز المجد والنصر، خاصة أنه تولى الملك عليهم، وأقام دولة مسلمة عاصمتها بيت المقدس.
وحين دخل داود المدينة المباركة وجدها مقامة على الجانب الشرقي، فأقام في الجانب الغربي جزءًا آخر يكاد يكون مدينة وحده، وبنى فيه القصر، مستعينًا في ذلك بخبرة أهل بيت المقدس، وهم ذوو أصول سامية عربية.
وأكثر من ذلك أن الشعب في مملكة داود كان كثير من أفراده من اليبوسيين العرب، بل إن العهد القديم الذي يقدسه أهل الكتابَيْن يذكر أن داود عليه السلام - تزوج من هؤلاء العرب.
وتحت حكم داود بقيت القدس أربعين سنة عاصمة لدولة موحدة، ونشطت التجارة في المنطقة المحيطة في هذه الفترة.
وانتقل الملك بوفاة داود إلى ابنه سليمان ـ عليهما السلام ـ فبلغت المملكة أقصى اتساع لها في عهده.
القدس عاصمة لمملكة سليمان:
بعد أربعين سنة من الحكم والملك مات سليمان ـ عليه السلام ـ حوالي عام ثلاثين وتسعمائة قبل الميلاد، وقد بقيت مملكته طوال هذه المدة قوية مرهوبة الجانب، وظلت القدس عاصمة له طوال حكمه ..
وأتيح لسليمان من أسباب القوة والسيطرة ما لم يتح لأبيه من قبله، فكان له جنود من الجن والإنس ومن الطير، وسخر الله له الريح تتحرك بأمره حيث شاء، وعلمه لغة الطير، مما مثل عنده أدوات لنشر الدين ومحاربة الوثنية والخرافة.
والقدس عند نبي الله سليمان أكثر من عاصمة سياسية لمملكته؛ فهي قبل ذلك، منار ينطلق منه نور النبوة، وتقام فيه العبادة لله تعالى وحده، وقد جدد سليمان ـ عليه السلام ـ بناء المسجد الأقصى بالمدينة المقدسة، واستعمل الإنس والجن في ذلك، حيث عملوا له محاريب، وغير ذلك من البنايات التي تخص المسجد.
ولم تقتصر حركة سليمان العمرانية على مسجد بيت المقدس الجليل، بل اتسعت لتشمل المدينة كلها، وكثيرًا من الجهات والبقاع في مملكته، فغدت القدس مجالا لحركة عمرانية كبيرة، ودخلت عليها توسيعات كثيرة. والقرآن في حديثه عن سليمان يشير إلى اهتمامه بالبناء والعمران عموما، واستخدامه الجن في هذه المهمات (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجِفَان كالجواب وقُدُور راسيات). وقد جاءت ملكة سبأ إلى النبي سليمان في عاصمة ملكه، فوجدت أمامها صرحا عجيب البناء، أقيم من الزجاج فبهرها، حتى أسلمت لله، الذي يؤمن به سليمان قبلها بالرغم من أن ملكه أعظم من ملكها مراتٍ ومراتٍ.
وللشهرة الواسعة التي نالها سليمان، حتى وهو حي، بقيت عاصمته أورشليم جاذبة للناس من كل الأجناس، ومن علامات شهرته أن ملكة سبأ حينما تلقت كتابه إليها، قالت للناس من أنصارها: (إنه من سليمان..) ، فحدثتهم بطريقة مَنْ يعرف سليمان جيدًا.
وقد كانت روعة البناء والعمران السليماني في القدس وغيرها جاذبة لأعين الملوك فيما بعد، فحرصوا في غزوهم لبيت المقدس على سلب كنوزها، وتخريب عمرانها، ومثلوا سيف انتقام قاسيا من بني إسرائيل، ومن هؤلاء: البابليون والفرس واليونان والرومان.
الغزو البابلي لبيت المقدس:
بعد وفاة سليمان ـ عليه السلام ـ دب الخلاف بين بني إسرائيل، وتنازعوا على الملك، وانقسموا دولتين: إسرائيل في الشمال، ويهوذا في الجنوب، وعاصمة الأخيرة بيت المقدس.
ودب فيهم الداءان: الفرقة، وضعف الإيمان بالله، فكان من أثر ذلك أن تسلط عليهم أعداؤهم، فاقتحم الآشوريون القساة دولتهم الشمالية، وشردوا الشعب فيما سمى بـ "السبي الأول"، حوالي عام سبعمائة وواحد وعشرين قبل الميلاد.
وأما الدولة الجنوبية يهوذا، فقد اكتسحها البابليون، يقودهم نبوخذ نصَّر أو بختنصر البابلي، الذي تعامل مع بني إسرائيل بقسوة شديدة أيضا، لضلوعهم في معاونة خصومه من فراعنة مصر ـ كما يذكر بعض المؤرخين ـ فحطم بختنصر بيت المقدس، وذبح قائد الإسرائيليين وأبناءه، ونفى الشعب الإسرائيلي إلى ما بين النهرين، فيما سمى بـ  "السبي الثاني". وهرب الكثيرون من وجه البطش البابلي إلى مصر والشمال الإفريقي وشبه الجزيرة العربية، وأصبحت القدس مدينة مدمرةً تتردد في أنحائها أصوات الخراب والدمار، وصارت خالية من الإسرائيليين تماما. وذلك في أوائل القرن السادس قبل الميلاد.
في هذا الزمان كان الآشوريون حكاما أقوياء فيما بين النهرين، فزحف البابليون في دولتهم الثانية على العاصمة الآشورية نينوى حتى سلبوا منها المجد، وحطموا الدولة الشرسة، ثم انطلق البابليون يوسِّعون سلطانهم، حتى أخضعوا الشام وبيت المقدس، ومنذ هذا اليوم سرى على القدس قانون أن الأقوى هو وحده الذي يستطيع السيطرة على المدينة المقدسة، يصدق ذلك على البابليين، كما يصدق على الفرس من بعدهم، ثم اليونان، ثم الرومان، وهكذا.
سيطرة الفرس على بيت المقدس:
في منتصف القرن السادس قبل الميلاد، وبعد أن أزال الإمبراطور الفارسي قورش مُلْكَ البابليين، راح الفرس يبسطون سلطانهم على المواضع المهمة من العالم المحيط بهم، وكانت دولتهم فَتِيَّةً تملك من أسباب القوة ما يمكّنها من ذلك، كما كان سلطانُها الكبير قورش يسلك سبيل الرفق مع خصومه، على النقيض من سابقِيهِ من الآشوريين والبابليين الذين لم يقتصروا على الشدة مع أعدائهم في ساحات الحرب، بل اشتدوا أيضا في مواجهة الشعوب بعد فتح الدول والاستيلاء على المدن.
وقد كان قورش أحد الفاتحين التاريخيين لبيت المقدس، فقد اتخذ قرارًا ذا أهمية خاصة في تاريخ اليهود، وهو السماح لهم بالعودة من السَّبْيِ إلى بيت المقدس، بعد أن مزق البابليون جموعهم، لكن كثيرا من الإسرائيليين كانوا قد كيّفوا حياتهم مع الواقع الجديد، واستقرت أوضاعهم في بلاد ما بين النهرين، وفضلوا البقاء في المنازل الهادئة التي أقاموها على شواطئ دجلة. إلا أن القلة التي عادت إلى المدينة المقدسة أعادت بناء سور المدينة وبيت العبادة من جديد.
ومع أن الفرس قد غادروا المدينة ومدنا أخرى كثيرة غيرها أمام زحف الإسكندر المقدوني الكاسح، إلا أنهم عادوا إليها، والرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مرحلة دعوته في مكة، وذلك بعد الانتصار الكاسح الذي حققوه في مواجهة البيزنطيين سنة 614 من الميلاد، وعاد الفرس ليلقوا هزيمة مريرة أمام الحشود الهائلة التي قادها هرقل بعد هذا التاريخ بثلاثة عشر عاما، حيث سيطر الروم البيزنطيون على بيت المقدس بضع سنوات، انتهت بالفتح العُمَرِيّ للمدينة المقدسة سنة ست عشرة من الهجرة.
اليونانيون ووجود قلق في القدس:
الإسكندر الأكبر أو الإسكندر المقدوني، أحد القادة الكبار في التاريخ البشري، شرَّق بقواته وغرَّب فاتحا للبلاد والمدن، واستولى بقواته، وهو في مَيْعَةِ شبابه، في القرن الرابع قبل الميلاد، على مساحات واسعة من الأرض المعمورة حينئذٍ، فكون إمبراطورية لها ممتلكات في كل قارات العالم القديم: أوروبا وآسيا وإفريقيا.
وكان من قدر مدينة بيت المقدس أن تقع في يد هذا القائد الكبير، الذي أزال دولة الفرس، حين هزم دارا الثالث بالقرب من نهر إيسوس..
وقد سار الإسكندر في معاملته لليهود سير سابقِيه من الفرس، فمال إلى الرفق بهم؛ إذ استطاع أحد أحبار اليهود أن يؤثر عليه، وينال رضاه.
وعلى الرغم من ذلك فقد ضعفت أهمية بيت المقدس في هذه الفترة؛ إذْ كانت القوافل التجارية تمر بالمدن القريبة منها، دون أن تكون في حاجة إلى الذهاب إلى أورشليم التي تفتقر إلى المواد الخام التي تعتمد عليها التجارة.
واختطف الموت الإسكندر سنة 322 قبل الميلاد، وهو في شرخ شبابه، وكان قد مر على فتحه للقدس عشر سنوات فقط.. فانفتح بموته بابٌ لصراعٍ مرير بين ذوي النفوذ في دولته؛ إذْ لم يتركْ لخلافته سوى طفل صغير، كان تولّيه إيذانا بقيام المعارك والصراعات الطاحنة بين أصحاب النفوذ في جميع أنحاء إمبراطورية الإسكندر، و"تعرضت أرض يهوذا ـ وعاصمتها أورشليم ـ باعتبارها منطقة عبور مركزية للقوات المتصارعة ـ للغزو المتواصل من الجيوش السائرة من آسيا الصغرى إلى سوريا أو مصر، تحمل أمتعتها ومعداتها وعائلاتها وعبيدها. وفُتحت أورشليم ست مرات على الأقل في تلك السنوات".
تأرجحت السيطرة على القدس في هذه المرحلة بين طائفتين من اليونانيين هم: البطالمة والسلوقيون، فأخذ بطليموس الأول الذي سيطر على المدينة سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة قبل الميلاد ـ ينفي اليهود خارج القدس، ونقل الكثير منهم إلى الإسكندرية.
ومالت الكفة إلى السلوقيين سنة 275 قبل الميلاد، فاستولوا على بيت المقدس، ثم عاد البطالمة من جديد واستولوا على المدينة المقدسة سنة 199 قبل الميلاد، فدمر اليونانيون بيت العبادة الإسرائيلي، وكثيرًا ما كانوا يستدرجون اليهود إلى يافا، ويغرقونهم في مياهها، وازدادت الهجرات اليهودية إلى مصر والشمال الإفريقي وبلاد ما بين النهرين خلال هذه الفترة.
وقد جعلت هذه الأحداث الدامية اليهود أكثر ميلا إلى الحكم السلوقي، فعاونوه ضد البطالمة والمصريين (الذين كانوا خاضعين للحكم البطلمي أصلا)، فعادت أورشليم تابعة للسلوقيين من جديد، وخفف أنطيخوس السلوقي الضرائب عن اليهود، واهتم بعمارة المدينة وتدعيم حصونها، حتى ازدهرت أورشليم، وصارت مدينةً فخمة معمورة بالسكان.
ولم يمر وقت طويل حتى اقتحم المدينةَ غازٍ جديد، هو أنطيوخوس أبيفانس الحاكم اليوناني في سوريا، وذلك حوالي سنةِ مائة وسبعين قبل الميلاد، فنهبها وذبح الكثير من سكانها، ثم أرسل قائده أبولونيوس ليواصل عمله في تدمير المدينة ومعبدها، مما نتج عنه ثورة يهودية عارمة سنة ثلاث وستين ومائة، تسمَّى ثورة المكابيين، التي نجح اليهود فيها في طرد اليونانيين من بيت المقدس.
الرومان في القدس:
الروم البيزنطيون من الأمم التي كان وجودها في بيت المقدس بارزًا وطويل المدى، فقد استعمروا المدينة، وسيطروا عليها قرابة سبعمائة عام..
فقبل الميلاد بحوالي ستين عامًا، وقع الخلاف بين أصحاب السيطرة من اليهود في بيت المقدس، فانقسموا فرقا، وطلب بعضهم العون من الرومان القريبين، فأقبلت جحافل الرومان الغازية يقودهم بومبي حتى ضربت الحصار على بيت المقدس، ووقفوا بأسوار المدينة حتى اقتحموها بمهارة عالية، مستخدمين أدوات الحصار والاقتحام من المجانيق ورءوس الكباش وأبراج الحصار، وقُتِلَ اثنا عشر ألف يهودي في المذبحة التي ارتكبها الرومان عقب دخولهم المدينة.
وطوال فترة التواجد الروماني في بيت المقدس، جرت هناك أحداث تمثل علامات بارزة في تاريخ المدينة المقدسة، ففي بداية الاحتلال الروماني قام اليهود بثورة واضطرابات عديدة ضد الغزاة، فقاد الحملة عليهم حاكم سوريا الروماني "لوقيانوس كراسوس"، الذي دخل المعبد ونهبه.
والغريب أن القائد هيرود الآدومي الذي قاد حملة قاسية ضد اليهود قبل ميلاد المسيح بحوالي أربعين عاما، عاد ليعطي اليهود نوعا من الحرية الدينية، وسمح لهم بإعادة بناء بيت عبادتهم. وأثناء ولايته على القدس والجليل اهتم هيرود بإعادة تخطيط المدينة، ودعّم حصونها، وزودها بأبراج الحراسة، خاصة في الغرب والشمال الغربي، تأمينا للمواقع الضعيفة منها.
وكان هيرود قد غزا المدينة، منتهزا فرصة تنازع الأمراء المكابيين اليهود على ما تبقى لهم من سلطة عشائرية تخص الطائفة اليهودية، مثل: تحصيل الزكاة، والقضاء بينهم، وتنفيذ أحكام التوراة فيهم.
وبقى من العلامات البارزة في التاريخ الروماني لبيت المقدس أيضا: مولد المسيح عليه السلام، وطرد اليهود من بيت المقدس على يد تيطس ثم هرقل، واتخاذ المسيحية بتفسيرها الخاص ديانةً رسمية للدولة الرومانية، وإعادة بناء بيت المقدس على الطريقة الرومانية حاملة اسمها الجديد إيلياء.
مولد المسيح في ظلال الحكم الروماني:
مثّل عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ الفرصة الأخيرة أمام بني إسرائيل للعودة إلى الله ـ تعالى ـ وترك المعاصي التي أَورثتْهم الذلَّ، وأوقعتْهم ـ بصورة متكررة ـ فريسة منتهكة بين أظافر أمم مختلفة وأنياب شعوب متباينة.
وقد جاء ميلاد هذا النبي الكريم في بيت لحم التابعة لبيت المقدس، معلنا عن واحدة من المعجزات المؤيدة له، والمؤكدة لصدقه، حتى قبل أن يستغني عن ثدي أمه الطاهرة، فوُلد ـ عليه السلام ـ من أم عذراء لم يمسسْها بشر، وتكلم في المهد مثبتًا المعجزة الظاهرة القاهرة.
وبدلا من أن يكون إرسال هذا النبي الكريم فرصة يستغلها بنو إسرائيل للخروج من الاستعباد الروماني، بالانقياد لأوامر النبي وطاعته ـ إذا بهم يقفون في الصفوف الأولى التي تحارب عيسى ـ عليه السلام ـ وتسعى إلى قتله، كما قتلوا كثيرًا من الأنبياء السالفين، وتعاونوا في تلك المحاولة الآثمة مع السلطة الرومانية القائمة، خشية أن ينتزع عيسى ـ عليه السلام ـ شرفَ السلطة الدينية من يد الكهنة اليهود. وكان القيصر في هذه الفترة هو: كلوديوس، ووالي بيت المقدس الرومي هو: بيلاطس.
ومع أن الله ـ تعالى ـ قد نجَّى نبيه الكريم من المؤامرة الدنيئة، إلا أن الفرصة لم تتكرر بهذه الصورة أمام بني إسرائيل للخروج الكريم من الاستعباد والاضطهاد، خاصة مع الاضطهاد الكبير الذي تعرض له أتباع عيسى ـ عليه السلام ـ بعد أن رفعه الله إليه.
وبقي المسيح ـ عليه السلام ـ أحدَ أهم الشخصيات المرتبطة بالمدينة المقدسة، خاصة أنه خاتمة أنبياء بني إسرائيل، وليس بينه وبين رسول الله محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ رسولٌ ولا نبي.
الرومان وطرد اليهود من بيت المقدس:
صَبَّتْ أحداث الزمن الروماني في بيت المقدس في اتجاه تفريغ المدينة من اليهود، حتى جاء الفتح الإسلامي للمدينة وليس فيها يهودي. ومن المناسبات الكبيرة التي طُرد فيها اليهود من بيت المقدس ما جرى عام سبعين من الميلاد على يد الحاكم الرومي القوي تيطس، الذي دمر المدينة. ثم طُرد اليهود بالكامل منها سنة خمس وثلاثين ومائة من الميلاد.
وحينما أقبلت جحافل الفرس في القرن السابع الميلادي من المشرق، تزحف على ممتلكات الروم البيزنطيين، استولوا على بيت المقدس ضمن ما استولوا عليه، ووقف اليهود حينئذ بجانبهم، وشاركوهم في التنكيل بالرومان. وحين نجح هرقل في دحر الفرس عند نينوى، وأجلاهم عما احتلوه، وأزاحهم عن بيت المقدس، كان لابد له أن يصفِّي الحساب مع اليهود، ونفَّذ ذلك بصورة قاسية، حيث قتل من اليهود أعدادًا كبيرة، وفرَّ كثيرون تحت سِيَاطِ الاضطهاد والتنكيل، وصارت بيت المقدس خالية من اليهود تماما.
وهكذا نتج عن السحق المتكرر لليهود باليدِ الرومانية الباطشة، تدمير المدينة على يد القياصرة، وأجليت عنها أعداد كبيرة من اليهود، ونُكّل بالكثير منهم، وجرى لهم شتات عام، وضعفت البنية السكانية اليهودية في عموم أرض فلسطين بسبب كثرة القتلى والفارين من وجه الرومان.

وقد حرص أهل بيت المقدس عند الفتح الإسلامي لها على اشتراط أن لا يدخل اليهود المدينة المقدسة، حينما صالحوا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على تسليم المدينة المباركة للمسلمين عام ستة عشر من الهجرة النبوية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بريطآنيه .
كبار الشخصيات VIP
كبار الشخصيات VIP
بريطآنيه .


مسآهمـآتــيً $ : : 3362
عُمّرـيً * : : 22
تقييمــيً % : : 93253
سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 390
أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 26/12/2013

تريخ القدس Empty
مُساهمةموضوع: رد: تريخ القدس   تريخ القدس Empty13/5/2015, 3:54 pm

قلب: قلب:
ألسلأمم ععليكم ۇۈۉ رحمهةه ألله تعألى و بركأته ، ، بسم ألله ألرحمن ألرحيم 
ألصلأﮭةة و ألسلأم ععلى أششرف ألمرسلين محمد صلى ألله ععليه ۇۈۉ سلم 
هلأ و ألله حبوبةة $ وش أحوألكك ؟ أن شأء أللﮭ بخير .. دأئمأ بأفكأركك ألخرأفية 
مأ شأء أللﮭ عليكك ،، ججزآك الله خير ع الطرح بجَد تاريخـها عريق ومجيد تحيا 
القدس العربية إسسَلاميةة ! تقبلي مروري جعلها الله في موازين حسانتك يا رب
موفقه ~ 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://plus.google.com/u/0/110781717606583848844
Harriet
كبار الشخصيات VIP
كبار الشخصيات VIP
Harriet


مسآهمـآتــيً $ : : 5493
عُمّرـيً * : : 21
تقييمــيً % : : 222435
سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 963
أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 02/05/2015

تريخ القدس Empty
مُساهمةموضوع: رد: تريخ القدس   تريخ القدس Empty13/5/2015, 10:52 pm

سطرت لنا أجمل معانى الحب

بتلك الردود الشيقة التي تأخذنا

إلى أعماق البحار دون خوف

بل بلذة غريبة ورائعة

دمت لنا ودام قلمك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تريخ القدس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القدس القدس
» القدس لي
» خاطزة عن القدس ...........
» القدس سيدة المدائن
» تحرير القدس (من تاليفي)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
*ღ منتديات احلى بنات للبنات فقط ღ*  :: ~►♥ الأقـسـام الـعـامـة ♥◄~ :: نفحات إيمانية.-
انتقل الى: