أن تمسك قلماً وتبدأ بنسج لوحة جامدة سرعان ما تنطق ألواناً ومعانيَ أمرٌ في غاية الصعوبة والمتعة معاً.
جميعنا حاول خلال سنين الدّراسة أن يرسم عيناً دامعة أو يداً منتصرة أو شجرة يابسة... وغيرها من الخربشات التي لم تتعدَّ كونها أسلوباً للتعبير عن الحزن أو الملل أو الغضب... ولكن قلّة منّا من تابع هذه الهواية وسعى إلى تـــطــويــرهـــا وصـقلها لتمسي ملكة تمكّنه من تحويل الجماد البارد إلى مشهد دافئ ينبِضُ بالحياة.
وقد تنوعت مدارس الرّسم وأساليبه وأدواته المستخدمة بحيث صار لكل واحد عالمه الخاصّ به. ولكن يبقى الذوق العام للفنان هو الأساس الذي يمكنّه من إيصال رسالته بأسهل الطّرق الى المتلقّي. للرسم فوائد كثيرة، إليكم أبرزها:
1. يعتبر الرسم وسيلة فعّالة للتعبير، خاصة أنه كان لغة الإنسان القديم الذي استطاع عبره أن ينقل أفكاره وآراءه من خلال الرسم على الجدران والأحجار.
2. هو وسيلة للتخفيف من الضغوط النفسيّة والشّحنات الانفعاليّة: كالغضب والحزن...
3. يُعلّم الصّبر والتروّي. فالرسّام يتعامل مع اللوحة بدقّة وأناة متناهيتين ويسعى قدر الإمكان أن لا يخطئ فيضيّع كل ما تعب لأجله.
4. يُنمّي مهارة الاتصال البصري من خلال عمليّة مراجعة العمل وقيام العقل بالمراقبة والتحكم أثناء قيامه بممارسة الرسم اليدوي الحر والتشكيل أو التركيب البصري.
5. يُفرغ الطاقة السلبيّة بأمر جميل ومفيد. هناك ثلاثة عناصر تعمل معاً أثناء القيام بالرسم وهي:
أ. العقل: كمحلّل للصور والخيالات، إذ يشكّلها بالطريقة التي يراها مناسبة.
ب. الذاكرة: كمخزن لتلك الصور والأشكال والرموز ومعالجتها بواسطته.
ج. الأعصاب: القادرة على نقل تلك الصور من الذاكرة أو الخيال إلى أرض الواقع بواسطة أيّ جزء مناسب من أطراف الإنسان وأبرزها الأنامل.
من حسن الحظ أنّ المعاهد التي تعلم الرسم أصبحت منتشرة بشكل واسع، وهي تقدم خدمات مميّزة ومفيدة. ولكن إن كنت من هواة تعلّم الرسم بشكل الإرشادات :
1. اختر الصورة التي تودّ رسمها مع مراعَاة وضوحها وأن تكون بحجم معقول وكبير نسبياً.
2. قم برسم خطوط أفقيّه عمودية رفيعة على الصورة لتكوين شبكة تحتوي على مربعات متساوية المقاسات.
3. أحضر ورقة رسم فارغة وارسم عليها نفس الشبكة المرسومة سابقاً على الصورة مع مراعاة أن تكون الخطوط رفيعة جداً ليسهل مسحها لاحقاً.
4. ابدأ الآن عملية الرسم على الورقة بواسطة المربعات. عليك رسم كل مربع على حدة.
5. حاول نقل الرسمة دون أخذ المسافات بالمسطرة من الصورة، واستخدم تقديرك في وضع خطوط الرسم وموقع التقاطع مع المربع وستجد أن العملية سهلة جداً.
6. تذكّر أنّ من أهمّ مبادىء الرسم الصحيح الابتداء برسم الهيكل الخارجي للشكل المراد رسمه، والانتباه إلى المسافات بين الأشكال. إذا كانت الرسمه تحتوي على أكثر من شكل، فكلما كان الشكل أقرب كلما كان حجمه أكبر ولونه أغمق، وبالعكس. ولا تنس الانتباه إلى عاملي الظلّ والضوء، ولكيفية مزج الألوان.
7. بعد الانتهاء، قم بمسح خطوط الشبكة، مع الحذر من مسح الشكل المرسوم.
كان الفنان العالمي "بابلو بيكاسو "1881 ولازال علامة فارقة في عالم الرسم، ومن أكثر الشخصيات تأثيراً في عالم الفن بشكل عام، ومن طريف ما يروى عن قصته، أنه بدأ يرسم في صغره قبل أن يبدأ الكلام! مما جعل معلميه يتنبؤون بعبقريته.
وحالياً، قد يظلم بعض المعلمين الطلاب الذين تظهر مهاراتهم الفنية من الرسم والتركيب، قبل مهاراتهم الأساسية كالحفظ والقراءة والتذكر، ويجعلهم يضعون طلابهم في مأزق يضطر هؤلاء الطلاب لمجاراة زملائهم، لئلا يُنظر لهم بدونية.
وخارج المدرسة، ربما الوالدان أو الأهل، يضايقهم عدم وجود مهارات حسابية وعلمية في الطفل، واتجاهه نحو الرسم، والتركيب، وتنسيق وتزيين الأشكال، متغافلين في الوقت ذاته، قراءة ما ينتجه من أعمال فنية، ربما فيها دلالات واضحة، على شخصيته الإبداعية، كالقدرة على التصنيف، والربط، والتنسيق، والإدراك للعلاقات الغير ظاهرة بين الأشياء.
أن توظيف الرسم مثلاً كعنصر فني في التربية، وصقل الشخصية موضوع مهم، طالما أنه مستمد من أساس علمي كما وضحت دراسة ماتشوتكا السابقة.
|