الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
اختلف أهل العلم في الحجامة للصائم هل هي من المفطّرات أم لا ، والراجح من قولي العلماء أنها لا تفطّر ،
وبه قال أبو سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود وأم سلمة وعروة بن الزبير وسعيد بن جبير والثوري ومالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم.
وفي لفظ : أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم
عن الوصال في الصيام والحجامة للصائم إبقاء على أصحابه ولم يحرمها .
وعن ثابت البناني قال : سئل أنس بن مالك هل كنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال : لا ، إلا من أجل الضعف.
وفي لفظ : ما كنا ندع الحجامة للصائم إلا كراهية الجهد.
وعن مالك عن ابن شهاب : أن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان.
وعن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه : أنه كان يحتجم وهو صائم ، ثم لا يفطر . قال : وما رأيته احتجم قط إلا وهو صائم.
حديث "أفطر الحاجم والمحجوم" منسوخ والناسخ له حديثان :
وأما ما ثبت عن ثوبان عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :أفطر الحاجم والمحجوم.
فهو حديث منسوخ بحديثين وهما :
الأول : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : رخص رسول الله في القبلة للصائم والحجامة.
الثاني : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : أول ما كرهت الحجامة للصائم ،
أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : أفطر هذان ، ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم ، وكان أنس يحتجم وهو صائم.
والرخصة إنما تكون بعد العزيمة فيكون الحديثان نصا في النسخ فوجب العمل بهما.