قلبٌ محبط :"(
= إني راحِلٌ :"
- إلى أين ؟
= إلى حيثُ تقودُني قدمايَ .
- تسيرُ دُون أن تُحدِّد وِجهتَكَ !
= ستتحدَّدُ مِن تِلقاءِ نفسِها .
- تسيرُ وَحدَكَ ؟!
= لا مُشكلة .
- وأحِبَّتُكَ ؟!
= ماذا عنهم ؟
- سيفتقدونَك :"
= لا أظُنُّ .
- إنَّهم يُحِبُّونَكَ .
= لا يبدو لي ذلك .
- وهل اطَّلَعتَ على قلوبِهم ؟!
= وهل اطَّلَعتَ أنتَ على قلوبِهم لتعلَمَ أنَّهم يُحِبُّونني ؟!
- وهَدفُكَ ؟!
= لا يَهُمُّ .
- وغايتُكَ ؟!
= لا بأس .
- وطُمُوحاتُكَ وآمالُكَ ؟!
= ألقيتُ بها وراءَ ظَهري .
- ماذا أصابَكَ ؟!
= لا شيء .
- ما الذي غيَّرَكَ ؟!
= لا تشغل بالَكَ .
- إنِّي قلِقٌ عليكَ :"
= لا تقلَق .
- إنِّي حَزينٌ لِمَا أصابَكَ .
= لا تحزَن .
- ألِهذه الدرجةِ أوصلَكَ الإحباطُ ؟!
= أمرٌ عادِيٌّ .
- ألَا تبتسِم ؟!
= لا أستطيع .
- ألَا تتراجع ؟!
= ليس بيدي .
- ألَا تُفكّر قليلًا قبل أن تُغادِر ؟!
= لا وقتَ عندي للتَّفكير .
- ألَا تتألَّمُ لرحيلِكَ ؟!
= لا .
- ألَا تُوَدِّعُ رفاقَكَ قبل أن تتركُهَم ؟!
= إنَّهم بعيدونَ عنِّي :"
- بل قريبون .
= كفَى ، فقد أتعبتني .
- لقد أخطأتَ في فِعلِكَ ، وأسأتَ اختيارَكَ ، وتسرَّعتَ في قرارِكَ .
= رجاءً ، لا تجرحني :""
- إذًا ، لتنسَ ما مضَى ، ولتَعُد من جديد .
= لقد انتهى كُلُّ شيءٍ .
- الحياةُ نجاحٌ وفشل ، وألَمٌ وأمل .
= لا شأنَ لي بذلك .
- يا لَكَ مِن مُحبَطٍ !
= دَعني وشأني ، واذهب بعيدًا عنِّي .
مِن الناس مَن يُصابُ بالإحباطِ ويَشعُرُ بالفشل مِن أوَّل خطأٍ يقعُ فيه ،
مِن أوَّل مُشكلةٍ تَمُرُّ به ، مِن أوَّل عائِقٍ يَجِدُه في طريقِهِ ،
مِن أوَّل عَقَبَةٍ تعترِضُه .
مهما حاوَلتَ رَفعَ معنويَّاتِهِ لا ترتفِع ، ومهما حاوَلتَ الوقوفَ بجانبِهِ لم يقبَل مِنكَ ،
ومهما فعلتَ لأجلِهِ لم يُقدِّر فِعلَكَ .
في لَحظةٍ يتخلَّى عن مبادئِهِ ، ويَهدِمُ ما بناه ، ويُضيِّعُ مَجهودَه وعملَه .
بعضُ القلوبِ تُؤثِّرُ فيها كلمة ، ويُحرِّكُها مَوقِفٌ ، وتَهُزُّها إشارة ، ويُغيِّرُها شخصٌ .
لا تتخلَّى عن مبادِئِكَ التي لا تُخالِفُ شرعَ اللهِ مهما كان ،
ولا تُغيِّر طريقَكَ الذي سِرتَ فيه ما دام يُوافِقُ الإسلامَ ،
ولا تجعل قلبَكَ أُلعوبةً بأيدي الآخَرين يُوجِّهونه كما يَشاءون .
لا تجعل إخفاقَكَ مِن أوَّل مرَّةٍ مِعيارًا يَقيسُ قُدراتِكَ ، ويُحدِّدُ مهاراتِكَ .
لا تجعل أخطاءَكَ تُؤثِّرُ على نفسيَّتِكَ ، فتُحبِطُكَ ، وتجعلُكَ تتخلَّى عن هدفِكَ .
تُرَى هل مَن اخترعَ المِصباحَ الكهربائِيَّ الذي لا يَخلو منه بيتٌ في العالَم الآن
نجَحَ في أوَّل مُحاولةٍ له ، ووصل للنتيجةِ التي كان يرجوها ، دُون مُعاناةٍ
ومُحاولاتٍ وتجارُب ، أكثرُها كانت فاشِلة !
تُرى هل مَن اخترعَ الطائِرةَ التي تنقلُ الناسَ من بلدٍ إلى بلدٍ في دقائِق مَعدودةٍ
لم يُخفِق في أولى مُحاولاتِهِ ولم يُعِد مُحاولاتِهِ مرَّاتٍ ومرَّاتٍ حتى وصل إلى النتيجةِ
التي كان يرجوها !
بل هل آمَن بمُحمدٍ- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كُلُّ مَن سَمِعَ بدعوتِهِ ؟!
هل آمَن به عَمُّه أبو طالبٍ ، رغم حُبِّه له ، واقتناعِهِ برسالتِهِ ودِينِهِ ؟!
هل آمَنَ به أبو لَهَبٍ وهو عَمُّه ، أم سَبَّه ولم يَقبَل دَعوتَه ؟!
فهل استسلَمَ لِمَا تعرَّضَ له من قومِهِ ، وتخلَّى عن دَعوتِهِ ؟!
إخفاقُكَ في خُطواتِكَ الأُولى يَزيدُكَ عزمًا وهِمَّة ، ووصولُكَ بعد اجتهادٍ
وعَملٍ دَؤوبٍ يُشعِرُكَ بحلاوةِ النَّجاح ولَذَّتِهِ .
علِّق قلبَكَ باللهِ لا بالأسباب ، واستعِن به سُبحانه ، واسأله التَّوفيقَ والسَّدادَ ،
وامضِ في طريقِكَ دُون إحباطٍ أو شُعورٍ بالفشل ، وليُصاحِبكَ الإيمانُ
وقُوَّةُ العزيمةُ والأملُ .