وجهه بائس حزين ، قد أيس من مساعدة البشر له .
لا يثق في أحد : يكفكف دمعه ،
أو يربت على كتفه ، يسد جوعته إن جاع ، يروي عطشه إذ يعطش .
وينطلق ، ويقف التاريخ مليا متعجبا أمام قصته ،
يطاردها ، فيمسكها .
يحد سكينته ، ولا يُخفي عنها ذلك ، لأنها لا تعرف ماهذي الألة ،
وتجهل المصير الذي ينتظرها .
هي إعتادت أن تأكل من بقايا ذبيحته .
بسم الله ، والله أكبر ،
يغرز سكينته في نحرها ، تصرخ ، ولا ينقذها
إلا أحدهم يمسكها جيدا ، لتموت سريعا .
ثم يبدأ بسلخ الجلد عن اللحم ،
يشعل النار بالحطب ! يضع القدر فوق النار ، يتركه حتى تنضج قطع اللحم !
يسم الله ، ينتاول طعامه ، ثم يحمد الله .
يقول صاحبا له وهو يحاوره ( صحتين وهنا )
لقد أنهى لتوه وجبة دسمة من لحم الــ.....
ثقيلة على لساني !
يا أسفا علينا نحن المسلمين !
في سوريا يأكلون لحم القطط !
سيكتب التاريخ هذه الحادثة ، متوازية مع صور نراها كثيرا
في الطرقات : بقايا أكل في حاوية النفايات .
أنات شبعان ، ملئت معدته بما لذ وطاب من الأطعمة ، تكاد أنفاسه تختنق .
سكيتب التاريخ : أن قططا شبعت من بقايا أكلنا ، وبالجوار شعب يسد جوعته بلحم القطط !
والله لو جمعنا فتات الخبز على موائدنا لفاض عن حاجة الجوعى ، كل الجوعى .
ألا فسحقا للضمير حين يموت ، للقلوب حين تقسوا وللدمعات حين تتحجر وللأحاسيس حين تجمد .
من ينقذ القطط من قبضة الجزار ؟!
ربما تحرك العالم _ وهو مشهود له برعاية حقوق الحيوان _ لينقذ ماتبقى من القطط .
ربما أصبنا بالغثيان من خبر كهذا فعافت أنفسنا الطعام والشراب ، لنعرف معنى الجوع
فقد يحيا الضمير ، وتستيقظ المشاعر ، ويرق القلب .
قيل لعمر ألا تكسوا الكعبة بالحرير ؟
فقال : بطون المسلمين أولى !
هذا عمر ، الحاكم العادل ، لكنه حين تولى أمر القوم كان فيهم عثمان بن عفان ،
عبد الرحمن بن عوف التاجر، وعلي الشجاع ، وخالد القائد البطل .
لا ترحل واجباتك إلى غيرك ، ولا تعلق أخطاءك على شماعة غيرك ، أنت ، أنت مسئول عن
نفسك وماذا قدمت .
أعكف عليها وأصلح سيئها ورمم تقصيرها ، فما من مصيبة إلا بما كسبنا من ذنوب ،
ولن ترفع إلا بتوبة بعد رحمة من الله .
(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)30 / الشورى