بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[size=36]باب بيان ما أعد الله تعالى للمؤمنين في الجنة[/size]
قال الله تعالى { إن المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين } وقال تعالى { الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ } وقال تعالى { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ يَلْبَسُونَ مِن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } وقال تعالى { إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } والآيات في الباب كثيرة معلومة
الشَّرْحُ
ختم المؤلف رحمه الله كتابه ( رياض الصالحين ) ببيان ما أعده الله للمؤمنين من النعيم المقيم جعلني الله إياكم منهم وهذا نرجو أن يكون تفاؤلا حسنا وأن الله يختم لنا ولكم بعمل أهل الجنة وأن يكون قد غفر لمؤلف الكتاب وختم له بعمل أهل الجنة ذكر الله تعالى في كتابه العظيم آيات كثيرة فيها بيان ما أعد الله لأهل الجنة ومن أجمع الآيات قول الله تبارك وتعالى ( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ) كل ما يشتهي الإنسان من نعيم فإنه في الجنة كل ما يطلب فإنه في الجنة بل أكثر من ذلك قال الله تعالى { لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد } وقال جل ذكره { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون } يعني أنه لا يمكن للإنسان أن يحيط علما بحقيقة ما أعد الله لأهل الجنة فيها لأنه فوق ما يتصور الإنسان ما يوجد من نعيم الدنيا فإنه نموذج لا ينسب لشيء من نعيم الآخرة لكن الله تعالى أرى عباده شيئا من النعيم وشيئا من العذاب في الدنيا حتى يعتبروا به فقط وإلا فبين نعيم الدنيا ونعيم الآخرة فرق لا يمكن إدراكه والجنة هي الدار التي أعدها الله تعالى لأوليائه المتقين وقد بدأ المؤلف بقول الله تبارك وتعالى { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَّعُيُونٍ ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ } يعني يقال لهم ادخلوها بسلام آمنين من كل شيء من كل آفة من كل مرض من الهرم من الموت من كل شيء { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } يعني أنهم إذا دخلوا الجنة نزع الله تعالى ما في صدورهم من غل وذلك أنهم يوقفون قبل دخول الجنة على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض حتى إذا هذبوا ونقوا وبقيت قلوبهم صافية ليس فيها غل دخلوا الجنة بعد أن ينزع الله ما في قلوبهم من غل وقوله { على سرر متقابلين } السرر جمع سرير وهو معروف ما يجلس عليه وقوله { متقابلين } يعني أنهم على جانب من الأدب العظيم في جلوسهم لا يستدبر بعضهم بعضا ولكنهم متقابلون قال بعض العلماء لأنهم يجلس بعضهم إلى بعض على حلقة واسعة والحلقة لا يتدابر فيها الجالسون كل واحد مقابل للآخر { لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين } يعني لا يمسهم تعب وإعياء ولا يخرجون منها بل هم ساكنوها أبد الآبدين