موضوع: شروط قبول التوبه The princesses 13/1/2016, 6:15 pm
[size=33]باب التوبة[/size][size=33] مفتوح على مصراعيه دائماً لكل من أراد الدخول فيه بعد أن استيقظ قلبه وقويت عزيمته على هجر المعاصي والذنوب.[/size]
[size=33]قال سيد قطب:[/size][size=33] "باب التوبة دائماً مفتوح يدخل منه كل من استيقظ ضميره وأراد العودة والمآب، لا يصد عنه قاصد ولا يغلق في وجه[/size] [size=33]لاجئ، أياً كان وأياً ما ارتكب من الآثام".[/size]
[size=33]وعلى ضوء ما ذكر في تعريف التوبة يمكن أن نقسم شروط قبول التوبة إلى قسمين: [/size]
[size=33]التوبة لا تصح إلا من مسلم، أما الكافر فإن توبته تعني دخوله الإسلام،[/size][size=33] قال القرطبي:[/size] [size=33]"اعلم أن التوبة إما من الكفر وإما من الذنب، فتوبة الكافر مقبولة قطعاً، وتوبة العاصي مقبولة بالوعد الصادق".[/size]
[size=33]والمراد من الآية نفي وقوع التوبة الصحيحة من المشركين، وأنه ليس من شأنها أن تكون لهم فقوله: {[/size][size=33]وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ[/size][size=33]} أي: لا توبة لأولئك ولا لهؤلاء.[/size]
[size=33]قال سيد قطب:[/size][size=33] "ولا غفران لذنب الشرك متى مات صاحبه عليه.. بينما باب التوبة مفتوح لكل ذنب سواه عندما يشاء الله، والسبب في تعظيم جريمة الشرك وخروجها من دائرة المغفرة أن من يشرك بالله يخرج عن حدود الخير والصلاح تماماً، وتفسد كل فطرته بحيث لا تصلح أبداً".[/size]
[size=33]إن التائب من المعاصي لا تصح توبته إلا بالإخلاص، فمن ترك ذنباً من الذنوب لغير الله تعالى، كالخوف من الفضيحة أو تعيير الناس له أو عَجَزَ عن اقترافه أو خاف من فوات مصحلة أو منفعة قد تضيع بالاستمرار على تلك المعصية.[/size]
[size=33]مثال ذلك من تاب عن أخذ الرشوة لا خوفاً من الله واللعن، ولكن لتوليه منصباً اجتماعياً لا يسمح له بأخذها، فإن توبته وتوبة من تقدم تكون مردودة باتفاق أهل العلم.[/size]
[size=33]يقول الشنقيطي في قوله: {[/size][size=33]وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدَا[/size][size=33]}: "أعم من الرياء وغيره، أي: لا يعبد ربه رياء وسمعة ولا يصرف شيئاً من حقوق خالقه لأحد من خلقه لأن الله يقول: {[/size][size=33]إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أن يُشْرَكَ بِهِ[/size][size=33]} [النساء:48] إلى غير ذلك من الآيات، ويفهم من مفهوم مخالفة الآية[/size] [size=33]الكريمة أن الذي يشرك أحداً بعبادة ربه، ولا يعمل صالحاً أنه لا يرجو لقاء ربه، والذي لا يرجو لقاء ربه لا خير له عند الله".[/size]
[size=33]والتوبة[/size][size=33] من الأعمال الصالحة التي يجب فيها الإخلاص حتى تقبل عند الله عز وجل كسائر العبادات والقربات. والآيات والأحاديث في ذلك معروفة مشهورة.[/size]
[size=33]إن التوبة لا تكون إلا عند ذنب، وهذا يعني علم التائب ومعرفته لذنوبه، وجهل التائب بذنوبه ينافي الهدى؛ لذلك لا تصح توبته إلا بعد معرفته للذنب والاعتراف به وطلبه[/size] [size=33]التخلص من ضرره وعواقبه الوخيمة.[/size]
[size=33]والدليل من السنة قوله عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها في قصة الإفك: (([/size][size=33]أما بعد، يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه[/size][size=33])).[/size]
[size=33]قال ابن القيم:[/size][size=33] "إن الهداية التامة إلى الصراط المستقيم لا تكون مع الجهل بالذنوب، ولا مع الإصرار عليها، فإن الأول جهل ينافي[/size] [size=33]معرفة الهدى، والثاني: غي ينافي قصده وإرادته، فلذلك لا تصح التوبة إلا من بعد معرفة الذنب والاعتراف به وطلب التخلص من سوء عاقبته أولاً وآخراً".[/size]
[size=33]الشرط الرابع:[/size] [size=33]الإقلاع عن الذنب:[/size]
[size=33]الإقلاع عن الذنب شرط أساسي للتوبة المقبولة، فالذي يرجع إلى الله وهو مقيم على الذنب لا يعد تائباً، وفي قوله تعالى {[/size][size=33]وتوبوا[/size][size=33]} إشارة إلى معنى الإقلاع عن المعصية؛ لأن النفس المتعلقة بالمعصية قلما تخلص في إقبالها على عمل الخير؛ لذلك كان على التائب أن يجاهد نفسه فيقتلع جذور المعاصي من قلبه، حتى تصبح نفسه قوية على الخير مقبلة عليه نافرة عن الشر متغلبة عليه بإذن الله.[/size]
[size=33]الندم ركن من أركان التوبة لا تتم إلا به،وهو في اللغة: التحسر من تغير رأي في أمر فائت.[/size]
[size=33]وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيمة الندم فقال: (([/size][size=33]الندم توبة[/size][size=33])).[/size]
[size=33]ومعنى أنه توبة: أي عمدة أركان التوبة كقوله عليه السلام: (([/size][size=33]الحج عرفة[/size][size=33])).[/size]
[size=33]الشرط السادس:[/size] [size=33]العزم على التوبة:[/size]
[size=33]العزم مترتب على الندم، وهو يعني الإصرار على عدم العود إلى الذنوب ثانية[/size]
[size=33]والعزم في اللغة: عقد القلب على إمضاء الأمر.[/size]
[size=33]ويقول عز وجل حاكياً عن أبينا آدم عليه السلام: {[/size][size=33]وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى ءادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً[/size][size=33]} [طه:115][/size]
[size=33]أي: لم نجد له صبرا وعزيمة،حيث لم يحترز عن الغفلة من وساوس الشيطان، وهذه الآية تشير إلى أن المؤمن لا بد وأن تكون عنده عزيمة قوية وإرادة فعالة.[/size]
[size=33]والتائب[/size][size=33] أكثر الناس حاجة إلى العزيمة والإرادة القوية حتى يمكن من السيطرة على شهواته ورغباته، فيقف أمامها وقفة صمود[/size] [size=33]وقوة، تجعله لا يعاود الذنوب ثانية، فتكون توبته صحيحة مقبولة.[/size]
[size=33]الشرط السابع:[/size] [size=33]رد المظالم إلى أهلها:[/size]
[size=33]ومن شروط التوبة التي لا تتم إلا بها رد المظالم إلى أهلها، وهذه المظالم إما أن تتعلق بأمور مادية، أو بأمور غير مادية، فإن كانت المظالم مادية كاغتصاب المال فيجب[/size] [size=33]على التائب أن يردها إلى أصحابها إن كانت موجودة، أو أن يتحللها منهم، وإن كانت المظالم غير مادية فيجب على التائب أن يطلب من المظلوم العفو عن ظلامته وأن يعمل على إرضائه[/size]
[size=33]وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام: (([/size][size=33]من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه[/size][size=33])).[/size]
[size=33]قال ابن حجر:[/size][size=33] "فوجه الحديث عندي ـ والله أعلم ـ أنه يعطى خصماء المؤمن المسيء من أجر حسناته ما يوازي عقوبة سيئاته، فإن فنيت[/size] [size=33]حسناته أخذ من خطايا خصومه فطرحت عليه، ثم يعذب إن لم يعف عنه، فإذا انتهت عقوبة تلك الخطايا أدخل الجنة بما كتب له من الخلود فيها بإيمانه ولا يعطى خصماؤه ما زاد من أجر حسناته على ما قابل من عقوبة سيئاته، يعني من المضاعفة؛ لأن ذلك من فضل الله يختص به من وافي يوم القيامة مؤمناً والله أعلم".[/size]
[size=33]ثانياً:[/size] [size=33]الشروط التي تتعلق بزمن قبول التوبة وهي شرطان:[/size]
[size=33]الشرط الأول:[/size][size=33] أن تقع التوبة قبل الغرغرة:[/size]
[size=33]قال القرطبي:[/size][size=33] "نفى سبحانه أن يدخل في حكم التائبين من حضره الموت وصار في حين اليأس كما كان فرعون حين صار في غمرة الماء والغرق فلم ينفعه ما أظهر من الإيمان؛ لأن التوبة في ذلك الوقت لا تنفع؛ لأنها حال زوال التكليف".[/size]
[size=33]وإلى هذا يشير الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: (([/size][size=33]إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر[/size][size=33])).[/size]
[size=33]يقول المباركفوري: "أي: ما لم تبلغ الروح إلى الحلقوم يعني ما لم يتيقن الموت فإن التوبة بعد التيقن بالموت لم يعتد بها".[/size]
[size=33]الشرط الثاني:[/size] [size=33]أن تقع التوبة قبل طلوع الشمس من مغربها:[/size]
[size=33]يقول الألوسي:[/size][size=33] "والحق أن المراد بهذا البعض الذي لا ينفع الإيمان عنده طلوعُ الشمس من مغربها".[/size]
[size=33]وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (([/size][size=33]لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون[/size][size=33]))[/size]
[size=33]فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ثم قرأ الآية.[/size]
[size=33]وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (([/size][size=33]ومن تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه[/size][size=33])).[/size]
[size=33]وعن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (([/size][size=33]إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها[/size][size=33])).[/size]
[size=33]ويعلل القرطبي[/size][size=33] نقلاً عن جماعة من العلماء عدم قبول الله إيمان من لم يؤمن وتوبة من لم يتب بعد طلوع الشمس فيقول: "وإنما لا ينفع نفساً إيمانها عند طلوعها من مغربها لأنه خلص إلى قلوبهم من الفزع ما تخمد معه كل شهوة من شهوات النفس، وتفتر كل قوة من قوى البدن، فيصير الناس كلهم ـ لإيقانهم بدنو القيامة ـ في حال من حضره الموت في انقطاع الدواعي إلى أنواع المعاصي عنهم وبطلانها من أبدانهم، فمن تاب في مثل هذه الحال لم تقبل توبته كما لا تقبل توبة من حضره الموت".[/size]