يها الإخوة ؛ ينـظر بعـض الجهـلة مـن الناس إلى المتدينين نظرةً لا تستثير إعجابهم بـل تثيـر شـفـقـتهـم أحيـاناً , وسخريتهـم أحياناً أخرى .
فالدّيـن في نظرهـم رجل فاته قطار الحياة , فلا يعرف من مباهجها إلا قليلا , يعد العدة لما بعد الموت , ولا يـدري أحد ماذا بعــد المـوت ؟ ويعـزو كل شـئ إلى السـماء , ويرضى به وبعـضهـم يشـتط في أحكامه فـيتهـم المتـديـن بأنه رجلٌ متواكل جامـد التفـكيـر ضيق الأفـق متنـاقـض في سـلوكه يأمـر الناس بما لا يأتـمر به , وينـهاهم عّما لا ينتهي عنه , متعصب لرأيه منكرٌ على الآخرين ما عـندهم , يُـهـمل مظهرة , ويتـوانى فـي عـمله , ويتـرك العـمل بالأسـبابْ ويرضى أن تـُهضَـمَ حقـوقـُه وتـُنـتـَقـَص مكانتـه , إلى ما هُنالِك من افتراءات .
يـها الإخوة ؛ هذه النموذجات من صنع وجدانـهـم السـقـيـم وخيالهـم الكسـيح , وإن وجدت في المجـتـمع حقاً , فهي ليـسـت من صفات المؤمنـيـن في شيء بـل هي من صفات الأدعـياء الجاهليـن و المـنـافـقـيـن المارقـيـن .
أيـها الإخوة المؤمنـون ؛ المؤمن شخصية فزه إليـها تـنجذب النفـوس , وبها تتعلق الأبصار ومـن نورها تهـتـدي القـلوب في دروب الحيـاة , المـؤمن الحق رجـلٌ نـيـر الذهـن , والقـلب معاً حاد البـصر والبـصـيـرة جـميـعاً , تـتـعـانـق فـكرته , وعاطفـتـه فلا تـدري أيـهـا أسـبـق صدق أدبـه أم حـسـنُ معـرفـتـه ولا تـدري أيهـما أورع خصوبة نـَفـسِهِ الجـياشه أم فـطانة عـقـله اللـمّاح .
المـؤمن الحق ذو أفـق واسـع و نظر جيـد , ومحاكمه سـليـمة , والمؤمن الحق مـنـغـمس في سـعادة لا تـقـوى متـع الأرض الحسـيـة أن تـصرفـه عنها .