باكك
قد جعل الله إطعام الطعام محل العتق في كفارة الظهار ] ومَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [ [ المجادلة : 4]
وجعل إطعام المساكين أو كسوتهم محل عتق الرقاب في كفارة الأيمان .
قال تعالى : ] لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[ [سورة المائدة :89]
وقد جاء في بعض الإسرائيليات : قال موسى لرب العزة عزَّ وجل : فما جزاء من أطعم مسكينا ابتغاء وجهك ؟ قال : يا موسى آمر مناديا ينادي على رؤوس الخلائق إن فلان بن فلان من عتقاء الله من النار ..[ حلية الأولياء (6/19) ]
ولإطعام الطعام – لاسيما للفقراء والمساكين – مزية عظيمة في الإسلام ، فهو من أفضل الأعمال الصالحة عند الله تعالى :
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله r :
أي الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف .
[ متفق عليه ]
وسئل رسول الله أي الأعمال أفضل ؟!
فقال r : ] إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته ، أو كسوت عورته ، أو قضيت له حاجة [ [ رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني (954) في صحيح الترغيب ]
قال رسول الله r : ] اعبدوا الرحمن ، وأطعموا الطعام ، وأفشوا السلام ، تدخلوا الجنة بسلام [ [ رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ]
بل اختصَّ الله من يقوم بهذا العمل الصالح بنعيم سابغ في الجنة .
وقال r : ] إن في الجنة غرفا ، بُرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها .
فقال أبو مالك الأشعري : لمن هي يا رسول الله ؟
قال : هي لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وبات قائما والناس نيام .
[رواه الطبراني في الكبير والحاكم وصححه الألباني في صحيح الترغيب (946) ]
وهو معدود في أفضل عباد الله تعالى .
قال r : ]خياركم من أطعم الطعام [ [رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب وقال الألباني : حسن صحيح في صحيح الترغيب (948) ]
ويكفي أنَّ الله جعل له ثوابًا مدخرًا يوم القيامة .
قال الله في الحديث القدسي : يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني .
قال : يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟
قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي . [ رواه مسلم ]
فهنيئًا أيها الفائز بالعتق ، وعزاءً لكل من فاته هذا الفضل العظيم
يا من أعتق فيها من النار هنيئا لك المنحة الجسيمة ، و يا أيها المردود فيها جبر الله مصيبتك هذه فإنها مصيبة عظيمة .
كان عطاء الخراساني يقول : إني لا أوصيكم بدنياكم ، أنتم بها مستوصون ، وأنتم عليها حراص ، وإنما أوصيكم بآخرتكم ، تعلمون أنه لن يعتق عبد ، وان كان في الشرف والمال ، وإن قال أنا فلان ابن فلان حتى يعتقه الله تعالى من النار ، فمن أعتقه الله من النار عتق ، ومن لم يعتقه الله من النار كان في أشد هلكة هلكها أحد قط ، فجدُّوا في دار المعتمل لدار الثواب ، وجدُّوا في دار الفناء لدار البقاء ، فإنما سميت الدنيا لأنها أدنى فيها المعتمل ، وإنما سميت الآخرة لأنَّ كل شيء فيها مستأخر، ولأنها دار ثواب ليس فيها عمل ، فألصقوا إلى الذنوب إذا أذنبتم إلى كل ذنب : " اللهم اغفر لي " فإنه التسليم لأمر الله .
وألصقوا إلى الذنوب " لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، الله أكبر كبيرا ، والحمد لله رب العالمين ، وسبحان الله وبحمده ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وأستغفر الله ، وأتوب اليه " فإذا نشرت الصحف ، وجاء هذا الكلام ، قد ألصقه كل عبد إلى خطاياه رجا بهذا الكلام المغفرة ، وأذهبت هذه الحسنات سيئاته ، فإنَّ الله تعالى يقول في كتابه : ] إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ[ [هود :114] فمن خرج من الدنيا بحسنات وسيئات رجا بها مغفرة لسيئاته ، ومن أصر على الذنوب ، واستكبر عن الاستغفار ، خرج ذلك اليوم مصرا على الذنوب ، مستكبرا عن الاستغفار ، قاصَّه الحساب ، وجازاه بعمله إلا من تجاوز عنه الكريم ، فإنه لذو مغفرة للناس على ظلمهم ، وهو سريع الحساب . [ حلية الأولياء (5/194) ]
قال ابن رجب : إن كنت تطمع في العتق فاشتر نفسك من الله ] إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ [ [ التوبة : 111 ] فمن كرمت عليه نفسه ، هان عليه كل ما يبذل في افتكاكها من النار .
اشترى بعض السلف نفسه من الله ثلاث مرار أو أربعا يتصدق كل مرة بوزن نفسه فضة
واشترى عامر بن عبد الله بن الزبير نفسه من الله بدية ست مرات تصدق بها .
واشترى حبيب نفسه من الله بأربعين ألف درهم تصدق بها .
وكان أبو هريرة t يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة بقدر ديته يفتك بذلك نفسه .
برب
|