جاءت قصة نبي الله يونس عليه السلام أربع مرات في القرآن الكريم ، و قد أرسل الله تعالى يونس عليه السلام نبياً إلى قومه في مدينة نينوى في العراق ، داعياً إياهم أن يتركوا عبادة الأصنام و يتوجهوا لعبادة الله تعالى دون أن يشركوا به احدا ، مبيناً لهم انها لن تدفع عنهم ضراً أو تجلب لهم نفعاً ، و قد أمر يونس قومه بالمعروف و نهاهم عن المنكر و حبب إليهم العدل و الإسلام و بغضهم الظلم و حثهم على فك العاني و الأسير و و إطعام الفقير و الجائع دعا يونس قومه إلا انهم لم يجيبوا دعوته ، و قالوا له : ما انت إلا بشر مثلنا ، فأنذره بعد ذلك بعذاب سيحل بهم ، إلا انهم لم يأبهوا بذلك و لم يخافوا من وعيده قائلين : ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين بعد ان يأس يونس من إجابة دعوته و ضاق بهم ذرعاً رحل عنهم مغاضباً لهم يائساً من إيمانهم و رحل عن نينوى ، بدأت علامات العذاب و اماراته تطلع على قومه ، فتغيرت الألوان و أظلمت السماء ، فساور قومه القق ة الخوف و علموا أن العذاب قد وقع بهم كما وقع بالأمم التي سبقتهم من ثمود و عاد ، فلجؤوا حينها إلى يونس باكين خاشعين متوسلين و متضرعين ، فتقبل الله منهم توبتهم نظراً لإخلاصهم و صدق إيمانهم ، و رفع تعالى عنهم العذاب و عادوا إلى مساكنهم من الجبال و الصحارى التي استغاثوا فيها أما يونس عليه السلام فقد ركب في سفينة ، و ما إن ابتعد عن الشاطئ هاجت الامواج و عصفت بها الأعاصير ، فأدرك الركاب أن سوء هذا المصير سببه عصيان أحدهم ، فاقترعوا على إلقاء العاصي في البحر و كرروا القرعة ثلاث مرات إلى ان أصابت يونس فألقوه في البحر و إلتقته الحوت و التقمه علم يونس أنه أخطأ إذ ترك قومه قبل أن يستخير ربه في الخروج و يأذن له في الهجرة ، فنادى ربه في أعماق ظلمات البحر و الليل و بطن الحوت، و قد قال تعالى في كتابه العزيز واصفاً ذلك ( فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )فاستجاب الله له دعاءه و حفظه في بطن الحوت من الهشم او الهضم ، و اوحى إلى الحوت في الماء إلقاءه في العراء ، فألقاه الحوت على الشاطئ هزيلاً سقيماً ، فكان من رحمة ربه به أن أنبت عليه شجرة من يقطين يستظل بورقها و يطعم من شجرها إلى أن عوفي و قوي أمره الله بعد ذلك أن يعود إلى بلده و موطن عشيرته نظراً لكونهم قد آمنوا بالله و نبذوا الوثان و الأصنام و ترقبوا مجيئه إليهم و قد وصف الله ذلك في الآيات الكريمة التالية من سورة الأنبياء قال تعالى: وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)