بِيلاَرّ صديقة المنتدى
مسآهمـآتــيً $ : : 287 عُمّرـيً * : : 18 تقييمــيً % : : 29655 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 21 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 29/11/2016
| موضوع: انتظار ! 16/12/2017, 3:35 pm | |
| القِصّة:
ثمانُ سنوات مضت، فكَّرتُ فيها كيفَ أنّني قد قسوتُ عليك،
كانَ تصرُّفاً طُفوليّاً من مراهِقةٍ تبلغُ الثانيةَ عشرة، وأنتَ لم تَكُن تكبُرُني سوى
بعامٍ واحد، لعلَّ الفارِقَ البسيطَ في العُمر، هو ما جعَلني أصنَعُ فجوةً
عاطِفيَّةً بيننا، ولربما أيضاً بسببِ كوننا أقارب!
فكرتُ أيضاً وحاولتُ تخيُّلَ كيفَ أضحى شكلُكَ بعد تلك المُدّة.
أتذكَّرُكَ بريءَ المَلامح، بعينينِ بنيَّتينِ لامعتين، شعرتُ كمان لو أنَّ لمعانَهُما يزدادُ
عندما تحدِّقُ بي.
وأتذكَّرُ سُمرتَكَ المُنعشة، كقهوةِ الصّباح!
وشعركَ الأسود النّاعم، وقد كُنت تسرِّحُهُ على سجيّته دونَ إضافات،
تخيّلتُ لو أنَّكَ تسرِّحُهُ للأعلى، فلا أحَدَ سيُجاري وسامَتك!
ثُمَّ أعودُ لأشعُرَ بتأنيبِ الضّمير، فلا شيءَ استحقَّ ما أقدمتُ على فِعلِه،
لأجلِ سذاجَتي وثقلُ ظلِّكَ، خسرتُكَ لثمانِ أعوامٍ، وأعتقِدُ أنّك تظنُّ الشّيءَ ذاته
تجاهي.
كنّا يومَها في نُزهةٍ إلى أحدِ الأحراشِ القريبة من منزِلنا، كانَ أفرادُ عائلتك يحبُّون
الطبيعة، ذلك أنّهُ لا يتسنّى لكم رؤيتُها في عمّان!
وقد جئتم إلى فلسطين زيارةً قصيرة كانتْ شهراً ربّما!
كُنتُ أنا باختصارٍ نُزهتُك. لا ترى غيري، ولا تتكلَّمُ مع غيري.
تعمَلُ بجدٍّ لاستفزازي. وتعلِّقُ سلباً على كلّ ما تراهُ فيّ وإن أعجبك.
ملابسي الصّبيانيّة، مشيتي الّتي وصفتَها بـ "الزّعرة"، ملامِحي الحادّة والعابسة غالباً.
حتّى ضِقتُ ذرعاً بكَ وبثُقلِ ظلِّك، صرتُ أستَبِقُ في مشيتي في طريقِ العودة
وأنتَ تُحاوِلُ إرضائي. لقد حاولتَ حينَها بإلحاح، وقد استغربتُ كيفَ شخصٍ أن
لا ينتبه إلى ثقلِ ظلِّه المزمن!!
وصلت محاولتُكَ إرضائي إلى وضعِ يدِكَ حولَ كتفيّ وضمّي إليك، تماماً كأصدقائِكَ
الصّبيان، أو لربّما هكذا تخيلتَها أنت، أمّا أنا فرأيتُ أنّها امتدادٌ لثقلِ ظلِّكَ،
وخطوة غريبة قد يقدِمُ عليها صبيٌّ في عُمُرِكَ آنذاك!
دفعتُكَ بعيداً، نهرتُكَ بقسوة، وشكوتُكَ لوالدتي، وأخبرتها أنْ تُبلِغَ والدتك،
وهي لم تقصِّر وقتها.
عرفتُ أنّها أنّبتكَ عندَما ودّعتني اليومَ التّالي، مددتَ يَدَكَ مُصافِحاً، واعتذرت.
فكرةُ أنّكَ ستسافِر قد غَفَرت لكَ كلَّ شيء. ورغمَ أنّني كنتُ أرفُضُ مصافحةَ
الصّبيان إلّا أنّني صافحتُكَ حينها؛ مصافحةُ الوداع!
ومذّاك تأنيبُ الضّميرِ لم يفارقني،
بتُّ أنتَظِرُ فرصَةَ أنْ أحادِثك،
أنْ أسترِدّك!
فبريقُ عينيك كلّما نظرتُ إليك وأجدُكَ تنظُرُ إليَّ لا يعوَّض،
واهتمامُكَ بتفاصيلي، شيءٌ لا أحصُلُ عليه بسهولة.
......................
كانتْ أوَّلُ وأجمَلُ رحلاتي خارجَ البلاد.
فكرتُ بأنْ أتواصَلَ معَ عائلتكَ فورَ وصولي عمّان، لكنّني أضعتُ على نفسي أسبوعاً
آخرَ دونَ استردادك، حتّى تجرأتُ أخيراً وراسلتُك على "ماسنجر"،
محادثتنا كانت مجنونة حينَها، بدأت بإنكارِكَ لي، وانتَهت برغبتك بأنْ نلتقي.
اعتذرتُ عمّا حَصَلَ قبلَ ثمانِ سنوات، وعرفتُ أنّه لم يكُن يعني لكَ شيئاً،
وأنّك لم تُجرح بسبب ذلك، وشعرتُ بأنّني بدأتُ أسترِدُّك.
صرنا بعدَ ذلك، نتحدَّثُ يوميّاً، الجنونُ ذاتُه، الكثيرُ من الحماقة والضّحك.
قابلتُك، وأخيراً أحسستُ بأنّني استعدتُك..
لم أخلْ أيضاً أنّني قد امتَلَكتُك.
مَضت نصفُ سنة، كُنتَ في آخِر المُدّةِ تلمِحُ كثيراً إلى الحُبْ،
تمدَحُني كثيراً، تتحمّلُ قسوتي وجنونَ مشاعِري وجفائي لك!
كنتُ كلمّا حاولتُ إفلاتكَ تمسِكُ بي بقوّةٍ تنزِعُ لي ذِراعي وتوقِظُني.
أحسستُ بأنّ لي شيئاً بداخِلك، شيئاً أكبَرُ من القرابة، وأكثَرُ عمقاً من الإعجاب.
وأكثَرُ صخباً من أجواءِ عمّان!
تجاهلتُ تلميحاتِكَ، وانتظرتُكَ لتعترف!
فالقصاصاتُ، والسّطورُ المُبهمةُ لا تُرضي أحاسيسي!
....................
كانَ جميلاً أنْ أسمَعها منكَ صريحةً عاريةً من كلِّ شيء، أرضيتَ بها كلّ ما فيّ.
وعلمتُ بأنّكَ قد وقعت، وأنّك تندُبُ التّورُّطَ فيّ.
ذلكَ أنّ الشعورَ به من طرفٍ واحدٍ مؤلم. مؤلِمٌ حينَما تُخبرُ شخصاً أنَّكَ تُحبُّه
ولا تجِدُ ردّاً مماثِلاً في المُقابل!
وها أنا أنتظِر..
أنتَظِرُ نفسي، ما الّذي سيقرِّرهُ قلبي؟ ومتى؟
وعلى غِرار المرّاتِ السّابقة فلا بُدَّ وأنّكَ أيضاً تنتظر!!
..................
| |
|