دع من جفاك وكن لمن أبقاكا
جلست بقربي فبتعدت فأمسكت
بأصابعي وتقولُ ما نحاكَ
فصمت في خجلٍ فشدتني لها
و تحدثت لتقول ما أقساكَ
فنظرت فيها نظرةً وصرفتُها
وتلفتت عيني هنا وهناكَ
قالت أتخشى القادمين فلا تخف
كن مطمئناً ولترحِ عيناكَ
فسألتها هل تعرفيني جيداً
قالت ومن بالحسن قد سواكَ
أني أزور لداركم وحقولكم
وأزور أحباباً على ممشاكَ
حتى أراك فقد وقعت بمهجتي
وحلمتُ فيكَ وكلما ألقاكَ
قلبي يقدمني إليك وخشيتي
تأبى فسلهُ فنبضهُ ناداكَ
ناداكَ لكن ما سمعت نداءهُ
فنأى يحبك وهو في منفاكَ
وقرأتُ شعركَ كلهُ وحفطتهُ
أو لستَ قائل إن تطأ أشواكَ
في أرضِ من تهواه فشعر وخزها
قبلاً ومن زقومها حلواكَ
أو لستَ قائل إن شعرت برجفةٍ
في قرب من تهواه حين يراكَ
فهي المحبةُ والغرامُ بعينهِ
وأنا شعرتُ بها فهل أنساكَ
أذكرت يوماً جئتُ مورد مائكم
أرجو بعيري بعد ما آذاكَ
أكل الزروعَ وعاثَ بين نباتها
فأنختهُ وعقلته بحماكَ
فسألت عنه فقلتَ ذاك بعيركم
فطلبت منك العذر قلتَ هناكَ
ومشيتَ قبلي كي تفك عقالهُ
وهمستَ في إذنيهِ ما أغباكَ
لو قلتَ أنكَ واحد من إبلهمِ
وإذا ابتعدت عن الحمى وافاكَ
طيرٌ من الجناتِ جاء مهرولاً
حتى تبدى في الوقوف ملاكا
لجلستَ ضيفي عُد لأهلك ثم زر
فالقلب عشبكَ والهوى مرعاكَ
أذكرت قلت ذكرت إيهِ ذكرتهُ
قالت وما أسلفت من ذكراك
أوحت إلى قلبي هواك فآمنت
كل الجوارح أنها تهواكَ
قلت اصمتي والدمع يخنق مقلتي
وثبت وضمتني كفاكَ كفاكَ
ومضت تقبلني وتمسح دمعتي
حتى هدأت فقمت كي أتباكا
قالت تباكا لن تنال لقبلة
أخرى فقلي ما الذي أبكاكا
فحملتها بيدايَ مثل فراشةٍ
في غصن صدري تحذرُ الإمساكَ
حتى تكفر من ذنوبك في الهوى
دع من جفاك وكن لمن أبقاكَ
الشاعر
أمين يعقوب أمين حربه