فإنَّ اللهَ خَلَقَ الإنسانَ وركَّبَ فيه مُضغةً ولَحمًةً صغيرةَ الجِرمِ عظيمةَ القَدْرِ، هي مركَزُ صلاحِ الأعمال وفسادِها، إن صلحت صلُح سائرُ البدن وإن فَسدَت فسدَ سائرُ البدن والجوارح. وفسادُ هذه القطعة ـ وهي القلب ـ تحوِّلُه من قلبٍ سليمٍ إلى قلبٍ مريضٍ سقيمٍ أو ميِّتٍ عديمٍ. وأمراضُ هذه القلوب كثيرةٌ، ومِن الأمراض المذكورةِ في القرآن: قساوةُ القلوب وشدَّتُها وذهابُ لِينِها، والقلوبُ القاسيةُ تختلف في قساوتِها باختلاف ما ارتكب أصحابُها من الآثام الكبيرة المتنوِّعةِ، ومِن أشدِّ القساوةِ تحريفُ الكلِمِ عن مواضعِه مِن سوءِ الفهم وسوء القصد ونسيانِ ما ذكَّر اللهُ به عبادَه من الآيات والنِّعَم، فتخلو هذه القلوبُ من معرفةِ الله ومن الإنابة والإذعان لآياته: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون﴾[البقرة:74]. فقلوبُ الكافرين والمنافقين أشدُّ قسوةً من الحجارةِ صلابةً ويُبسًا وغِلَظًا، فلا تتأثَّرُ بتذكيرٍ ولا موعظةٍ ولا زجرٍ، بل حتَّى لو ابتلاهم اللهُ بالمصائب الَّتي مِن عادتها أنَّها تُرقِّق القلوبَ وتردُّ صاحبَها إلى الله توبةً وإنابةً وخوفًا، إلَّا أنَّ أمثالَ هؤلاء لا ينتفعون بذلك لقساوةِ قلوبِهم: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُون * فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون﴾[الأنعام:43.
[size=34]فخُلقُهم الكِبرُ والإعراضُ عن الحقِّ وعدمُ الرُّجوع عن الباطل، لذلك وجد الشَّيطانُ في طباعهم وقساوتهم عونًا له على إضلالِهم وإغوائهم: ﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيد﴾[الحج:53[size=34]]. [/size][size=34]فهؤلاء هم الكفرة والمنافقون الَّذين توعَّدهم اللهُ بالعذاب الشَّديد؛ لأنَّهم تركوا ذِكْرَ الله ولم يَنتَفِعوا بآياتِه؛ بل إذا ذُكِّروا بآياتِ الله اشمأزَّت من ذلك قلوبُهم وازدادَتْ قسوةً وصلابةً: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ الله أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِين﴾[الزُّمَر:22[/size][size=34]]. [/size][size=34]وحذَّر المؤمنين مِن مُشابَهَتِهم ومشابهةِ كلِّ مَن قسا قلبُه عن ذكرِ الله فقال سبحانه: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُون﴾[الحديد:16[/size][size=34]]. [/size][size=34]قال ابنُ كثير رحمه الله: «نهى اللَّهُ المؤمنين أن يَتشبَّهوا بالَّذين حُمِّلُوا الكتابَ قبلَهم من اليهودِ والنَّصارى، لمَّا تطاول عليهم الأمدُ بدَّلوا كتابَ اللَّه الَّذي بأيديهم، واشترَوْا به ثمنًا قليلًا، ونبَذوه وراءَ ظهورِهم، وأقبَلوا على الآراءِ المختلفةِ والأقوالِ المؤتفِكةِ، وقلَّدوا الرِّجالَ في دينِ اللَّه، واتَّخذوا أحبارَهم ورُهبانَهم أربابًا من دونِ اللَّه، فعند ذلك قَسَتْ قلوبُهم، فلا يَقبلون موعظةً، ولا تلين قلوبُهم بوعدٍ ولا وعيدٍ ﴿وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُون﴾ أي: في الأعمال، فقلوبهم فاسدةٌ، وأعمالهم باطلةٌ[/size][size=34].....». [/size][size=34]ثمَّ قال: «ولهذا نهى اللَّهُ المؤمنين أن يتشبَّهوا بهم في شيءٍ من الأمور الأصليَّةِ والفرعيَّةِ»[/size][/size]
(1)فإن أردنا الابتعادَ عن سبيلِ الضَّالِّين والمغضوبِ عليهم والظَّالمين، فينبغي علينا معرفةُ أسباب قَسوة القلوب، ومِن أعظمِها: كثرةُ المعاصي، والتَّفريطُ في الفرائضِ، وانتهاكُ المحرَّمات ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾[المائدة:13.
[size=34]وفي «السُّنن» و«المُسنَد» عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله ﷺ: «إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ، حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ، ذَاكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ ـ عزَّ وجلَّ ـ فِي القُرْآنِ:﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُون﴾[المطفِّفين:14].[/size]
(2) صُقِلَ قَلْبُهُ»: أي رفع اللهُ تلك النُّكتةَ فينجلي. قال الحارث المُحاسبي: «اعلمْ أنَّ الذُّنوبَ تُورث الغفلةَ، والغفلةَ تورث القسوةَ، والقسوةَ تورث البُعدَ من الله، والبعدَ من الله يورثُ النَّارَ، وإنَّما يتفكَّر في هذا الأحياءُ، وأمَّا الأمواتُ فقد أماتوا أنفسَهم بحبِّ الدُّنيا.
(3)وهذا أيضًا مِن أسبابِ قساوة القلب حبُّ الدُّنيا والانشغال بها والانهماكُ في طلبِها مِن حِلِّها وحرامِها، ولذلك جاء في «الصَّحيح» من حديث عُقبةَ بنِ عمرٍو أبي مسعودٍ، قال: أشار رسولُ اللَّه ﷺ بيده نحو اليمن فقال: «الإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا، أَلَا إِنَّ القَسْوَةَ وَغِلَظَ القُلُوبِ فِي الفَدَّادِينَ، عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ.
(4)والفدَّادون: هم الَّذين تعلُو أصواتُهم في حروثهم ومواشيهم، وقيل: المكثِرون مِن الإبل، فوصفهم بالتَّوسُّعِ في أموالِ الدُّنيا والانغماس فيها، وهذا يُفضي إلى قسوةِ القلب. وقال ابنُ القيِّم $: «ما ضُرِبَ عبدٌ بعقوبةٍ أعظمَ من قسوةِ القلب والبُعدِ عن الله
(5)لإنَّ قسوةَ القلبِ تُفسِد الجوارحَ والأعمالَ، وتقسِّي الأخلاقَ والأفعالَ، فلها آثارُها على العبد، مِن سوء الخلق والفظاظة والغِلظة.ومن صُوَرِ الغلظةِ وقسوة القلب وآثارها على الجوارح: تعامُل الأبناء مع آبائهم بسيِّءِ الأخلاقِ والفُحشِ من الكلام، وهذا كلُّه من قسوةِ القلوبِ تجاه من كان السَّبب في وجودِ الأبناء، فاللهُ تعالى أمَرَ بإسداءِ المعروف لهما ومعرفةِ حقِّهما، وحرَّم كلَّ قبيحٍ يصدر من فعلٍ أو قولٍ: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ﴾[الإسراء:23]، أي: لا تُسمِعْهما قولًا سيِّئًا، حتَّى ولا التَّأفيفَ الَّذي هو أدنى مراتبِ القول السَّيِّئِ، فكيف بالسَّبِّ والشَّتم والتَّعيير، ﴿وَلاَ تَنْهَرْهُمَا﴾ أي: ولا يصدر منك إليهما فعلٌ قبيحٌ، وقال بعضُ المفسِّرين: أي: لا تَنفُضْ يدَكَ على والِدَيْك، وليس المقصود من النَّهي عن أن يقولَ لهما أُفٍّ خاصَّةً، أو ينفض يدَه، وإنَّما المقصودُ النَّهيُ عن الأذى الَّذي أقلُّه الأذى باللِّسان بأوجز كلمةٍ، أو الإشارة باليد، فيُفهَمُ منه النَّهيُ ممَّا هو أشدُّ أَذًى.
(6)كالسَّبِّ والشَّتم والضَّرب باليد وغير ذلك من أنواع الأذى الَّذي كثُر وانتشر في مجتمعاتِنا، بل وصل الأمرُ إلى كثيرٍ من سُفهاءِ الأحلامِ وقُسَاةِ القلوبِ أن يترُكَ والدَيْه في دُورِ العجَزَةِ بعد أن احتاجا إلى خدمتِه ورعايتِه، وحال هذَيْن الأبوَيْن ما قال الشَّاعرُ: غَذَوْتُكَ مَوْلُودًا وَمِنْتُكَ يَافِعًاإِذَا لَيْلَةٌ ضَافَتْكَ بِالسُّقْمِ لَمْ أَبَتْتَخَافُ الرَّدَى نَفْسِي عَلَيْكَ وَإِنَّهَاكَأَنِّي أَنَا المَطْرُوقُ دُونَكَ بِالَّذِيفَلَمَّا بَلَغْتَ السِّنَّ وَالغَايَةَ الَّتِيجَعَلْتَ جَزَائِي غِلْظَةً وَفَظَاظَةًفَلَيْتَكَ إِذْ لَمْ تَرْعَ حَقَّ أُبُوَّتِيفأوْليتني حقَّ الجوار ولم تكنحياتك همٌّ ثمَّ موتُك فجعةتُعَلُّ بِمَا أَجْنِي عَلَيْكَ وَتَنْهَلُلِسُقْمِكَ إِلَّا سَاهِرًا أَتَمَلْمَلُلَتَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ وَقْتٌ مُؤَجَّلُطُرِقْتَ بِهِ دُونِي فَعَيْنَايَ تَهْمَلُإِلَيْهَا مَدَى مَا فِيكَ كُنْتُ أُؤَمَّلُكَأَنَّكَ أَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُفعلت كَمَا الجَارُ المُجَاوِرُ يَفْعَلُعليَّ بمالي دون مالك تبخلُوخيُرك مزويٌّ وشرُّك مقبلُوعلى النَّقيض من ذلك نجد بعضَ الآباء يَقسُون على أبنائهم بالكلامِ والضَّربِ واللِّعانِ لأَتْفَهِ الأسباب والأمور، من غير مراعاةٍ لمحاسنِ الإسلام وقيمه في تشريع الضَّرب للتَّأديب لا للتَّعذيب، فيقسو على أبنائه في تعامله وكلامه معهم، ويؤدِّي ذلك إلى تعذيبِهم وضربِهم الضَّربَ المُوجِعَ المُؤلِمَ الَّذي يُفضي في الغالبِ إلى كسرٍ أو جرحٍ، وهذا كلُّه مُخالِفٌ لهدي الإسلام، ففي الحديث عن أبي هريرة عن النَّبيِّ ﷺ قال: «إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَّقِ الوَجْهَ.
(7)قال النَّووي: «قال العلماءُ: هذا تصريحٌ بالنَّهي عن ضربِ الوجه؛ لأنَّه لطيفٌ يَجمَعُ المحاسنَ، وأعضاؤُه نفيسةٌ لطيفةٌ، وأكثرُ الإدراكِ بها، فقد يُبطلِها ضربُ الوجه وقد يُنقِصُها، وقد يشوِّه الوجهَ، والشَّينُ فيه فاحشٌ؛ لأنَّه بارزٌ ظاهرٌ، لا يُمكن سَترُه، ومتى ضربه لا يسلم من شَيْنٍ غالبًا، ويدخلُ في النَّهي إذا ضرب زوجتَه أو ولدَه أو عبدَه ضربَ تأديب فلْيَجتَنِبِ الوجهَ.
(8)ومن مظاهر القسوة: تعاملُ الرَّجل مع زوجته بالغِلظة والشِّدَّة، وعدم معاشرتها بالمعروف، واحتقارها بالقول والفعل، وهؤلاء ليسوا بخير النَّاس، بل هم ظالمون لأنفسهم وأهليهم. قال الشَّوكاني رحمه الله: «إنَّ أعْلَى النَّاسِ رُتبةً في الخَيرِ، وأحقَّهم بالاتِّصافِ به هو مَنْ كان خيرَ النَّاس لأهلِهِ؛ فإنَّ الأهلَ هم الأَحِقَّاءُ بالبِشْرِ وحُسنِ الخلُقِ والإحسانِ وجَلْبِ النَّفعِ ودفعِ الضُّرِّ، فإذا كان الرَّجُلُ كذلك فهو خيرُ النَّاس، وإن كان على العكسِ من ذلك فهو في الجانبِ الآخرِ من الشَّرِّ، وكثيرًا ما يقعُ النَّاسُ في هذه الورطةِ، فترى الرَّجلَ إذا لقي أهلَه كان أسوأَ النَّاس أخلاقًا، وأَشحَّهم نفسًا وأقلَّهُم خيرًا، وإذا لقي غيرَ الأهلِ من الأجانبِ لَانَت عريكَتُهُ، وانبسطَت أخلاقُهُ، وجادت نفسُه، وكثُرَ خيرُه، ولا شكَّ أنَّ مَن كان كذلك فهو محرومُ التَّوفيق، زائغٌ عن سواءِ الطَّريقِ، نسألُ اللهَ السَّلامةَ.
(9)وفي «الصَّحيح» عن عبد اللَّه بن زمعة، عن النَّبيِّ ﷺ قال: «لَا يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ اليَوْمِ.
(10)ومن أراد لينَ جانبِه والابتعادَ عن قسوةِ قلبه فلْيرجِعْ إلى ربِّه ولْيتُبْ إليه، فالقلبُ كما قال ابنُ القيِّم: «يَمرضُ كما يمرض البدنُ، وشفاؤُه في التَّوبة والحِميَة، ويَصدأ كما تَصدَأُ المِرْآةُ، وجلاؤُه بالذِّكر، ويَعْرَى كما يَعْرَى الجسمُ، وزِينتُه التَّقوى، ويَجوعُ ويَظمَأُ كما يجوعُ البدنُ، وطعامُه وشرابُه المعرفةُ والمحبَّةُ والتَّوكُّل والإنابة والخدمةُ.
(11).[size=34]هذا مع الله، أمَّا مع النَّاسِ والخَلقِ، فعليه أن يتخلَّق بالأخلاق الفاضلةِ، ويتعامل مع مَن هم أضعفُ منك معاملةً طيِّبةً عادلةً، روى أحمد وغيره ـ بإسنادٍ جيِّدٍ ـ عن أبي هريرة: أنَّ رجلًا شكا إلى رسولِ الله ﷺ قسوةَ قلبِه، فقال له: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ، فَأَطْعِمِ المِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ اليَتِيمِ.[/size]
[size=34](12)[size=34]ونبيُّنا ﷺ كان مِن أوصافِه وشمائلِه الرَّأفةُ والرَّحمةُ ولينُ الجانِبِ، وهذا مَدعَاةٌ لقبول أقوالِه ودعوتِه، ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ﴾[آل عمران:159[/size][size=34]].[/size][size=34]فلو كنت سيِّءَ الكلام قاسيَ القلب عليهم لانفضَّوا عنك وتركوك، ولكن جمعهم اللهُ عليك وألان جانِبَكَ لهم تأليفًا لقلوبِهم، فهذا الرَّسولُ المعصومُ ﷺ يقول اللهُ له ما يقول، فكيف بغيرِه ممَّن كان من الله أبعدَ وبدينِه أَجهَلَ[/size][size=34]. [/size][size=34]وجاء وصفُه في الكتبِ المنزَّلةِ بهذا الخُلُقِ الكريمِ البعيدِ عن القسوة والشِّدَّةِ، ففي «صحيح البخاري» عن عطاء بنِ يسارٍ، قال: لقيتُ عبدَ اللَّه بنَ عمرِو بنِ العاصِ رضي الله عنهما ، قلتُ: أخبِرْني عن صِفة رسولِ اللَّه ﷺ في التَّوراة؟ قال: «أَجَلْ، واللَّهِ إنَّه لموصوفٌ في التَّوراة ببعضِ صِفَتِه في القرآن: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾[الأحزاب:45]، وحرزًا للأُمِّيِّين، أنت عبدي ورسولي، سمَّيتُكَ المتوكِّل ليس بفظٍّ ولا غليظ.[/size][/size]
[size=34](13)[size=34]نسأل الله أن يصلح أحوالنا ويقينا شرَّ أنفسنا ويرزقنا حسن الخلق والرفقَ، ويجبنا سيء الأخلاق والغلظة والفظاظة[/size][/size]