بسم الله الرحمَن الرحيم - النصيحة في الإسلام لا شكّ أنّ النصيحة أصل من أصول الدين، حيث إنّ الإيمان لا يكمل من غير نصيحة وحتى يحب الإنسان لأخيه المسلم ما يحبّ لنفسه، ولعلّ هذا ما يدفعه لينصحه لما فيه خير الدنيا والآخرة، كما قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (الدينَ النصيحةُ، قالوا لمنْ يا رسولَ اللهِ قال: للهِ ولكتابِهِ ولنبيِّهِ ولأئمةِ المسلمينَ وعامتِهِمْ)، وينبغي أن يكون دافع النُصح هو المحبّة الصادقة للطرف الآخر ومحبّة الخير له، لا أن يكون القصد منها العلو والتكبّر، ولا التعيير أو التقليل من الشأن، كذلك يجب أن تكون النصيحة في السّر لا في العلن حتى لا تكون توبيخاً، بالإضافة إلى ضرورة مُراعاة الحالة النفسيّة للمراد نُصحه، فيُجدر بالناصح اختيار الوقت الذي يكون فيه الآخر مُستعدّاً لتلقّي النصيحة، وأن يحذر الناصح من فعل ما ينهى الناس عنه، أو ترك ما يأمر الناس به، فإنّ الله -عزّ وجلّ- توعّد لبني إسرائيل بسبب تناقض أفعالهم مع أقوالهم بقوله: (أتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)، كما يجدر بالناصح اختيار الكلمة الطيبة لأنّها مفتاح القلوب.
نصائح إسلامية المحافظة على الصلاة إنّ الصلاة من أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أوّل ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة؛ فإن صلُحت صَلُح عمله وإن فسدت فسد عمله، وهي عمود الإسلام؛ فبها يُفرّق بين المؤمن والكافر، وهي كفّارة للعبد من ذنوبه، وممّا يدلّ على مكانة الصلاة العظيمة عند رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ آخر وصيّة له كانت: (الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم)، والصلاة واجبة على كلّ مسلم عاقل بالغ في وقتها المحدّد لها، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،سورة النساء، آية: 103. ومن الجدير بالذكر أنّ الصلاة في المسجد أفضل من الصلاة في البيت، حيث ورد عن رسول الله ما يدلّ على خطورة ترك الصلاة في المساجد، فقال: (إنَّ أثقلَ صلاةٍ على المنافقِينَ صلاةُ العشاءِ وصلاةُ الفجرِ، ولو يعلمون ما فيهما لأتَوهُما ولو حَبواً، ولقد هممتُ أن آمرَ بالصلاةِ فتقامُ، ثمّ آمرُ رجلاً فيُصلِّي بالناسِ، ثمّ أنطلقُ معي برجالٍ معهم حِزَمٌ من حطبٍ، إلى قومٍ لا يشهدون الصلاةَ، فأُحَرِّقُ عليهم بيوتَهم بالنارِ)، ومن أراد أن يُظلّه الله بظلّه يوم القيامة فليُعلّق قلبه بالمساجد.
تقوى الله في السّر والعلن إنّ تقوى الله -عزّ وجلّ- من أعظم الأعمال القلبية المُوجبة لرضوان الله والنجاة في الدنيا والآخرة، وللتقوى ارتباط وثيق مع العلم فلا وجود للتقوى من غير علمٍ، فكيف للإنسان أن يتّقي ما لا يعرف، ووضّح العلماء أنّ أصل التّقوى أن يعرف المسلم ما يُتقى ثمّ يتقي، ولتقوى الله فضائل عديدة؛ فمَن يتقي الله يُوسِع له في رزقه ويبارك له فيه، فلا يعلم من أين يأتيه الرزق والخير، كما قال الله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)، كما أنّ تقوى الله سبب لمغفرة الله -تعالى- ورضاه وولايته، ورفعة لدرجات العبد، حيث قال الله تعالى: (ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا)، ومن الجدير بالذكر أنّ التقوى سبب لحفظ الله لأهل العبد وأولاده حتى بعد موته، وعلى الرغم من أهمية الأعمال الصالحة إلا أنّ التقوى سبب لقبولها عند الله عزّ وجلّ، حيث قال الله تعالى: (إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).
برّ الوالدين إنّ حق الوالدين على الإنسان عظيم جداً، وذلك لِما للوالدين من فضل على الأبناء من رعايةٍ واهتمامٍ وخاصة في مرحلة الطفولة، ولذلك جعل الله برّ الوالدين من أوجب الأمور وأعظمها أجراً، حيث إنّه قرن بر الوالدين بتوحيده في القرآن، حيث قال: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا)، كما أنّ الأنبياء والرّسل -عليهم الصلاة والسلام- كانوا حريصين أشدّ الحرص على برّ الوالدين، حيث ضرب نبيّ الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- وابنه إسماعيل -عليه الصلاة والسلام- أروع الأمثلة في برّ الوالدين، وغيرهم من الأنبياء والصالحين قد ساروا على الدرب والنهج ذاته.
نصائح لقمان الحكيم لابنه كان لقمان رجلاً صالحاً آتاه الله العلم والفهم، فلخّص خبرته الطويلة خلال حياته على شكل نصائح لابنه، منها: عدم الشّرك بالله: حيث قال الله تعالى في سورة لقمان: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، فقد حذّر لقمان ابنه من أعظم الذنوب، لأنّ الهدف من خلق الإنسان توحيد الله تعالى. برّ الوالدين: حيث خصّ بالنصيحة برّ الأم فهي التي حملت ووضعت، وهي التي أرضعت وربّت ولدها حتى أصبح رجلاً. استشعار رقابة الله: فمهما كانت الرقابة قوية على الأولاد لن تؤتي ثمارها إلّا اذا فُعّلت الرقابة الذاتية لديهم بالخوف من الله والاستحياء منه. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: يوصي لقمان ابنه بالدعوة لما يؤمن به ليُرسّخ إيمانه ويدفعه لفهم المعروف والمنكر بشكلٍ أوسع وأشمل. عدم الكبر والخيلاء: حيث حذّر لقمان ابنه من مرض خطير من أمراض القلوب يجعل صاحبه يشعر أنّه أفضل من الناس فيقلّل من احترامهم، فينال بذلك غضب الله وبغض الناس، كما قال الله تعالى: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).