رأيتُ الدّهــرَ خوّانـا ويستترُ === وباقــي العمر ِ في جنباته ِ نثروا
سقاني كأسَ أوهام مـــزركشةٍ === وأبدى ظِلُّهٌ المــكنونُ ما ستروا
كأني منهُ أكــــوام ٌ بمحـرقةٍ === تُحَــرَّقُ حيثما الأهواء ُ تنحشر
كأنَّ السحـــرَ غاياتٌ لهُ عُقدتْ === فلولا السحرُ ما ازدانت لهُ ِالـصور ُ
(بثينة ُ) والهوى قد زانَنِي شــغفاً === وإِني والهــوى خـلان لو خبروا
ورحتُ أحابي في الهجران ِ أَنجُـمَهُ === فمـــا غنتْ ليَّ البيداءُ والمـدر
وهذي نشــوة الستينِ تحملني === فلا وطـــن ٌ سقاني دمعَه ُ المطرُ
كأنَّ الكونَ آياتٌ ومعـــجزتي === به الأشعـــار والأسفـار والعبر
حسبتُ – وقد سهوتُ – مُضِيَّ عمري === جِـــناناً لو أتاها المزنُ تزدهرُ
سرت في خــافقي كأسٌ معتَّقَـةٌ === فــرحتُ كمثل طفل راعه الكبر
مررتُ بروضةِ العشـرين أَسـألُها === فهَــلَّ عليَّ منهـا العِطرُ والزهَرُ
وصِرْتُ أقَبِّلُ الجــدرانَ من ولهي=== كــأني في رِحاب ِ الدير ِ معتمرُ
وشاختْ كلّ ُ أوهامي تســابقني === وقـد طابت لي الأنفـاس والسُّرُرُ
سألتُ الدهرَ عن عـشاق ِ مملكتي ٍ === فــجاءَ وصوتهُ المكلومُ ينفطـر
شَرِبتُ وقد حسبتُ سرابَ عمري === كــماء ِ المزن ِ في البيداء ِ يَنهمرُ
شَربتُ، فملني كأســي وغانيتي === ومــلَّ الليل من أحلاميَ السهرُ
نسجتُ الرّوحَ أبياتاً مراهِـــقة ً === وكنتُ أمير َ من عشقوا وما غدروا
صـــحوتُ بعيدما قدْ فاتني زمني === وصـارت صبوةُ الشعراء ِ تنتحرُ
رأيتُ العمرَ أوهــــاماً تُناجزنا === فتخفي سـرهـا الأيـامُ والعُصُرُ
هنيئاً يا سراب النفــس من ولهي === إذا وصفـــوا علمتَ بأنه القدر
سأبقى رغم هذا الدهــر معتصماً=== وأُنْشِــدُ شعريَ الدنيـا وأفتخرُ
سأبقى قيسَهَا المجنــونَ من شغفٍ === بـــ(ليلى) عُدَّتِي الأشعارُ والفِكرُ
****
اسحق قومي