جلست تشاهد التلفاز .. تقلب في المحطات ..
تهرب من طيف يسكنها ..
من حب لاأمل له بالخروج من العناية الفائقة حياً ..
فالقدر خنقه ببرودة وسخرية وثقة ..
ورغم انتصار القدر الساحق تأبى هذه الحكاية أن تنطفئ ..


؛



هي في كل صبح تستفيق متعبة ..
كعجوز تعاني من مرض مزمن ..
كامرأة ممنوعة من الحلم ..
امرأة استأصلوا منها أكثر ما ينبض فيها ..
خطفوا من رحمها أملاً لم تكتب له الحياة ..



؛



جلست تشاهد التلفاز ..
تلتهي بالصور السريعة دونما تركيز أو إصغاء فهي في دنيا أخرى ..
مأخوذة بذاك الرجل ..تركض معه في الوديان ..
طفلين شريدين يبحثان عن شيء يلهيهما ..
يستلقيان على تراب أرض شربت من جدول حبهما لأيام طويلة حتى من قبل أن يولدا ..
يعدان معاً نجوم السماء في وضح النهار ..
نجوم تتكاثر ..تتوالد كلما حدق في عينيها أكثر ..
كلما نطق باسما وكرر لا ...



؛



وما فائدة الهروب بمشاهدة التلفاز ..؟؟
حتى التلفاز يتآمر على قرارها بالنسيان ..
فهي إن شاهدت نشرة الأخبار ..
شعرت بحاجتها للأمان حاجتها لأن تدفن رأسها في صدره ..
فمآسي الدنيا كثيرة والحياة قصيرة ..وهي لاتحسن الانتقام من المآسي ..
إلا بسرقة لحظات إضافية من عينيه المشعتين بالفرح ..
لاشيء يُحجم حزنها كالهروب إلى مزيد من الحب ..
كإنتاج الكثير من الحب .. كإنجاب الكثير من الحب ..
ولاثورة على ظالم قد تنجح في إشعالها مالم تكن ذراعه هو ..



؛




وإن هربت إلى فلم رومانسي .. تتحمس لمقارنة بطله بحبيبها ..
هل يحب مثله ..؟؟يتفاعل مثله ؟؟ يُعبر مثله ؟؟
إلى أي مدى يخاطر؟؟ أمستعد للموت من أجلها ؟أيخاف عليها ؟؟
وهل سيعود كما عاد البطل إلى حبيبته في النهاية ؟؟
وماذا لو كانت الحياة بحجم مدة الأفلام .. لعاد إليها بعد ساعة ..
وهل مكتوب علينا أن نعيش وجع الأفلام على مساحة عمر كامل ..
وعلى نهاية تختلف في معظم الأحيان على نهايات الأفلام ..على نهاية غير مضمونة ..؟؟

؛



لقد اكتشفت مؤخراً شيئاً جديداً .. مضحكاً مؤلماً ..
اكتشفت أنها حتى وإن هربت لمشاهدة أفلام الكرتون ..فلن تقوى عن الإلتهاء عنه ..
والأهم من ذلك كله أنه في الرسوم المتحركة ..لايمكن طرد أية شخصية ..
فقد حاولت فعل ذلك من دون جدوى .. حتى وإن أشهرت سلاحها لقتله ونسيانه ..
حتى وإن رمته من أعلى الجبل..
فإنه سرعان مايظهر من جديد أمام عينيها كأن شيئاً لم يكن ..!!
فلا أحد يموت في أفلام الكرتون ..ولا أحد يُستعبد ..ولا أحد قادر على إلغاء أحد ..
رجل تعيشه .. رجل يعيشها .. رجل كأبطال الكرتون لانسيان ينفع معه ..
ولاقتل يقتله .. ولاقرارات حكيمة بضرورة الابتعاد عنه يأبه بها ...




؛
؛