الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرفالأنبياء والمرسلين نبينا محمد إمام الذاكرين والشاكرين وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد فإن طمأنينة النفس وسلامة القلب وانشراح الصدر من أعظم وأجل وجوه السعادة إن لم تكن هي السعادة بعينها ، ولئن اختلفت مذاهب القائلين في السعادة ومعانيها فإن الواقع والحال يكذبان كل معاني السعادة الموهومة في المال والجاة والمنصب مالم تكن مبنية على طاعة الله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ولقد بين الله جل وعلا إن طمأنينة القلب موقوفة على ذكره جل شانه حيث قال سبحانه وتعالى :" الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" وعلى ذلك فجدير بكل مسلم ومسلمة العلم بأن الذكر هو مادة السعادة وسبيلها والذكر هو حصن النفس من نزعات الشيطان ووسوسته قال جل شأنه :"وإما ينزعنك من الشيطان نزع فستعذ بالله إنه السميع العليم". لكن الذكر الذي هو سلاح المؤمن وجنته لاينفع إلا من تيقن أثره ومنفعته أما أولئك الذين يرددون الذكر ترديد المجرب المتشكك في نفعه من عدمه فذاك لاينفعه الذكر ولو شغل ليله ونهاره به . وهذه الجواهر والدرر من الأحاديث الزكية الثابته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكره ميسرة لكل راغب تحصين نفسه وإنارة قلبه بذكر الله حيث اعتنى جامعها جزاه الله خيراً بإيراد ما صحَّ وتيسر من الأذكار والأوراد المستوعية حال المسلم في أذكار عبادته ، وغالب أحواله من نوم ويقظة وظعن وإقامة ولبس ووضوء وأكل وشرب وغيره . والله المسؤول أن ينفع بها جامعها وقارئها وهو الهادي إلى سواء السبيل ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه
عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله : { ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم } قالوا: بلى يا رسول الله. قال: { ذكر الله عز وجل } [رواه أحمد]. وفي صحيح البخاري عن أبي موسى، عن النبي قال: { مثل الذي يذكر ربه، والذي لايذكر ربه مثل الحي والميت }.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة }. و قد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا [الأحزاب:41]، وقال تعا لى: والذاكرين الله كثيرا والذاكرات [الأحزاب:35]، أي: كثيرا. ففيه الأ مر با لذكر بالكثرة والشدة لشدة حاجة العبد إليه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين وقال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: لكل شيء جلاء، وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل.
نفحات اسلامية
ــــــــــــــــــــــــــــــــ ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما، وجلاؤه بالذكر، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء. فإذا ترك الذكر صدئ، فإذا ذكره جلاه و صدأ القلب بأمرين: بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر قالى تعالى: ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا [الكهف:28]. فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر: هل هو من أهل الذكر، أو من الغافلين؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي؟ فإن كان الحاكم عليه هو الهوى وهو من أهل الغفلة، وأمره فرط، لم يقتد به، ولم يتبعه فإنه يقوده إلى الهلاك