سَمَرُ والْقَمَرُ
طَلَعَ الْقَمَرُ كَامِلاً هذِهِ الْلَّيْلَةْ.. مستديراً مُشْرِقاً مِثْلَمَا يَكُونُ عَادةً فِي لَيَالِي صَيْفِ مُنْتَصَفِ الشُّهُورِ القَمَرِيَّةِ..
بَدَا الْجَوُّ سَاحِرَاً والنُّجُومُ تُزَيِّنُ السَّمَاءَ، والقَمَرُ البَهِيُّ فَخُوراً بِنُوْرِهِ اللاَّمِعِ الْبَرَّاقِ...
كَمَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ بِمَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ وَلاَ تَزَالُ نِقَاطُ المَاءِ تَنْسَابُ عَلَى جَبْهَتِهِ..
نَظَرَتْ سَمَر مِنْ نَافِذَةِ غُرْفَةِ نَوْمِهَا..
فَرِحَتْ بِهَذا الْمَشْهَدِ البَدِيعِ..
رَفَعَتْ يَدَهَا..
لَوَّحَتْ بِكَفِّهَا كَعَادَتِهَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ تَكْتَمِلُ فِيهَا اُستِدَارَةُ الْقَمَرِ.. لِتُلْقِي عَلَيْهِ الْتَّحِيَّةَ..
تَحِيَّةُ الْكَمَالِ.
هَذِهِ الْمَرَّةُ شَعَرَتْ بِرَعْشَةِ الْقَمَرِ.. يَهْتَزُّ كَأَنَّهُ يُرِيْدُ رَدَّ الْتَّحِيَّةِ.. يَلُوحُ لَهَا بِكُلِّ قُرْصِهِ الْمُسْتَدِيْرِ..
فَرِحَتْ فَرَحَاً كَبِيْراً..
إِنَّهَا الْمَرَّةُ الْأُوْلَى الَّتِي يَرُدُّ الْقَمَرُ فِيهَا سَلاَماً..
جَلَسَتْ قُرْبَ الْنَّافِذَةِ عَلَى كُرْسِيٍّ صَغِيرٍ تُرَاقِبُ الْقَمَرَ.. كَانَتِ الْنُّجُوْمُ مِنْ حَوْلِهِ تَهْتَزُّ طَرَبَاً..
قَضَتْ سَمَر لَيْلَتَهَا تُسَامِرُ الْقَمَرَ..
دَهَمَ الْنَّوْمُ عَيْنَيْ سَمَر.. فِيْمَا كَانَتْ النَّسَائِمُ تَمْسَحُ وَجْنَتَيْها..
اقْتَرَبَ القَمَرُ، دَنَا مِنْهَا شيئاً فشيئاً.. كَيْلا يُوْقِظَهَا..
عِنْدَمَا وَصَلَ نَافِذَتَهَا الْصَّغِيرَةَ فُوْجِىءَ القَمَرُ..
وَجَدَ الْكُرْسِيَّ فَارِغاً.. سَبَقَتْهُ أُمُّهَا وَحَمَلَتْهَا إلَى الْسَّرِيْرِ..