الهمة العالية في رمضان
_____________________
لماذا نستشعرالهمة والإقبال على العبادة في رمضان ؟
************************************************
1- لأنه الشهر الذي فرض الله عز وجل صيامه على المسلمين ليدركوا منزلة "التقوى"، قال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).
2- لأنه الشهر الذي كرمه الله عز وجل ببدء نزول القرآن العظيم فيه قال سبحانه: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان).
3- ولأنه الشهر الذي فيه "ليلة القدر".. قال سبحانه: (وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها).
4- ولأنه شهر العبادة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف)، قال الله تعالى: (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به، يدع شهوته وطعامه من أجلي؛ للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) رواه مسلم.
فالله عز وجل يتولى جزاء الصائمين بنفسه، والكريم إذا أعطى بنفسه أجزل بخلاف لو وكل ذلك لأتباعه.
5- ولأنه شهر العبادة التي لا مثيل لها، فعن أبي أمامة قال: قلت يا رسول الله: دلني على عملٍ أدخل به الجنة، قال: (عليك بالصوم فإنه لا مثيل له)، فكان أبو أمامة لا يرى في بيته الدخان نهارا إلا إذا نزل بهم الضيف. رواه ابن حبان بإسناد صحيح.
6- ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.
7- ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد) متفق عليه.
ولاحظ كلمة في الجنة ولم يقل للجنة، فهو باب داخلها فيه من الأفراح والمتع، الشيء الخاص بالصائمين فوق أفراح الجنة ومتعها.
8- ولأنه والقرآن الكريم يشفعان للعبد يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان) رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح.
9- ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين) متفق عليه، وهذا الاحتفال الإلهي السماوي بقدوم رمضان لتنبيه المؤمنين على أهمية هذا الموسم المبارك، فهو متجر الصالحين وميدان المتسابقين، فرمضان ربيع الحياة الإسلامية فيه تتجدد القلوب بالإيمان، والعقول بالمعرفة، والحياة الاجتماعية بمزيد من التواصل بين المؤمنين، فالسعيد من انتفع بهذا الموسم، والشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل.
________________
وما الحكمة من تصفيد الشياطين فيه؟
وفى روية مردة الشياطين؟ قيل يحتمل أن يكون المراد هو الشياطين التي تسترق السمع لأن شهر رمضان كان وقتا لنزول القرآن إلى سماء الدنيا، وكانت الحراسة قد فرضت بالشهب، كما قال سبحانه: (وحفظا من كل شيطان مارد).
فزيدوا تصفيدا في شهر رمضان مبالغة في الحفظ وتذكيرا به أول مرة، ولعل ذلك سبب انتشار المصاحف في أيدي المسلمين، وانطلاق ألسنة القراء في كل مكان في احتفال عظيم بالقرآن العظيم.
10- ويكفى في بيان مكانة هذا الشهر العظيم تلك القصة العجيبة التي رواها طلحة ابن عبيد الله أن رجلين من "بلى" قدما على رسول الله، وكان إسلامهما جميعا، وكان أحدهما أشد اجتهادا من الآخر، فغزا المجتهد فاستشهد ثم مكث الآخر بعده سنة ثم توفى، قال طلحة: فرأيت في المنام: بينا أنا عند باب الجنة فإذا هم، فخرج خارج من الجنة فأذن للذي توفى الآخر منهما، ثم خرج فأذن للذي استشهد، ثم رجع إلي فقال: ارجع لم يأذن لك بعد، فأصبح طلحة يحدث الناس فعجبوا لذلك، فبلغ ذلك رسول الله وحدثوا الحديث فقال من أي ذك تعجبون؟ فقالوا يا رسول الله هذا كان أشد الرجلين اجتهادا ثم استشهد ودخل الآخر قبله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليس قد مكث هذا بعده سنة؟ قالوا: بلى" قال فأدرك رمضان فصامه وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة ؟ قالوا بلى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض " حسنه المنذري وصححه ابن حبان.
ولهذا نستطيع أن نقول أن رمضان أسرع وسائل السير إلى الله عز وجل، فهو كالصاروخ من بين وسائل المواصلات المعروفة، لأنه يقطع بصاحبه الموفق فيه للخيرات مسافات لا يقطعها سواه في نفس المدة، حتى لقد قارب الشهادة في سبيل الله أو سبقها.