ومما يورث العبرة والعظة في هذا
الباب التفكر في أحوال أهل الغفلة والبطالة الذين أمضوا حياتهم في اللهو
والباطل والمنكرات ويظنون أنهم في سعادة وهم في الحقيقة قوم مفاليس يسعون
وراء سراب لا حقيقة ومتعة زائلة كما قال تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ
بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا). وإن تعجب
منهم فعجب زعمهم أنهم يحييون الليالي بالمعازف والرقص واللهو المحرم والأحق
أن فعلهم إماتة وإفساد للوقت وإهدار لقيمته وإنما الإحياء المحمود هو قضاء
الليالي بالصلاة والذكر والاستغفار والثناء والدعاء والعلم. قالت عائشة
رضي الله عنها: (كان رسول الله إذا دخلت العشر شد مئزره و أحيا ليله و أيقظ
أهله). متفق عليه. وقال تعالى: (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ
سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ).
إن الأسرة الصالحة والوالدين لهما أثر عظيم في تربية الأولاد على الاهتمام
بعنصر الوقت وإدراك قيمته من خلال النصائح وإشغالهم بالأنشطة والبرامج
المفيدة ومتابعتهم في ذلك وتعزيز قدراتهم على تنظيم الوقت واستثماره في
أفضل الأعمال ووضع الحوافز المعنوية والمادية في سبيل تحقيق ذلك.