أهمية القصص القرآني(من برنامج تأملات في أحسن القصص للدكتور أحمد نوفل)
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد
لله رب العالمين حمدًا يليق بجلال الله، ملء السماوات وملء الأرض كما يحب
ربنا ـ تبارك وتعالى ـ ويرضى. حمدًا موصولاً لا ينقطع ولا ينقضي ولا ينتهي
إلى يوم الدين، وصل اللهم وسلم وبارك على صفوة النبيين وخيرة المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. والحمد لله أن أتاح لنا هذه الفرصة أن
نلتقي مع قصص القرآن في هذا البرنامج.
إخواننا المشاهدين الكرام، وأخواتنا المشاهدات الكريمات: حياكم الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.
فلقاؤنا
معكم في هذا البرنامج تأملات في أحسن القصص. قد يسأل سائل هذا موضوع قد
تكلم فيه من قبل متحدثون كثر، فهل تضيفون متحدثًا جديدًا أو حديثًا جديدًا؟
أوليس قد أُشبع الموضوع كلامًا وحديثًا؟ وأنا أقول كما في القضاء الحكم
بعد المداولة، نرجو أن تأخروا أنتم أيضًا الحكم بعد المشاهدة، على أننا ـ
إن شاء الله تعالى ـ نأمل و نرجوا أن نقول مفيدًا وجديدًا ونقيًا من
الإسرائيليات ـ بإذن الله تبارك وتعالى ـ.
إخواننا
الأعزة المشاهدين والأخوات، قبل ما أبدأ في حديثي هذا الموضوع المهم،
وسأبينه لماذا هو مهم؟ المشكلة أنه ليس فيها درجات، لنقول مهم درجة عاشرة،
درجة عشرين، موضوع القرآن موضوع عظيم مهم جدًا سأشرح هذا الكلام مثلما قلت
بعد قليل.
أقول
قبل ما أبدأ في الموضوع مثلنا مثل مقاول لشخص يريد أن يبني فيلا، فقال
المقاول لصاحب الفيلا قاله ستة شهور محتاج قبل ما نضع على سطح الأرض مدماك
واحد، فصدم صاحب الفيلا أو صاحب العمارة، أنا كنت أظن أنه بعد ستة الشهور
الأولاد سيكونون يلعبون بالحديقة. وأنا أقول بحول الله ـ تبارك وتعالى ـ
قبل أن نبذر الحبة لابد من حرث التربة، ولابد أن نمهد العقل كما يُمهد
العقل للبذور ولوضع النباتات، لابد أن نقدم للمقدمات هذه المقدمات، وهي
ليست مقدمات في الحقيقة استطرادًا أو بعيدة عن الموضوع. بل هي من صميم
الحلقات من صميم مادة أحسن القصص ومن صميم هذه التأملات في قصص القرآن
العظيم.
المقدمة
الأولى يا إخواننا وأخواتنا الكرام والكريمات، أو سمها إن شئت النقطة
الأولى سأجعلها في عشرة نقاط. يعني النقطة الأولى في عشرة نقاط، والثانية
أيضًا في عشرة نقاط، والثالثة كذلك والرابعة أيضًا فهي أربع عشرات، فلا
تنزعجوا فالأمر نأخذه بالصبر والتيسير قليلا.
المقدمة
الأولى أقول: القرآن العظيم كنز معرفي لا ينتهي، بحر بلا حدود، هذا الكنز
المعرفي يحتاج إلى إعادة استكشاف، أن نعرف قرآننا من جديد، أن نعرف بحر
معرفة هذا القرآن من جديد، أن نعيد اكتشاف القصص القرآن من جديد، وهذا ما
سأحاول أن أصنعه ـ بإذن الله تعالى ـ سائلاً ربي الإخلاص والتوفيق، وسائلاً
أن يكون الحديث بالنسبة لكم مقبولاً مألوفًا قريبًا من القلوب والعقول
والنفوس ـ إن شاء الله تعالى ـ.
إذًا
قصص القرآن العظيم في المقدمة الأولى أقول من أهم أو أهم موضوعات القرآن
الكريمين وهذه دعوة كبيرة ودعوة عريضة تحتاج إلى برهان. إليك العشرية
الأولى إذًا في إثبات أن موضوع قصص القرآن إما أنه نعده من أهم موضوعات
القرآن أو الأهم من بين موضوعات القرآن.
- كل
قضايا القرآن و موضوعات القرآن تضمنها قصص القرآن الكريم، وهذا وجه
الأهمية رقم واحد، فكل ما تريده التوحيد، الإيمان بالآخرة، بالملائكة
بالنبيين بالكتب بالقدر بكل أركان الإيمان موجود في قصص القرآن، سمات
المجتمع المسلم أو المجتمع الرغد الصالح موجود في قصص القرآن، الحق والخير
والجمال كله موجود في قصص القرآن، كل قضايا القرآن موجودة في قصص القرآن من
هذا وجه الأهمية رقم واحد في الموضوع.
- قسم
كبير حتى تعرف أن موضوع القصص القرآن موضوع مهم، قسم كبير من أسماء سور
القرآن إنما سميت هذه السور بقصة فيها، أو أنها وإن لم تسم بقصة ولكن
مضمونها مضمون قصصي من النوع الأول الذي اشتق اسمه من قصة موجودة في السورة
(البقرة، آل عمران، المائدة، يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحجر، الكهف،
النمل، وكثير غيرها مما اشتق اسمها من قصة في القصص إلى آخره). لكن هناك
سور لم تُسم بأسماء قصة فيها ولكنها مضمونها قصصي من أمثال (الأعراف هي
سورة قصصية واسمها لا يدل على أنه فيها قصص ولكنها سورة جل مساحتها قصص،
طه، الشعراء، المؤمنون، الفرقان، العنكبوت، ق، الذاريات، القمر، الشمس،
النازعات، كلها سور قصصية) إذًا سيكون معنا حوالي من 30 إلى 40 اسم كلها من
السور الكريمة العظيمة إما أنها سُميت بأسماء قصص أو أنها وإن لم تُسمى
فمضمونها مضمون قصصي.
- التاريخ
الإنساني بعامة واحد من أهم مصادر المعرفة، إخواننا هذه نقطة أيضًا مهمة
جدًا، والقصص القرآني خلاصة التاريخ الإنساني، مولانا الكريم العظيم سبحانه
هذا التاريخ الإنساني استقطر لنا التاريخ، ركز لنا التاريخ في خلاصات، هذا
التاريخ الإنساني برمته مولانا من بدء التاريخ إلى نزول القرآن استقطر لنا
التاريخ ووضعه في مركزات التاريخ، خلاصات التاريخ، فلسفة التاريخ وقوانين
التاريخ كلها عرضها قصص القرآن الكريم. ولذلك جاء ثلث القرآن أو أزيد من
ثلث القرآن قصصًا، وهذا يدل على المساحة الهائلة في القرآن قصص تدل على
أهمية القصص. الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ من فقههم العظيم كانوا
يقولون: كنا نعلم أبناءنا السير كما نُعلمهم السور. انتبهوا إخواننا،
التاريخ للأمم، البذور للأشجار، إن أمة بلا تاريخ شجرة بلا جذور، فتأمل ما
بقاء شجرة إذا اجتثت جذورها، أنه الموت، ولكن انسلاخنا عن التاريخ هو الموت
بعينه. التاريخ هو الذاكرة، التاريخ هو وعاء التجربة والخبرة الإنسانية
فما قولك بزبدة التاريخ، وصفوة التاريخ وخلاصة التاريخ ومركز التاريخ قصص
القرآن الكريم... إنه هذه الخبرة الهائلة، إنه الهوية إنه الانتماء إنه
البقاء، قصص القرآن العظيم مهم جدًا.
- أقول
القصص القرآن أكثر موضوع من موضوعات القرآن استقطب الكتاب والباحثين
الدارسين والمتحدثين كما يستقطب الزهر إذا تفتح وامتلأ بالرحيق، كما يستقطب
طوائف النحل فتأتيه من كل فج من كل جهة، تأتي النحلات إلى هذه الزهرات
التي تفتحت وامتلأت بالرحيق، ولكن للأسف ما كل من ورد من النحل الذي تصنع
العسل، البعض كان من الدبابير التي لا تصنع عسلا، أو ليس عنده الخبرة
الكافية في استخراج الرحيق وجعله شهدًا وعسلاً مصفى. وأسأل الله تعالى أن
نُرزق التوفيق والخبرة الكافية أن نستخرج من هذا الرحيق عسلاً مصفى ـ إن
شاء الله تعالى ـ ولكن أشبه كتب القصص أقول أن كتب القصص التي أُلفت عن
القصص القرآني كإبل مائة لا تجد بينها راحلة، وسنبين هذا إن رب العالمين
أكرمنا وامتد بنا الوقت شوية.
- هذا
الموضوع القصص القرآني أو أحسن القصص هو الموضوع الأكثر مظلومية إن جاز
التعبير من بين موضوعات الكتاب الكريم. يعني أيه أكثر مظلومية؟ الحقيقة
الزمخشري هذا العبقري له عبارة في منتهى النفاسة في منتهى الجمال. يقول: كم
ضيم النص، يعني كم ظُلم النص وهُضم حقه بسوء الفهم، يا أحبابنا هذا أحسن
الحديث ولا يليق بأحسن الحديث إلا أحسن الفهم، لا يليق أنه أي فهم أي كلام
لا.. ينبغي أن نرتقي بالفهوم حتى تكون في مستوى هذا القصص العظيم. هذا
الموضوع الأكثر مضمومية لا يتكلم فيه من هب ودب، من عنده خبرة ومن ليس عنده
خبرة، وخلط حابلاً بنابل وحقًا بباطل، وهات ولم ونقي وغربل مشكلة، لأنه
الأكثر مظلومية كان هذا البرنامج وهذا الحديث نحاول أن نعيد إلى قصص الكتاب
المجيد رونقه، بهاؤه، لكن من فهوم الناس نمحو كل هذه الأتربة والأغبرة عن
العقول. أما النص الكريم فبفضل الله تعالى محفوظ، أما الفهوم فغير محفوظة،
الله تعالى تولى حفظ الكتاب، ولكن من يحفظ العقل؟ صاحبه... أنت عليك أن
تحفظ عقلك وتحرس عقلك أن يتسرب إليه ما لا يليق. عندما تريد أن تشرب شربًا
نقيًا جميلاً عذبًا لا تضعه في كوب متسخ، العقل هو وعاء الشرب، وعاء
الإدراك والفهم لهذا الكتاب المجيد. والقصص العزيز، لا يليق أن يأتي هذا
القصص على عقل ملئ بالإسرائيليات أو الخرافات، أو الخزعبلات. الحق لا يجوز
أن يلتبس بالباطل لأنه الموضوع الأكثر مظلومية كان هذا البرنامج إنصافًا
للقرآن العظيم وقصصه الكريم.
- من
أعظم خصائص هذا الدين حيويته، حيوية هذا الدين، وحيوية هذا الدين أكثر ما
تتمثل في الدعوة. الأنبياء الكرام هم الدعاة هم نماذج الدعاة، هم الكاملون
المثل العليا في الدعوة لله ـ عز وجل ـ ولذلك قصص القرآن كثيرًا ما يسمى
مجازًا أو على الحقيقة قصص الأنبياء، قصص الأنبياء، يا إما أن نقول قصص
القرآن وصحيح تمامًا أن نقول قصص الأنبياء باعتبار تسميته بالأغلب، بالراجح
من مادته والأثقل. إذًا هذا الدين حيويته موجود فيه قصصه، والأنبياء
الكرام هم من يمثل هذه الحيوية ومن يمثل هذه الدعوة. ولذلك لابد من تحليل
قصص القرآن لنستخرج معاني الدعوة من هذا القصص.
- أقول أقصد مولانا الكريم هو الذي يقول أحسن القصص، (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ)(يوسف: الآية3)
على فكرة أنت لن تجد في القرآن كلمة قِصص إطلاقًا، ليه؟ لأنه (قِصص) تعني
المادة المقصوصة، طيب و ( قَصص) تعني المادة المقصوصة ومنهج القص وطريقة
عرض هذا القصص وأسلوب توصيل هذا القصص والمنهج والحقيقة في إسلامنا العظيم و
قرآننا الكريم لا تنفكان الحقيقة ومنهج عرض الحقيقة لا ينفصمان، لا
يتفرقان، لا ينفكان، ولا يليق بقصص القرآن العظيم إلا المنهج الموجود في
القرآن العظيم لعرض القصص العظيم، هكذا القصص والمنهج التحما معًا فلا
ينفكان، على طريقة الإسرائيليات حصل فك ما بين القصص وبين المنهج، ولذلك
أنت لن تجد كلمة قِصص مثل ما أسلفت وأكدت على ما قلت.
إخواني
وأحبابي وأخواتي الكريمات. أقول الأحسنية في قصص القرآن أحسنة مطلقة، في
المضامين، في الغايات والمقاصد والأهداف، في طريقة القص والعرض، في كل ذلك
الأحسنية مطلقة، أضف إليه أن قصص القرآن ربما يكون في نظري أو في مقياسي
أيسر موضوعات القرآن، مع أنه الأغزر، لكنه الأيسر، وذلك الوصف المبين
سابقًا للكتاب ستجده في السور القصصية، يوسف، هود، في الشعراء، في القصص
ستجد وصف الكتاب بالمبين في بدايات السور القصصية، ليه؟ لأن القصص سهل
المتابعة، يسير الإدراك والفهم لأنه بعيدا عن التجريد، لأنه شخوص وأحداث و
حوارات.. هذا يجعل المعنى في دائرة التجسيد لا في دائرة التجريد. إذًا كانت
هذه النقطة السابعة من المقدمة الأولى.
- ظن
أعداء هذا القرآن وأعداء هذا الدين العظيم، وأعداء الإسلام القويم ظنوا
أنه موضوع القصص صيد سهل ( مستحيل عليكم بإذن الله) ظنوا أنه جدار منخفض
يمكن تخطيه أو القفز من فوقه، ( هذا سوء فهمكم) إنما قصص القرآن العظيم سد
منيع على المتطاولين والأقزام المتشعبطين الذين يتخيلون أن قصص هذا الكتاب
المبين هذا القصص المتين يمكن اختراقه، وبعضهم طفق يلفق، مرة يقول هذا قصص
في تكرار، ولكننا سنبين هذا الكلام وسنشرحه ونجليه ـ إن شاء الله ـ ونبين
أنه التكرار في القصص القرآني... ولله المثل الأعلى مثل كاميرات متعددة في
التقاط السورة... كاميرا تغطي الزاوية دي، وكاميرا تغطي زاوية أخرى،
وكاميرا تغطي زاوية ثالثة، وهكذا قصص القرآن ـ ولله المثل الأعلى ـ إذ يعرض
من أكثر من سور ة أو في أكثر من سورة. فكما قلت أنه مثل تعدد الكاميرات
بتعدد زوايا المشهد، زوايا القصة، وهذا من إعجاز القصص القرآني وليس تكرار
مثل ما زعموا إعادة بلا إفادة... خسئ ظنهم. منهم من تطاول على قصص القرآن،
وقال أنه قصص مقتبس منقول عن قصص الكتب السابقة، عن التوراة بالذات
والإنجيل بشكل ثانوي، والأمر سهل (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)(آل عمران: الآية93)
هات التوراة ونقرأ القرآن العظيم منهجًا ومضمونًا وأسلوبًا وغايات، ونرى
إن كان هو الأصل ولا ما في التوراة هو الأصل، وعقلنا وعيوننا معنا بفضل
الله تعالى. إذًا: حاول المخرفون والمحرفون والذين يهرفون بما لا يعرفون.
حاولوا أن يتخطوا هذا الحمى الأقدس ظانين أنه سهل المنال، و ظانين أنه صيدٌ
قريب، ولكنه المحال بفضل الله تعالى كشأن القرآن كله. محال
على أن يُتخطى عليه أو يُتعدى عليه. هذا القصص البعض يصفه بأنه قصص بدائي،
يعني نزل في بيئة بدائية، نحن نتحدى، هذا القصص من حيث الشخوص وتطور
الشخصيات، من حيث الأحداث، من حيث الحوار، من حيث الزمان من حيث المكان من
حيث العقدة والحجة من حيث كل فنيات القصة إن لم يكن هو الأروع والأحسن
والأسمى و الأسمع و الأبهى والأنقى و الأرقى. هذا القصص مدهش معجز بكل
المقاييس، فنيًا، تفضلوا انزلوا الميدان وحاكموا وقارنوا وقايسوا بالكتب
السابقة، تفضلوا أيضًا شوفوا وقارنوا إن لم يكن هذا هو الأصل والحق.
- موضوع
القصص موضوع فطري في الإنسان، فقصص القرآن منسجم مع الفطرة، ولذلك إحنا
نقول القرآن كتاب الفطرة، وبحق ما نقول قصص القرآن منسجم مع الفطرة. جاء مع
الفطرة تمامًا، بالبلدي يعني أيه بالمبسط يعني أيه؟ الفطرة يا إخواننا تحب
القصص، هذه دعوة، والدليل راقبوا الأطفال تعرفوا إن كان الأمر فطريًا أم
غير فطري. أي مسألة تريد أن تعرف أنها فطرية أم غير فطرية راقب سلوك
الأطفال. الحياء، والستر فطرة في الطفل، مش أمه ولا المجتمع علمه الحياء
وعلمه الستر، لا.. وإنما فطرة فطره الله تعالى عليها. الدليل يفوت أخوه
الكبير ويفوت خاله والأم تحمي الطفل أو تغير له تجد الطفل ستر نفسه دلالة
على أن الحياء فطرة فيه، القصص من سن سنتين يبدأ الطفل يُحكى له القصص
فينام على سرد القصص، وخياله يعمل، من سن سنتين، معناها أيه، معناها أنه
القصص فطرة، فالقصص القرآن يلبي الفطرة ويخاطب الفطرة ويأتي منسجمًا تمامًا
مع الفطرة، وهذه النقطة التاسعة من المقدمة الأولى.
- القصص
أحسن وسيلة للتربية، وتحميل القيم، وتقمص الشخصيات المثالية، وإعطاء
الرموز و القدوات والأسوات، والإنسان أيضًا مفطور على التأسي و الاقتداء
وأن يكون له مثل أعلى من الخلق مفطور على هذا. وقد جعل الله ـ سبحانه
وتعالى ـ لنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ المثل الأعلى والقدوة والأسوة (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(الأحزاب: الآية21) هذا النبي الأسمى خَلقًا وخُلقًا ـ عليه الصلاة والسلام ـ يُقال له (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ) يعني إخوانك الأنبياء الذين سبقوك (فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ )(الأنعام: الآية90)
فإذا كان الكامل ـ عليه أزكى الصلوات ـ مأمورًا أن يقتدي بالهداة القادة
من قبله. فكيف المأمومون وراء إمامهم العظيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ من
باب أولى أن نكون مأمورين بالاقتداء، من باب أولى حاجتنا أمس، لأننا
مملوءون بالنقص، فحاجتنا للاقتداء أمس، والكامل مع ذلك يُقال له اقتد
بالأنبياء من إخوانك الذين سبقوك.
إذًا:
أحبابنا كانت هذه النقطة الأولى بينت فيها وجه أهمية القصص القرآني، من
المقدمة الأولى من النقطة الأولى ننتقل إلى المقدمة الثانية أو النقطة
الثانية. النقطة الثانية مدارها حول أغراض القصص القرآني. أقول في هذه
النقطة هذا كتاب حكيم، نزل من إله حكيم، في ليلة فيها يُفرق كل أمر حكيم،
على نبي حكيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ لينشئ أمة ذات رشد وحكمة.
إذًا
هذا القصص المعروض في القرآن العظيم ليس للتسلية، ولا هو لإسداء الفراغ،
ولا هو للتشويق، لا إطلاقًا، التشويق موجود، والناحية الفنية الجمالية
موجودة، لكن هناك حكم وأغراض وأهداف ومقاصد سامية عالية جدًا. القرآن
الكريم راعاها وراعاها، فجاء قصص القرآن ملبيًا هذه الأغراض، موصولا القارئ
والمستمع موصلا إياه إلى هذه الحكم والغايات والمقاصد.
إني
مستعرض وإياكم ـ إن شاء الله تعالى ـ بعض هذه الأغراض وبعض هذه المقاصد،
ولكن في البداية أقول أظن أن حديثنا عن عدد من المقاصد أنه هذه هي المقاصد
والأغراض، لا.. إنما أنا بس حصرت الأغراض في عشر أغراض، وإلا لو جئتم إلى
الصافي كما يقولون فأغراض القرآن لا يكفيها أن نقول عشرة أغراض ولا مائة
ولا ألف... هذا بحر مليء بالكنوز والدرر واللآلئ واليواقيت، وأعظم من الماس
والله، لكن أين الغواص الذي يلتقط هذه الدرر من أعماق هذا البحر والكنز
المعرفي الهائل والعظيم، القرآن وقصصه؟
إذًا:
مع أغراض هذا القصص المقدمة الثانية إني مفصلها في عشرية ثانية ـ إن شاء
الله ـ ولكن في حلقة تالية بحول الله أبين فيها عشرة أغراض هي من أمهات
أغراض القصص القرآني، لكن الأغراض الثانوية والأغراض التفصيلية هذه لا
تنتهي، كلما نظرت أُسعفت بأغراض جديدة.
لا
أريد أن أملكم أو أثقل عليكم، فإلى الملتقى أستودعكم الله،أحباءنا
المستمعين، أخواتنا الكريمات المشاهدات والمشاهدين إلى الملتقي. أستودعكم
الله. حياكم الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.