ماذا يفعل من أصيب بالخمول والتعب؟
http://www.4cyc.com/play-WLZ1Fycf_XM
فضيلة الشيخ هذا سائل يقول: أنا إذا طلبت العلم وحفظت القرءان يأتينى خمول وكسل, فهل من توجيه؟ جزاكم الله خيراً.
توجيهى ان تترك الخمول والكسل. اذا يأتيك اشرد منه..نعم, اذا الانسان كان صادقاًَ فى أمر لا يأثر فيه خمول ولا كسل. لو قيل لك ان بهذه الدار الف ريال نعطيك اياها اذا انتظرت الى ساعه, لا والله لو انتظرت الى آخر النهار, بس بشرط انك لا تنام ولا تتكاسل ولكن تقف على رجليك, ماذا يكون؟
كيف بسلعة الله الغالية. أى خمول وأى كسل؟ يُطرد عنك الخمول ويُطرد عنك الكسل اذا تذكرت ما عند الله سبحانه وتعالى.
أى خمول أو كسل يأتى للانسان وهو فى مجلس العلم, وهو يعلم أنه تحفه الملائكة؟
أى خمول أو كسل يأتيه وهو يجلس فى مجلس يعامل فيه ملك الملوك, وإلاه الاولين والآخرين؟
عبد اعرض عن الدنيا وأقبل على ربه, أى خمول وأى كسل يأتيك وأنت تنشر كتاب الله بين يديك؟
(فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)) عبس.
أى خمول وأى كسل يأتيك وأنت تفتح كتاب الله الذى فيه الاخبار والآثار التى تقض المضاجع وتبكى العيون وتخشع القلوب؟
أى خمول وأى كسل وأنت فى جدٍ لا لعب فيه وفى حقٍ لا باطل فيه؟
أى خمول وأى كسل؟
لاننا لم نعرف الله حق المعرفة. خمول وكسل لاننا لم نعلم اين نحن. شخص يأتى ويذهب الى مجالس العلم وهو لا يستشعر ان الله يسمعه ويراه. يا هذا لو علمت أى شئ أخذت لو أخذت كتاب الله؟
يا هذا لو علمت من تعامل وانت خارج من بيتك الى حلقة من حلقات الذكر؟
يا أى ليلة تلك اللليلة التى سهرت وتعبت ونصبت وانت تقرأ كتب الله أو تقرأ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لتحفظها للامة؟
ألا تعلم أن الملائكة تتنزل لانك فى عمل صالحٍ يُرفع فتفتح له أبواب السماء. هذا الذى تجلس من أجله, وهذا الذى تكتبه, وهذا الذى تسمعه, وهذا الذى تقرأه ذكر لك فى الدنيا والآخرة.
هذا الذى تقرأه وتسمعه وتنظره وتعيه وتفهمه ترفعُ به درجتك, وتكفر به خطيئتك.
هل شعرت يوم خرجت من بيتك أنه ربما تخرج الى مجلس من مجالس العلم, وأنت أصدق ما تكون مع ربك, ينظر الله الى قلبك وليس فيه احد سواه, وقد تخرج وأنت فى خضم الشواغل والمشاغل, وقد تخرج وأنت سهران الليل فتقول: أريد أن أبقى على سهرى لأرضى ربى. فتخرج الى هذا المجلس لله وفى الله, لا رياء ولا سمعة فتبعث الملائكة لتشهد على عملك الذى عاملت فيه ربك, فاذا بك فى هذا المجلس تُخط لك الحسنات وتُرفع لكَ الدرجات. فيا لله كم من طالب علم رجع إلى بيته كيوم ولدته امه. ويا لله من طالب علم خرج من أجل أن يقرأ القرءان, وأن يحفظ القرءان لأمة محمدً صلى الله عليه وسلم وكأن لسان حاله يقول: أشهدك يا رب أنى أريد أن أحمل كتابك بين دفتى صدرى لوجهك وابتغاء ما عندك. ومنهم من خرج ليتعلم سنة النبى صلى الله عليه وسلم وكأن لسان حاله يقول: يا رب غفلت الناس ولهت بالدنيا وإني أريد الآخرة, أريد ما عندك, أريد رحمتك, أريد فضلك, أريد الدرجات العلى من الجنة, أريد أن أتعلم العلم الذى يقربنى إليك. ما خرجت من بيتي لا أشيراً ولا بطراً ولا رياءاً ولا سمعة. خرجت لك ولوجهك وابتغاء مرضاتك, فارفع درجتى وكفر خطيأتي, وبارك لي في علمي واجعله علماً شافعاً نافعاً يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون.
أين أنت من هذه الرياض الزاكية؟ أين أنت من هذه المجالس التى فيها الدرجات العلى من الجنة؟
يسأل الله ملائكته وهو بخلقه عليم, فيذكرونك, تصعد الملائكة الى ملك الملوك وجبار السماوات والارض. ما سألهم عن الذين شيدوا, ولا عن الذين بنووا, ولا عن الذين سادوا فى الدنيا, ولا عن الأغنياء, ولا عن الأثرياء, ولا عن العظماء, سأل عن من جلس فى مجلس يذكر فيه الله, فحفتهم الملائكة, وغشيتهم الرحمة, لأنهم جاؤوا متاجرين مع الله, فارتفعت هذه الملائكة إلى ربها, فيسألهم الله, الله أكبر هذه مجالس العلم التى تنام فيها, والتى تخمل فيها.
أين أنت؟ أين أنت؟
أنت تعامل ملك الملوك وإله الأولين والآخرين.
يسأل الله ملائكته البررة الحفظة عن هؤلاء الذين جلسوا فى بيت من بيوته. ما جلسوا للدنيا ولا جلسوا للبيع ولا للشراء ولا للأخذ ولا للعطاء ولا للشعر ولا للنثر ولا للتباهى, جلسوا ليتعلموا شيئاً يقربهم إلى الله, فيقول الله جل جلاله فى آخر الأمر –وما أدراك ما آخر الامر؟ فأواخر الأمور التى بينك وبين ربك كلها خير وكلها نفحات ورحمات وودٌ وبر- يقول الله لهم: ماذا يسألونني؟ ماذا يسألونني؟ من هم هؤلاء القوم؟ ما هى حاجتهم؟
الله أكبر..ل شعرت وأنت تجلس الساعة أو الساعتين أن الله يسأل؟ كما جلست فى مجلس هذا العلم, كما أحببت العلم وأهله, وتقربت الى ربك وخالقك بهذا العلم فانظر أين منزلتك.
يقول الله تعالى: ماذا يسألونى؟ يقولون: يسألونك جنتك. قال: فهل رأوها؟ كيف لو رأوها لكانوا أشد طلباً لها.
ثم فى آخر الحديث يقول الله لهم: قد غفرت لهم. تقول الملائكة: يا رب ان فيهم فلان عبداً خطاءاً كثير الذنوب مر فجلس معهم. قال: وله قد غفرت, هم القوم لا يشقى بهم جليس.
هذا الذى تنام ويصيبك الخمول عنه شهد الله من فوق سبع سماوات أن صاحبه لا يشقى. العلم هذا..أى شئ هذا العلم؟ أغنى الله العلماء, فليس هناك فى هذه الدنيا والله أغنى ممن علم وصدق فى علمه. والله الذى لا اله غيره ولا رب سواه لو خير العالم العامل بعلمه بين صفحة من صفحات هذا العلم من الكتاب والسنه وبين الدنيا وما فيها من مالها وثرائها وجاهها وأنسها وبزخها والله لاختار الصفحة واعتز, بل انه يرى أنه لا يمكن يلتفت الى هذه الدنيا.
أى شئ أعطاك ربك؟ أى شئ ترتج له السماوات السبع العلا؟ ألا تعلم أنك لو طلبت هذا العلم, وأعطيته حقه ونبذت الكسل والخمول وأقبلت على ربك بصدق وجد واجتهاد, وأظهرت لله أنك تعظمه وتعظم هذا العلم الذى تطلبه, فان الله يفتح عليك سعادة لا تشقى بعدها أبداً, وأن الله يفتح عليك بهذا العلم باب رحمة لا تعذب بعدها أبدا.
لقد طلب أقوامٍ العلم فصدقوا مع ربهم فصدق الله معهم. فيا لله من قبور تنورت لأهلها بالعلم والعمل. يا لله من أقوامٍ إرتحلوا من الدنيا وبقيت آثارهم وعلومهم ترفع بها درجاتهم, وتكفر بها خطيئاتهم.
يا طالب العلم استفق من المنام, وانتبه من الفغلة, وتذكر ربك ذى الجلال والإكرام.
إن الأسى والشجى أننا ما قدرنا الله حق قدره, ما أسفنا على راحة الأبدان ولا على صحبة الخلان, ولا على ما يكون وما كان, ما أسفنا والله إلا أننا ما قدرنا الله حق قدره.
هذا العلم ليس محلاً للخمول. هذا العلم ترجف به القلوب, كيف تنام وأنت فى ذكر الجنة والنار؟ كيف يلذ النوم من لا يعلم يسلم فى أخراه أو لا يسلم؟ كيف تتلذذ بالراحه والخمول وأنت فى سلعة الله عز وجل التى تنتظرها أمة من بعدك؟
عار على طالب العلم ألا يقدر الله حق قدره. لقد فاتت الدنيا ومضت زينتها وزخارفها, فتباً لدنيا أبعدت طالب علمٍ عن الله, وطوبى ثم طوبى لم عظم الله حق تعظيمه, وأجل الله حق جلاله, وعرف لهذا العلم حقه وقدره.
يا طالب العلم اتق الله, واعلم أن الله مطلع على سريرتك, فاذا أردت أن تطلب العلم فاملأ قلبك تعظيماً لله وخشيةً لله لتكن من السعداء الفائزين الأولياء الأصفياء الأتقياء.
إن العلم ليس للهو ولا للخمول.
(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)) المزمل.
واعلم أنه لا يأتيك الكسل والخمول إلا بسبب الذنب, ولا يأتيك الانصراف عن العلم الا بسبب الغفلة, ودواء ذلك ما أرشدك إليه ربك, أكثر من الاستغفار والتوبة الى الله عز وجل. وقل اللهم انى اعوذ بك أن تحرمنى خير ما عندك بشر ما عندي. سل الله أن يغفر ذنباً يحول بينك وبين العلم, فليس هناك حرمان أعظم من حرمان العلم والعمل.
اللهم بعزتك وجلالك وعظمتك وكمالك أسألك علماً يقربنا إليك. اللهم ارحم ضعفنا واجبر كسرنا وأمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم اشرح بالعلم صدورنا, ونور به قلوبنا, وسدد به ألسنتنا, واعصم به جوارحنا, وخذ بنواصينا لكل عمل يرضيك عنا.
اللهم إنا نسألك علماً يقربنا إليك.. اللهم إنا نسألك علماً يقربنا إليك. اللهم اصرف عننا فى العلم كل ما يحول بيننا وبينك. نعوذ بوجهك من الرياء.. نعوذ بوجهك من الرياء, نعوذ بوجك من السمعة. اللهم اجعلنا ممن خافك واتقاك وابتغى رضاك فألهيته عن كل سمعة ورياء ملأت قلبه بخشيتك وجعلته من الأصفياء.
اللهم خذ بنواصينا لما يرضيك عنا. اللهم اجعل عظنا فى هذا العلم أوفر الحظوظ, واجعل علمنا شافعاً نافعاً يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتاك بقلب سليم.