بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فإن حق الوالدين عظيم قرنه الله سبحانه وتعالى بحقه وتضافرت
نصوص الكتاب والسنة في الترغيب في برّهما وبيان حقهما
والترهيب من عقوقهما، وبين يديك أخي المسلم ذكر لبعض
فضائل برّ الوالدين وتحريم عقوقهما:
1 - إن الله قرن حقهما بحقه، قال تعالى:
وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23].
وقال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ [ لقمان:14].
2 - إن الله أمر بصحبتهما والإحسان إليهما ولو كانا كافرين، قال تعالى:
وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا[ لقمان:15]
في صحيح مسلم عن أسماء بنت ابي بكر رضي الله عنهااا قالت
:- قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله فاستفتيت
رسول الله، قلت: قدمت عليّ أمي وهي راغبة - أي طامعة فيما
عندي - أفأصل أمي؟: قال: { نعم صلي أمك }[متفق عليه].
3 - برهما من الجهاد، عن عبدالله بن عمرو قال: جاء رجل إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد، فقال:
{ أحيّ والداك؟ } قال: نعم، قال: { ففيهما فجاهد } [متفق عليه]
وعن أنس قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه قال: { هل بقي من والديك أحد؟ }
قال: أمي، قال:
{ فأبل الله من برّهما، فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد }
[رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط]، قال المنذر: إسناده جيد، وحسنه
العراق والهيثمي، ومعنى: { فأبل الله في برّها } أي: أحسن فيما بينك
وبين الله يبرك إياها.
وفي بعض الحاديث قدّم برّهما على الجهاد، ففي حديث ابن مسعود قال:
قلت: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال: { الصلاة على وقتها }
قلت: ثم أي؟ قال: { بر الوالدين؟ } قلت: ثم أي؟ قال:
{ الجهاد في سبيل الله } [متفق عليه].
4 - طاعتهما من موجبات الجنة، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول:
{ رغم أنفه، رغم أنف، رغم أنفه }، قيل: من يا رسول الله؟ قال:
{ من أدرك والديه عند الكبر، أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة } [رواه مسلم]
وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله يقول:
{ الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه }
[رواه الترمذي، وقال: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والألباني]
قال القشيري: { أوسط أبواب الجنة }، أي: خير أبوابه.
وعن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى رسول الله فقال: أردت الغزو
وجئت أستشيرك؟ فقال: { هل لك من أم؟ } قال: نعم، فقال:
{ فالزمها فإن الجنة عند رجليها }
[رواه أحمد، وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وحسّنه الألباني]
ورواه الطبراني في الكبير بلفظ: { ألك والدان؟ } قلت: نعم، قال:
{ الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما }، قال المنذري عن إسناد الطبراني: إسناد جيّد.
5 - رضى الله في رضى الوالدين، عن عبدالله بن عمرو رضي
الله عنهما أن رسول الله قال: { رضى الله في رضى الوالد وسخط الله في سخط الوالد }
[رواه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم والألباني]
ورواه الطبراني بلفظ: { رضى الرب في رضى الوالدين وسخطه في سخطهما }
وصححه الألباني أيضاً.
6 - برهما سبب مغفرة الذنوب، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن
رجلاً أتى النبي صلى الله عليه ويلم فقال: يا رسول الله، إني أصبت
ذنباً عظيماً فهل لي من توبة؟ فقال:{ هل لك من أم؟ }
قال: لا، قال: { فهل لك من خالة؟ } قال نعم، قال: { فبرّها }
[رواه الترمذي، وقال: هذا حديث صحيح، وصححه ابن حبان]
وعن مالك بن عمرو قال: قال رسول الله :
{ من أعتق رقبة مسلمة فهي فداؤه من النار، ومن أدرك أحد والديه
ثم لم يغفر له فأبعده الله وأسحقه }
[قال المنذري: رواه أحمد من طرق أحدهما حسن].
7 - برّهما سبب في تفريج الكربات، ويدل على ذلك قصة الثلاثة الذين
انطبقت الصخرة على فم الغار الذي هم فيه فتوسلوا إلى الله بصالح
عملهم، فتوسل أحدهم ببره بوالديه والثاني بكمال العفّة والثالث بتمام
الأمانة ففرّج الله كربتهم بزوال الصخرة عن فم الغار، والقصة في
الصحيحين.
8 - برهما سبب في سعة الرزق وطول العمر وحسن الخاتمة ،عن أنس
قال، قال رسول الله :
{ من أحبّ أن يبسط الله في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه }
[متفق عليه]، وعن علي قال: قال رسول الله :
{ من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة
السوء فليتق الله وليصل رحمه }، قال المنذري: رواه عبدالله بن
أحمد في زوائده والبزار بإسناد جيد. وبرّ الوالدين أعلى صلة الرحم
لأنهم أقرب الناس إليك رحماً.
9 - دعوة الوالد على الولد مستجابة، ويدل على ذلك قصة جريج العابد
الذي دعت عليه أمّه لما ترك إجابة ندائها أن يريه الله وجوه المومسات
أي الزواني - فاستجاب الله دعاءها، والقصة في الصحيحين، وعن
أبي هريرة قال: قال رسول الله :
{ ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة
المسافر، ودعوة المظلوم } [رواه أحمد وصححه القرطبي في التفسير]
وقال الذهبي: سنده قوي، وحسّنه الألباني.