:al-salam:: الامتحان دائمًا موقفٌ لا يحبهُ الإنسان (إلا في حالاتٍ نادرةٍ طبعًا)، فرغم أننا كلنا بني آدمَ الذي اختار أن يحمل الأمانة، بعد تخوف الأرض والسماوات منها، إلا أننا كثيرًا ما نعاني بسبب اختيارنا!
فالامتحان دائمًا مدعاة للقلق (والقلق هو شعور بعدم الاطمئنان والتوجس من شيءٍ غير محددٍ تماما أو مجهول تماما على عكس الخوف الذي هو شعورٌ أيضًا لكنه يمثلُ ردَّ فعلٍ تجاه شيءٍ محددٍ ومعروف)، وواقع الحال في النفس البشرية هو أن الفصل ما بينَ الخوف والقلق ليس بهذه البساطة التي عرضت بها، بل إن الغالب هو أن خليطًا من الشعور بالخوف والشعور بالقلق يوجد دائمًا داخل كل إنسان.
فمثلاً في ليلة امتحان مادةٍ ما والتي يفترضُ أنك ذاكرت قبلها تلك المادة وربما راجعتها أو راجعت ما تمكنت من مراجعته منها ولنقل الأطر العامة والأسئلة المتوقعة، في هذه الليلة يمكنُ أن تشعر بالقلق وبالخوف معا وفي نفس الوقت، فيمكنُ أن تشعر بالقلق لأنك تخاف من عدم القدرة على التذكر (أو هكذا تقول لنفسك مثلاً)، رغم عدم منطقية ذلك لأنك ذاكرت من قبل، ويمكنُ أن تشعر بالقلق من أن يجيء الامتحان طويلاً فلا تتمكن من كتابة كل ما تعرف، أو أو أو، فهناك عددٌ لا حصر له من الأفكار التي قد تمر بخيالنا في ليلة الامتحان، وأحيانا نشعرُ بالقلق ليلة الامتحان ولا ندري لماذا هذا القلق، رغم أننا استعدينا بما فيه الكفاية.
كما يمكنُ أن تشعر بالخوف أيضًا في ليلة الامتحان فمثلاً إذا كان هناكَ جزءٌ ما من هذه المادة تعرف أنك لم تذاكره أو لم تحسن مذاكرته أو فهمه، فإن احتمال أن يكونَ هذا الجزء موضعَ سؤالٍ في الامتحان سينتجُ لديك الشعور بالخوف! فهنا أنت تعرف أن هذا الجزء إذا سئلت فيه فلن تستطيع الإجابة بالشكل المطلوب على الأقل! وهذا ردٌ فعلٍ منطقي اسمه الخوف لأمرٍ منطقي محددٍ! وهو أن تُسألَ فيما لا تحسن الإجابة عليه.
المهم أنهُ أيًّا كان الخوف أو القلق فإن ما يشعرُ به الإنسان هو نفس الخليط من المشاعر بعدم الاطمئنان وعدم الراحة والرغبة في الهروب أو الخلاص، وعادةً ما يصاحبُ ذلك الخليط من المشاعر بعض الأعراض الجسدية كالرعشة وجفاف الحلق وربما زيادة ضربات القلب والشعور بضيق النفس مما قد يؤدي إلى سرعة التنفس إلى آخر ذلك من أعراض.
ومن المهم أيضًا عند هذا الحد من التوضيح أن أبينَ أن الخوف والقلق كنوعين متداخلين من أنواع المشاعر هما من المشاعر اللازمة لحياة الإنسان، فالخوف والقلق هما المختبئان خلف دافع الإنسان للعمل في كافة مجالات حياته (خاصةً تلك التي لا ترتبط ارتباطًا مباشرًا باللذة أو الغرائز)، فنحنُ نستطيع ببساطةٍ أن نقول : لولا الخوف والقلق لنمنا على أسرتنا أمام أجهزة التليفزيون، وجعلنا حولنا من نحب، ولولا الخوف والقلق لما صحوت من نومك أصلاً لتذهب إلى الامتحان الذي لا تحبه، -ولا نخفي عليك أننا أيضًا لا نحبه-! ولولا الخوف والقلق لما صحونا من نومنا لسبب غير الأكل.
لكن هذا النوع من الخوف والقلق هو النوع الصحي، وهو مختلفٌ تمام الاختلاف عن القلق المرضي، وإن كان الفصل بينهما ليس دائمًا سهلاً كما ذكرنا من قبل.:السلامة: </B></I>