السلام عليكم .. لااتوقع احدآ في الدنيا عاش ما شاء الله لة ان يعيش فيها ولم يسلم من همومها .. وهناك انواع واشكال منها ودرجات في الشدة .. ونتائج بعض تلك الهموم تصل لدرجات من الكفر والانتحار والتضجر والهروب منها الى غيرها وعدم الحكمة وحسن التصرف الذي على اساسة سيكون الفرج .. ولكن سيتغير مفهوم الهم لدى الكثيرين عندما يعرفون أي الهموم أعظم درجة و أخف وطئآ وأجمل عملآ وألذها طعمآ و أحبها للقلب السليم .. نعم .. إن للهموم لذة وطعم ممتع للنفس المهمومة اذا كانت تلك الهموم في الله ولأجلة .
بل ويعجب العقل من لذتها وطعمها وإطمئنان النفس فيها بعكس ما تلاقية النفس المهمومة بغير الله من ضيق وحَزن وتشائم وتعكير للمزاج .. وحينها تدرك الفرق الكبير بينهما وتتمنى بحق .. الا يفارقها ذلك الهم في الله ولأجلة .
اخوتي إن مازادني رغبة في كتابة هذا الموضوع قصة حدثت مع احد الاصدقاء العاملين في الحرم المكي الشريف قبل أسابيع .. يقول : كنت واقفآ بجوار حِجر سيدنا اسماعيل علية السلام وإذا بشاب يقف بجواري يريد ان يصلي داخل الحِجر فأخذنا نتحدث عن مواضيع تتعلق بالمكان الذي نقف فية الى أن سألني سؤال ادهشني حيث قال : اريد أن أبكي !
فقلت لة بسيطة .. أنت في المكان الذي تُسكب فية العبرات وأخدتة الى الملتزم .. أعظم وأكرم وأطهر وأفضل نقطة في الكون سموات وأرض .. وأوقفتة بين باب الكعبة و الحجر الاسود وكان المكان مزدحم وصوت البكاء عالي قليلآ وقلت لة هل ترى هؤلاء قال نعم قلت هل تسمع بكائهم قال نعم قلت إذآ انتظر حتى يخرج احدهم وقف مكانة ثم تذكر ذنوبك وتقصيرك في جنب الله وستخرج دموعك رغمآ عنك والقاك بعد ربع ساعة ولم اتركة حتى التصق جسده بذلك المكان المقدس والمعظم من الله قبل عِباده .. فذهبت بعيدآ عن المكان ثم بعد ذلك جائني فقلت لة مازحآ هنيئآ لك ذلك البكاء اكيد انك اغرقت الاحرام بالدموع حيث انة كان معتمرآ .. فقال لي ما صدمني حيث قال : لم أبكي !!! وكان بالفعل وجهة لايدل على ما تدل علية وجوة الاشخاص الذين رأهم من آثار البكاء على الوجه !! فقلت لة حسنآ تعال معي فأخذتة وجلسنا .. وسألتة لماذا لم تبكي فقال لم يأتني شعور بالبكاء فقلت لة ألست مثل البشر لك هموم وذنوب تود أن تتخلص منها قبل مماتك .. فقال إن همومي وذنوبي هي ما جعلني اقوم بالعمرة فقلت هل دعوت بشدة ورغبة فقال بلى حتى عصرت عيناي !! فقلت لة حدثني عن نفسك وعن همومك من اي نوع هي فقال انا انسان احب الضحك والمرح ولكن همومي هي ما يعكر نفسي ويزيدها قلقآ.. فقلت لة وما اثقل تلك الهموم فعدد لي امور اقتصادية واجتماعية وغيرها من ثانويات المسلم ولم يكن فيها شيئ واحد لله حتى انة كان صريحآ جدآ معي وقال لي عن نفسة مالا يليق ذكرة حتى أني طلبت منة أن نخرج من الحرم لكي لا يذكر ذلك الكلام فية مما يوحي بقلة معرفتة بامور دينة البسيطة فقلت لة إذآ لن تبكي وانت على هذة الحال فقال لي بنبرة ندم .. اعرف ذلك !! واريد ان اتغير لكي ابكي مثل هؤلاء الناس فقلت لة : طالما ان الدنيا في قلبك وبهذا الحجم ايضآ فلن تتلذذ بالبكاء حتى لو بكيت !!
عندها قام الرجل وجلس امام وجهي مباشرة واقترب مني لشدة اني ابتعدت عنة وقال نعم تكلم عن هذا فأخذت احدثة عن الامور التي يعرفها اي مسلم من حيث ان عُمر الانسان ينتهي والهموم لاتنتهي فهي سُنة من سنن الله في خلقة مثل الخير والشر والغنا والفقر ولكن اذا احسنا التصرف والتعامل معها بما يُخفف وطأتها بتبديل التفكير فيها بالاهتمام بما يهم اي مسلم من الهم في الله ولاجلة وكلنا واقع فيها من خوف من الله ورجاء رحمتة وما سيكون علية حالنا في الآخرة والعمل في الدنيا بما ينفعنا في آخرتنا حتى لانندم في ذلك اليوم طالما اننا أحياء وقادرين على ذلك ولكن ما ينقصنا هو ان نبالغ في خوفنا من الاخرة اكثر من خوفنا من الدنيا وان يكون اكثر ما يؤرقك اما التقصير في حسن التعامل مع والديك او اهلك او الناس وغير ذلك من الامور التي يحبها الله ورسولة من المعاملات الحسنة والتي نسيئ التصرف معها احيانآ وان يكون قلقنا وهمنا عند تأخير الصلاة اكبر من قلقنا من تأخير اي امر دنيوي وهكذا .. فقال لي وهو مستعد للنهوض وبنبره خافتة اريد ان اصلي ركعتين في الحِجر فترك متاعة عندي حتى نقودة ثم عاد بعد وقت حتى أني قمت ابحث عنة ووجهة مختلف تمامآ عما كان علية ثم قال لي اريد رقم جوالك فضحكت وأدركت انة ظن بي اكبر من حجمي فقلت لة اخي .. الكلام الذي حدثتك بة 90 في المئة منة درسناه و10 في المئة ثقافة عامة فلا تظن ان كل ما حدثتك بة انا قائم علية فانا والله لم ابلغ نصفة ومثلي مثلك مٌنهك بالذنوب والهموم ونيتي مثل نيتك نريد التخلص منها والفرق بيننا اني لازلت اعرف هذا الكلام وانت عرفتة الان ورُب سامعٍ اوعى من مبلغ .. وأظن انك افضل مني فانا نشأت وتعلمت هذا الكلام بدون اختيار مني ولكن انت سمعتة ثم اخترتة بحريتك فلا تظن بي خيرآ منك فنحن في البشرية سواء .. فقال لي لم اسمع مثل هذا الكلام مع اني أصلي فقلت لة لانك لم تسلك الطريق الذي يوصلك الية بالقرائة .. ثم وعدني خيرآ بنفسة ثم أفترقنا على خير .
سأل أحد طلاب العلم شيخة قائلآ : كيف اعرف اني احب الدنيا او الآخرة .. فقال شيخة إذا كانت صدقتك احب اليك من مالٍ يأتيك فأنت تحب الآخرة واذا كان غير ذلك فانت تحب الدنيا .
يقول رسول الله صلى الله علية وسلم " من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له ، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة " صحيح ابن ماجة
دمتم سالمين .