[right](( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ))
(( إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ))
ما زلنا نبحث عن وسائل متعددة لإصلاح الأسرة المسلمة هذه الأسرة التي هي مفتاح الهزائم ومفتاح الانتصارات .. فبقدر ما تكون قريبة من الإسلام فإنها تكون سعيدة منتجة وبقدر ما تكون بعيدة عن الإسلام تكون شقية متفرقة.
ذكرنا نقاطا :
• تخفيف مثيرات الشهوة في البيوت " صيد الفوائد تربة الأبناء "
• اشاعة ثقافة المصارحة في البيوت . "
• مراعاة الفروق الفردية في الأسرة
نتابع اليوم:
تعليم الأولاد أدب الاختلاف ضمانة لأسرة متماسكة :
يشكو كثير من الآباء الشجار المتكرر بين أولادهم , وأنه ما إن يخرج من البيت حتى يسمع صوت أولاده قد وصل إلى الشارع ويسمع صوت زوجته وهي تصيح عليهم , وربما يرى الشجار بينهم بأم عينه فلا يعلم كيف يوفق بينهم وكيف يجمعهم وكيف يزيل الشقاق بينهم ؟!
إن هذا الشجار الذي يقع في البيت المسلم إنما هو صورة مصغرة لما يقع في المجتمع المسلم بين الأفراد وبين الدول .
فإذا كان الله قد وصف المؤمنين بأنهم إخوة فقال تعالى " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون " (10) الحجرات
فهذا يعني أنهم يعيشون في بيت واحد لكنه كبير بعض الشيء وهو المجتمع بأكمله , ومع هذا الوصف الذي وصفه الله للمؤمنين بأنهم أخوة لكن كثيرا منهم لم يحققوا هذه الأخوة على واقع الأرض بل استبدلوها حقدا وحسدا حتى صار شعار العالم الإسلامي :
نقذف نشتم نتشاجر نحسد نبغض نتفاخر
وكل منا يتهم الآخر
إن المشاجرة بين الأبناء في البيت الواحد مشكلة كبيرة جدا قد تؤدي في بعض الأحيان إلى التفكير السلبي بأن يؤذي الأخ أخاه ويكيد له كيدا وقد ذكر الله سبحانه وتعالى كيف كاد أخوة يوسف لأخيهم حتى أنهم باشروا العمل وألقوه في غياهب الجب قال تعالى:
" فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون "(15) يوسف
لذلك كان لزاما على الآباء أن يتعلموا كيف ينقلون أبناءهم من هذه الحالة السلبية إلى حالة أخرى أقل سلبية وأكثر إيجابية وهذا يكمن في أساليب كثيرة منها تعليم الأولاد أدب الاختلاف واحترام الآخر وهو موضوع مهم جدا في العلاقات الأسرية والاجتماعية .
ومعنى أدب الاختلاف ببساطة : أن أحترم الذي أمامي بما يقول ويطرح ويفكر وأن أنطلق في محاورته من نقاط الاتفاق لا من نقاط الخلاف .
لذلك كان الفقهاء يقولون كلامنا صواب يحتمل الخطأ ز تأكيدا منهم على قبول الرأي الآخر واحترامه.
إن أدب الاختلاف عبادة لله سبحانه لأنه طاعة لله وطاعة للرسول الكريم عليه السلام وليس هناك أوضح دلالة من الآيات والأحاديث في ذلك
فلا بد أن نعلم أولادنا منذ صغرهم أدب الاختلاف وإقناعهم بأننا لا يمكن أن نسوق العالم كله لأفكارنا دون أن نعطي للطرف الآخر إبداء ما عنده وحرية التفكر والتصرف
والتركيز على هذا الأدب ضمانة أكيدة لأسرة متماسكة فالذي يخالفني في الرأي هو أخي واستيعاب هذا الخلاف عبادة لأن النبي عليه السلام كان يستمع تماما إلى ما يقوله المشركون ثم بعد ذلك يعرض عليهم الإسلام ويناقشهم ويحاورهم دون حديات جازمة
إننا بتعليم أولادنا هذا الأدب نجتنب نقطتين مهمتين :
- الأحادية : فينشأ الطفل وهو يعلم أن كلامه ليس نهائيا إنما قابل للمناقشة والحوار ولا بد له من تقبل الآخر .
- تجنب الصراخ والشجار : فالذي يظن أنه ضعيف بفكرة يستعيض عنها بالصراخ وربما القوة العضلية .
إن الاختلاف هو سنة الله في عباده لكن يجب أن نعلم أن الاختلاف شيء والتنافر شيء آخر , لذلك لابد أن نعلم أولادنا كيف نختلف والأدب الضابط لذلك.
ويجب أن نعلم أيضا أن الشجار والتنافر بين الأولاد في البيت له أسباب عديدة ومن هذه الأسباب :
1 – الغيرة والتفضيل بين الأولاد .
2 – انشغال الآباء عن أولادهم .
3 – شجار الأبوين أمام أولادهم .
4 – عدم وجود برنامج للأولاد يشغلهم عن الخلافات التافهة .
وبمعرفة هذه الأسباب ومعالجتها يمكن أن ينشأ الأولاد على درجة عالية من الوعي في هذه الأمور .
ولعل أبرز النتائج التي يمكن تحصيلها من تعليم الأولاد هذا الأدب هي:
1- التماسك الأسري .
2- القدرة على المحاورة والمناقشة .
3- تقبل الآخر .
4- توسيع الآفاق وتمحيص الأفكار كما قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : إني رأيت مناقشة الرجال تمحيصا لأفكارهم .
والله ولي التوفيق